إذا لم يسبق لك أن سافرت بالباخرة الـ«كروز» (Cruise) من قبل، فلا تنكر وتقل إنك لا تظن أن هذا النوع من السفر هو حكر على المسنين والمتقاعدين، لكنك لست الشخص الوحيد الذي يعتقد أن هذا النوع من العطلات هو موجه للشياب، ومعك كل الحق لكي تفكر على هذا النحو. ففي استطلاع للرأي أخير أجري في الولايات المتحدة الأميركية تبين أن الذين لم يجربوا من قبل السفر على الباخرة يعزفون عن الفكرة ظنا منهم أن الـ«كروز» مخصصة لسفر كبار السن كما أنها طريقة سفر مملة، في حين تبين أن نسبة 90 في المائة من الذين جربوا السفر بالباخرة أعادوا الكرة أكثر من مرة ليصبح الإبحار أفضل عطلة سنوية بالنسبة لهم ولجميع أفراد العائلة.
السفر بالباخرة يختلف ويتنوع، بدءا باختلاف الوجهة وانتهاء بنوع الباخرة وحجمها وما تحويه من نشاطات ومقاصف سياحية على متنها، فبعضها أشبه بمدينة عائمة أو فندق يطفو على وجه الماء.
في أول مرة سافرت بها بالباخرة كنت مترددة إلى أن بدأت الرحلة، لأجد نفسي أقوم بحجز الرحلة التالية فور عودتي.
هذه المرة اخترت شركة «رويال كاريبيان» التي تبحر من عدة مرافئ حول العالم، وبما أنني أسعى إلى وجهة دافئة في عز الشتاء الأوروبي فكان لا بد من السفر إلى أماكن دافئة، وليس أجمل من جزر الكاريبي أو الباهاماس في هذه الفترة من السنة.
انطلقت الرحلة من لندن إلى مطار هيوستن، ومنه، وبتنظيم لافت من شركة الـ«كروز» حيث يمكنك حجز السفر بحرا وجوا وبرا من خلالها، كانت في انتظارنا حافلة نقل أقلتنا إلى مرفأ «غالفستن» الذي يبعد نحو ساعة ونصف الساعة من المطار، لكن هنا يجدر التركيز على نقطة مهمة، فإذا كنت تسافر من بلد بعيد فمن الأفضل الإقامة في فندق قريب من المرفأ قبل ليلة من الإقلاع، تحسبا لأي تعطيل أو تأخر في جدول السفر بالطائرة.
رحلتنا كانت على متن سفينة «ليبرتي أوف ذا سيز» (Liberty of the Seas) التابعة لـ«رويال كاريبيان» الشركة التي حصلت بداية هذا العام على جائزة أفضل شركة «كروز» في العالم. وسفينة «ليبرتي» ليست الأكبر حجما لكنها لا تقل رونقا وجمالا عن السفينة الأكبر على الإطلاق التابعة لنفس الشركة والتي تحمل اسم «ألور» (Allure)، وامتدت الرحلة على مدى 7 ليال تضمنت ليلة رأس السنة.
وبرنامج الرحلة كان مقسما ما بين تمضية بعض الوقت على متن الباخرة في أحضان المحيط ومياه الكاريبي وبعض الجزر الجميلة مثل «مونتيغو باي» في جامايكا و«كوزوميل» في المكسيك وجزر «كايمن آيلاندز» الكاريبية.
أهم شيء في السفر على طريقة الـ«كروز» هو التخطيط المسبق، بدءا باختيار الشركة السياحية، مرورا باختيار الوجهة وانتهاء باختيار السفينة والبرنامج والغرفة (بعض الغرف بشرفة خارجية وبعضها الآخر يطل على الداخل أو من دون نافذة)، والأهم هو إلقاء نظرة على المرافئ التي سترسو عندها الباخرة ليوم كامل، للتعرف على ما يمكن أن تقوم به من دون تضييع أي وقت، كما أن السفن السياحية تقوم بتنظيم رحلات «Excursions» عند وصولها إلى بر أي وجهة، وقد تكون هذه الطريقة جيدة لكي تتمكن من رؤية أهم ما تزخر به كل وجهة في أقل وقت ممكن، خاصة أن زيارة كل جزيرة عادة ما تكون من الصباح الباكر وحتى غروب الشمس.
السفر بالباخرة آخذ بالتطور والتوسع في الآونة الأخيرة، ولهذا نرى الشركات السياحية الكبرى مثل «رويال كاريبيان» و«سيليبريرتي» و«ديزني» وغيرها تستثمر الكثير من المال في تحسين أسطولها وتكبير حجم سفنها وتقديم الأفضل لأن المنافسة قوية جدا.
ليست كل السفن متساوية، القديمة منها أصغر حجما، كما أنها لا تناسب المسافرين الذين يعانون من إعاقة جسدية، بعكس السفن الجديدة فهي أوسع وديكوراتها رائعة أشبه بفنادق الخمس نجوم، وفيها مزايا عديدة وبرك سباحة عملاقة مع إمكانية التزحلق على الماء وجدار للتسلق ومسارح ومقاه وبوتيكات للتسوق.
* عشرة أسباب تجعلك تسافر على متن باخرة
1 -السبب الأول الذي سيقنعك بالسفر على الباخرة هو أنك تبدأ إجازتك منذ اللحظة الأولى التي تصل فيها على متن السفينة التي تفتح أبوابها من العاشرة صباحا وحتى الثالثة بعد الظهر، فتستطيع الوصول في الوقت الذي يناسبك، وما إن تصل حتى تجد طعام الغداء بانتظارك في بوفيه مفتوح، وهكذا تبدأ الرحلة. ومن الناحية المادية فإذا ما فكرت في هذا الجانب فستجد أن ما يضمه العرض والسعر جيد جدا خاصة أن الطعام والشراب من ضمن السعر، كما أن مرافق الأكل متوافرة على مدار الساعة، وخلال وجودك على الباخرة فإنك لن تحتاج إلى استعمال النقود لأن مفتاح غرفتك سيكون بمثابة بطاقة ائتمان.
الدفع الإضافي يكون للانضمام لرحلات منظمة في البر أو النشاطات المتوافرة في الجزر، مثل ركوب الخيل في البر والبحر في جامايكا بسعر 100 دولار أميركي للشخص الواحد، أو السباحة مع الدلافين في «كايمن آيلاندز» (بنفس السعر)، أو السباحة مع السلاحف المائية.
2 -عدة رحلات في رحلة واحدة قد تكون متعبة، إنما إذا اخترت السفر على الباخرة فسوف تزور أكثر من بلد واحد في أسبوع دون الحاجة إلى فك الحقائب وتوضيبها أكثر من مرة، كما أنك ستتمكن من التعرف على أكثر من ثقافة وتقوم بأكثر من نشاط في كل مرة ترسو بها السفينة في جزيرة أو مدينة، كما أن الباخرة تضم مركزا صحيا رائعا مع صالون تجميل، فهذه فرصة حقيقية للراحة لمن لا يرغب في اكتشاف خارج الباخرة.
3 -الأسعار التنافسية قد تكون من بين الأسباب التي ستقنعك بالسفر على الباخرة، ولو أن السعر للوهلة الأولى سيكون مرتفعا بعض الشيء، لكن عندما تدرك ما تحصل عليه من خلال هذا المبلغ الذي غالبا ما يضم سعر تذاكر السفر بالطائرة وخدمة التوصيل من المطار إلى الفندق أو المرفأ والأكل خلال الرحلة والسهرات والمسرح فسوف تعرف حينها أن السعر مناسب جدا.
4 -إذا كنت برفقة الصغار فلا تفكر مرتين في اختبار رحلة على متن الباخرة، هذا النوع من السفر وجد ليحل مشكلة السفر مع جميع أفراد العائلة من جميع الأعمار. فتوجد نواد مخصصة للصغار من جميع الأعمار بمن فيهم الرضع، كما توجد نواد أخرى للمراهقين تقدم الألعاب الإلكترونية، وهناك ملاعب لكرة القدم وكرة السلة والغولف.
5 -في الكثير من الأحيان عندما نعود من إجازة نشعر بأننا بحاجة إلى قسط من الراحة وإجازة أخرى، ولكن إذا اخترت السفر على الباخرة فالأمر يختلف تماما، لأنك لست مضطرا للخروج منها للمشي والتعب، فلديك الخيار للبقاء على الباخرة والجلوس في أماكن مخصصة للكبار، تكون هادئة ولا يسمح للأطفال بالدخول إليها، فتكون فرصة حقيقية للاسترخاء إلى أن يأتي وقت المساء لكي تتمتع بالأكل في أحد المطاعم.
6 -الطعام خلال السفر مهم جدا، فعندما تختار الباخرة يجب أن تضع نصب عينيك أن أكثر نشاط ستقوم به هو الأكل. العاملون على متن الباخرة أشبه بخلية نحل لا تتوقف عن العمل على مدار الساعة، ففي الوقت الذي يقدم فيه بوفيه الفطور يكون العاملون على أهبة الاستعداد لتقديم الغداء من ثم العشاء، وإضافة إلى الأكل في المطعم الذي يقدم الأكل على طريقة البوفيه توجد مطاعم أخرى يمكنك الاختيار من بينها.
وهنا أنصحك بأن تتوجه إلى مطاعم مختلفة كل مساء بدلا من الشعور بالتراتبية من خلال التوجه إلى المطعم عينه في نفس الوقت من كل مساء، وتقدم «رويال كاريبيان» ما يعرف بـ«وقتي» (My Time)، وهي خدمة تمكنك من الطعام في أي وقت تريده.
7 -لا شك أن التسوق مهم جدا لشريحة كبيرة من السياح، لذا تنبهت شركات السفن السياحية وحولت طابقا بأكمله إلى سوق حقيقية تنتشر فيها الكافيهات والبوتيكات، فتشعر وكأنك في شارع في إحدى المدن العصرية، وتوجد محلات لبيع أدوات التجميل والألبسة، وفي كل يوم تعرض قطع جميلة مثل الساعات والشنط بأسعار تنافسية.
8 -الفن من الأشياء التي تجذب السياح، فهناك من يأتي من أقاصي العالم لمشاهدة مسرحية ما في لندن أو برودواي في نيويورك، وإذا كنت من عشاق الفن والمسرح فستعشق السفر بالباخرة، فمرتان من كل مساء يتم عرض مسرحية تشارك بها نخبة من الممثلين العالميين، كما تقدم عروض السحر والتزحلق على الجليد، وهذا الأمر في حد ذاته أداة جذب للسياح.
9 -فرصة لتجمع العائلة، خاصة أن ضغط العمل يحول دون تجمع أفراد العائلة في مكان واحد، فخلال الأيام التي تبحر بها الباخرة دون توقف تكون هذه الفترة فرصة حقيقية لتجمع العائلة والقيام بنشاطات عائلية مسلية، حيث توجد عدة ألعاب ينظمها عاملون على متن الباخرة تلم شمل العائلات في أجواء مرحة ومسلية.
10 -إذا كنت تعيش بالقرب من المرفأ الذي اخترته، فلن تكون أمامك مشكلة الوزن الزائد مثلما يحدث عندما تسافر بواسطة الطائرة، فيمكنك أن تشد حقيبتك من دون التفكير بالدفع لقاء الحمولة الزائدة، ولمحبي الأناقة والاهتمام بالهندام الخارجي، فقد خلقت الـ«كروز» لتكون مسرحا للملابس الجميلة والمظهر الحسن، فتقام على متن السفينة حفلة خاصة برعاية القبطان، حيث يتوجب على الحاضرين التأنق واختيار أجمل الملابس، وهذا ما يضفي رونقا على الباخرة فترة المساء.