في فصل البرد تكثر إصابة الأطفال بالرشح الذي يعتبر من أكثر الأمراض انتشاراً في العالم. وهناك أكثر من ٢٠٠ فيروس تتسبب في أمراض الرشح، من هنا اعتقاد الأهل بأن طفلهم لا يشفى أو أنه مريض بشكل دائم، والسر في ذلك هو العدد الكبير من الفيروسات المسببة للرشح.
ويصاب الأطفال بالرشح من ٥ إلى ٨ مرات سنوياً، ومن الأسباب الرئيسة لذلك بقاؤهم وقتاً طويلاً في أماكن التجمعات العامة، مثل المدرسة والحضانة واختلاطهم مع الآخرين طوال النهار. أيضاً هناك سبب آخر لكثرة الرشح عند الأطفال هو أن جهازهم المناعي ليس قوياً بما فيه الكفاية، كما الحال عند الكبار.
وتستغل الفيروسات التقلبات المناخية الطارئة للهجوم على الجسم لإحداث مجموعة من العوارض المزعجة. وهي تسافر بسهولة من طفل إلى آخر بواسطة قطيرات الرذاذ المتناثرة عبر الأثير أثناء العطاس أو السعال والتي يحملها الهواء معه لتستقر في الجهاز التنفسي، خصوصاً الجزء العلوي منه، كالأنف والحلق. وقد تبقى الفيروسات بصورة موقتة عند البعض من دون ظهور عوارض أو علامات معينة، أما لدى البعض الآخر فتستغل الفيروسات الفرصة لتتكاثر في الغشاء المخاطي المبطن للجهاز التنفسي العلوي محدثة تغيرات فيزيولوجية وبيولوجية تؤدي إلى التهاب يحدث زوبعة من المظاهر السريرية أبرزها سيلان الأنف، والأنف المسدود، وارتفاع الحرارة، وألم الحلق، والسعال، ونقص الشهية على الطعام، والإرهاق والتعب.
وتدوم مظاهر الرشح من خمسة إلى سبعة أيام، وفي بعض الأحيان قد تمتد إلى ١٥ يوماً. ومهما كانت مدة الرشح فإن عوارضه ترن في جميع أركان البيت. ولا يوجد حتى الآن علاج يشفي من مرض الرشح، وكل ما يمكن عمله هو التخفيف من آثار المرض على الجسم. وفي الحال الطبيعية يمكن لمناعة جسم الطفل أن تسمح بالتخلص من الرشح من دون أدوية، لكن في حال كانت عوارض الرشح ثقيلة فإن خير ما يمكن فعله هو الإسراع في علاجها للتخفيف من وطأتها على الطفل. ويُنصح على هذا الصعيد بالآتي:
– إلزام الطفل بالبقاء في سريره.
– رفع رأس الطفل قدر الإمكان من أجل منع الاختناق بالمفرزات.
– ترطيب جو المنزل للتخفيف من حدة السعال الجاف والحد من وقع الرشح على الأنف والحنجرة.
– إعطاء الطفل كميات كافية من السوائل النافعة إذا كان عمره يسمح بذلك.
– العمل على شفط المفرزات الأنفية من أجل تسهيل عملية التنفس.
– تقطير الماء الدافئ أو المالح في الأنف بضع مرات في اليوم، فقد ثبت أن مفعولها يفوق مفعول الأدوية في إزالة الاحتقان منه.
– إعطاء خافضات الحرارة، وطبعاً يجب الامتناع عن إعطاء الأسبيرين لمن هم دون ١٢ سنة لأنه يمكن أن يسبب مضاعفات خطيرة في حال الإصابة بفيروس الأنفلونزا.
– إعطاء شوربة الدجاج الساخنة للأطفال فوق أربع سنوات.
يتم تشخيص الرشح بناء على العوارض والفحص السريري في المقام الأول، وقد يلزم أحياناً الاستعانة بالفحوص المخبرية. وقد يرافق الإصابة بالرشح التهاب في ملتحمة العين أو بحة في الصوت أو تقرحات في الفم أو إسهال أو احتقان في اللوزات وتضخمها.
وإذا ما أُهمل علاج الرشح فقد تحصل مضاعفات، مثل التشنجات الحرورية (الاختلاجات) بسبب الحمى، والتقرحات المزمنة في البلعوم، والتهاب الأذن الوسطى، والتهاب الجيوب الأنفية، والتقيحات والخراجات حول اللوزات وحول البلعوم، والتهاب الرغامى والقصبات والرئة، وإذا كان الطفل يعاني من الربو فإن الرشح قد يكون سبباً في اندلاعه.
وعلى الأهل استشارة الطبيب إذا شكا الطفل من عارض أو أكثر من العوارض الآتية:
> استمرار الحمى لأكثر من ١٢ ساعة على رغم العلاج.
> صعوبة في التنفس.
> إذا تقشع الطفل مفرزات بلغمية صفراء أو مضرجة بالدم.
> إذا بدا الطفل متعباً أكثر فأكثر.
> السعال المستمر.
> سيلان الأنف لأكثر من ١٠ أيام.
> ظهور بوادر ألم في إحدى الأذنين أو كليهما.
> إذا عانى من وجود صلابة في النقرة.
> تضخم في العقد اللمفاوية في الرقبة.
> آلام في الصدر أو في البطن.
وفي الختام، لا يجب نسيان التدابير الوقائية التي تعزز مناعة جسم الطفل وتساعده على مواجهة الفيروسات التي تحاول استغلال أي ثغرة للعبور إلى الجسم، وتشمل هذه التدابير الآتي:
> الحرص على إعطاء الطفل اللقاحات الوقائية اللازمة في مواعيدها.
> التركيز على تزويد الطفل بالخضروات والفواكه الغنية بالفيتامين سي ومضادات الأكسدة.
> إعطاء الطفل وجبات متنوعة ومتوازنة تحتوي على كل العناصر التي يحتاجها الجسم.
> إبعاد الطفل عن المدخنين والمصابين بالرشح.
> الحفاظ على التدفئة المناسبة في المنزل.
> تجديد تهوية المنزل بشكل دائم.
> عدم ترك الطفل يستخدم أدوات أو مناشف الغير.
> إذا كان الطفل في عمر الاستجابة لتعليمات الأهل فيجب الطلب منه أن يغطي أنفه وفمه عند العطاس أو السعال.
> العناية بالنظافة الشخصية.
> الحرص على تنظيف الأماكن التي يكون الطفل على تماس مستمر معها.
> تجنيب الطفل التنقلات المفاجئة من الجو الحار إلى الجو البارد.
> الفحص الطبي الدوري.
> تحاشي تقبيل الأطفال.