طوت سورية سنة جديدة كلها دمار ودماء من أزمتها المستمرة منذ خمسة أعوام، وودّعت 2015 بما لا يقل عن 55 ألف قتيل جديد من المدنيين والمقاتلين السوريين والأجانب الذين حاربوا بعضهم بعضاً، مع النظام وضده. وتأتي هذه الحصيلة للضحايا التي أوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان، وسط تحضيرات لـ»حوار» مرتقب بين النظام والمعارضة في جنيف يوم 25 كانون الثاني (يناير) الجاري برعاية الأمم المتحدة التي تسعى إلى حل يوقف نزف الدم في سورية الذي حصد منذ 2011 قرابة 300 ألف قتيل ومئات آلاف الجرحى والمفقودين وملايين النازحين واللاجئين.
وأفرجت السلطات السورية في وقت متقدم ليل الأربعاء عن عضوين في «هيئة التنسيق الوطنية» بعد اعتقالهما لساعات أثناء توجههما إلى الرياض للمشاركة في اجتماع تعقده الهيئة العليا للتفاوض. وأكدت «هيئة التنسيق» الإفراج عن أحمد العسراوي ومنير البيطار وهما عضوان في «الهيئة العليا للمفاوضات» التي تشكلت في أعقاب الاجتماع الموسع للمعارضة في العاصمة السعودية بهدف التحضير لجولة الحوار مع ممثلي النظام في جنيف أواخر كانون الثاني الجاري.
وأشارت وكالة «رويترز» إلى مشكلة تتناول تحديد من هم «الإرهابيون» المفترض أن لا يشملهم أي اتفاق لوقف النار يجري العمل عليه بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة المعتدلة والمفترض أيضاً أن يتعاون الجانبان مع المجتمع الدولي في قتالهم. وكشفت «رويترز» مسودة وثيقة للأمم المتحدة تتضمن ثمانية «مبادئ إطارية» تلتزم بها كل الدول وجماعات المعارضة المسلحة التي ستوقع اتفاق وقف النار في سورية. وتطرح الوثيقة أيضاً قضايا لم يجر التفاوض عليها بعد ومنها تحديد «المنظمات الإرهابية المسموح بقتالها». وفكرة وقف النار التي أيدها مجلس الأمن الشهر الماضي بطلب من قوى دولية وإقليمية كبرى من بينها الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا ستستبعد جماعات متشددة مثل تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة»، لكن ديبلوماسيين يقولون إن النتيجة قد تكون وقفاً فوضوياً وجزئياً لإطلاق النار توقف بموجبه الحكومة وفصائل المعارضة المعتدلة القتال في ما بينها لكنها تواصل قتال «داعش» والجماعات الأخرى الموصومة بالإرهاب.
وذكرت الوكالة «من المرجح أن يكون هناك اتفاق سريع على بعض المبادئ الإطارية» مثل الاعتراف بوحدة الأراضي السورية، لكن ستظل مسائل أخرى عبئاً قائماً ومنها المطالبة بانسحاب «المقاتلين الأجانب الموجودين في شكل غير قانوني في سورية». وقد تتيح تلك الصياغة للرئيس بشار الأسد المجادلة بأن الإيرانيين والروس والعناصر الشيعية العراقية وغيرهم ممن يدعمونه جاؤوا إلى سورية بدعوة منه ومن ثم فإن وجودهم قانوني، وهو موقف ستقاومه بالتأكيد جماعات المعارضة والفصائل المسلحة.
ميدانياً، استمرت المعارك العنيفة في مدينة الشيخ مسكين بريف درعا الشمالي والتي تعرضت لمزيد من الغارات الروسية لعرقلة هجوم معاكس تشنه فصائل المعارضة لاستعادة السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية الواقعة ضمن خط الدفاع الجنوبي عن دمشق. وفي حين ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره بريطانيا) أن القوات الحكومية فقدت عنصرين خلال معارك الشيخ مسكين، قال «حزب الله» اللبناني الذي يقاتل إلى جانبها إن الجيش السوري «صدّ هجوماً للمسلحين داخل المدينة ومنعهم من استرجاع أي من المواقع التي خسروها»، مضيفاً أن القوات الحكومية واصلت تقدمها داخل المدينة و «باتت في عمقها».
وشن الجيش الحكومي، في غضون ذلك، هجوماً مفاجئاً في ريف محافظة القنيطرة وتمكن من السيطرة على قرية الصمدانية الغربية، لكن فصائل المعارضة استرجعتها بعد ساعات في هجوم معاكس.
ونشر المرصد السوري تقريراً مفصلاً أمس عن النزف البشري الذي تعاني منه سورية في عامها الخامس من الحرب، وقال إن 55 ألفاً قُتلوا خلال العام 2015. وإن القتلى المدنيين بلغوا 20977 هم 2574 طفلاً و1944 أنثى فوق سن الثامنة عشرة و8931 رجلاً فوق سن الثامنة عشر، إضافة إلى 7728 من «عناصر الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية».
وتابع أن الخسائر البشرية في صفوف القوات الحكومية بلغت 8819، فيما قُتل 7275 من عناصر «جيش الدفاع الوطني» و «كتائب البعث» و «اللجان الشعبية» و «الحزب السوري القومي الاجتماعي» و «الجبهة الشعبية لتحرير لواء اسكندرون» والشبيحة والمخبرين الموالين للنظام. وأضاف أن عدد قتلى «حزب الله» بلغ 378، فيما سقط 1214 قتيلاً في صفوف موالين للنظام من الطائفة الشيعية من جنسيات عربية وآسيوية وإيرانية ومن «لواء القدس» الفلسطيني ومن المسلحين الموالين للنظام من جنسيات عربية.
وبحسب المرصد قُتل 16212 من جنسيات عربية وأوروبية وآسيوية وأميركية وأسترالية ينتمون إلى «الكتائب الإسلامية المقاتلة» وتنظيم «داعش» و «جبهة النصرة» و «جنود الشام» و «جند الأقصى» و «تنظيم جند الشام» و «الحزب الإسلامي التركستاني».