بمناسبة حلول عيد الرأفة والحنان “عيد الأم” \ يوسف زهوة

من يوسف زهوه :

بمناسبة حلول عيد الرأفة والحنان “عيد الأم”

أود المشاركة ببضعِ كلماتٍ ، علّها توصل شوقي ومعايدتي لأُمٍّ رحمها الله …

وبعد ان كانت كل أيامنا أعياد ، بوجود من يدللنا ويحرص على رضانا وصحتنا وضحكتنا

وبوجود من يربت على كتفنا ويحنو علينا وعلى أولادنا ..

فُجعنا بأختطاف الضحكة من لبّنا وإقتلاعها من جذورها ، وبِـ إختناق البسمة قبل أن تصل وجنتينا ..

فُجعنا بإختطاف أنفاسنا وكبتُها ، وبِـ دفن الحنان تحت ذراتٍ رملية رطبة ..

فُجعنا بضيق الدنيا ونحافتها ، وبِـ إنعكاس لون السماء لينصبغ ويبدو كلون الفحم في أعيننا ..

فُجنا بدمعنا اللذي يكاد ينفجر لشدّة صاعقتنا ، وبِـ صوتنا اللذي يكاد يسمع لشدّة عويلنا ..

فُجعنا ببتر ساقنا ونحن ما زلنا نقف عليها ، وبسلبنا حواسّنا رغم أننا لا زلنا نشعر بها ..

فُجعنا بإحتضار أحلامنا وهي على وشك الولادة ، و بِـ سرقة أيامنا منا كمن يسرق اللقمة من فمٍ جائع ..

فُجعنا بسلخ ملابسنا عنّا ، و بِـ دهس أحذيتنا التي ما عادت تتسع لأرجلنا ..

فُجعنا بتعرّينا من فرحتنا وبهجتنا وقهقهتنا .. لنرتدي الحزن والكآبة والمقت والوحدة ..

لنرتدي وجوهاً عابسة تكاد ملامح البسمة تُعكس عليها ..

لنرتدي أرواحاً باردة يخيل لي بأن برودتها كفيلة بأن تحوّل بركة ماء لِـ لوحٍ جليدي ..

لنرتدي قلوباً منهكة هشّة لستُ واثقاً من نبضها ..

لنرتدي الأسود ، ونسلخ الألوان عن جلدنا ، ونمسك الحداد من يدة ونرافقة بأولى خطواته ، ونكفُّ عن تربية أولادنا بأنشغالنا بتربية الشارب واللحية

لنعلن للعالم حزننا ومقتنا ..

فُجعنا بأحتيال القدر علينا وإنشغالنا بمداعبته لنا ليغافلنا ويختطف أنفاس أُمٍّ ربّت تسعة نفراً وحدها دون بعلاً ولا أباً ولا أخاً ..

ليختطف أنفاس أُمٍّ رهنت حياتها من أجل تسعة نفراً وها هي قد فقدتها ..

ليختطف أنفاس أُمٍّ حملت في رحمها تسعة نفراً وخبأت كل نفر في لبّها تسعة أشهر ليشاركها غذائها وشرابها ودقات قلبها ، ليشاركها البهجة و الكآبة وطعم السكر ومذاق الملح ، ليشاركها حياتها ..

فُجعنا بمكر القدر وقسوة الحياة علينا ..

ولكن ، لنا رب كفيل بمحاكمة القدر على ما سلب ، ومعاقبة الحياة على ما قست ..

ربٌّ لا إعتراض على حكمة وما أمر

أسألة الرأفة بأُمٍّ سيطر العجز على جسدها حتى فنى ..

بأُمٍّ أغرقت التجاعيد وجهها و جلدها ، وكلل الشيب شعر رأسها ، وتآكلت عضامها حتى ووأدت ..

أسألة المغفرة لروحها وإسكانها فسيح جناته ..

 

وأسألكم الرأفة بمن رهنت حياتها من أجلكم والعطف على قلب ما مل من نفوركم له دوماً

والعون لجسد أعياه ما مر عليه من تعب بسبب راحتكم ..

أسألكم الخضوع والخشوع لقدمين لطالما خُدشت لتحجب السوء عنكم ..

أسألكم تقديس حرفان ” ألف ، وميم ” !

نعم هما حرفان ، ولكنهما كفيلان بمحو الأميّة عند لفظهما ، بما يحملان من معانٍ وعواطف .

وأخيراً أود إنهاء ما خطّه قلمي ببضع كلمات من نسجِ قلبي .. ألا وهي

ألف حب والاف التقدير لكل أم على قيد الحياة ، وألف رحمة وآلاف الصلوات لكل أم صعدت روحها لجوار ربّها ففارقت الحياة .

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

.