شهدت تركيا عاصفة سياسية أمس، بعدما بلغت الحرب بين رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وجماعة رجل الدين التركي فتح الله غولن تصعيداً لا سابق له، إذ نشر مجهولون على موقع «يوتيوب» تسجيلاً لمكالمات هاتفية مفترضة أجراها أردوغان مع ابنه بلال صباح الكشف عن قضية الفساد التي طاولت عدداً من وزراء الحكومة ومقربين منها في 17 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وتعهدت مواقع معارضة نشر صور لبلال أردوغان وهو يخرج مبالغ كبيرة من الأموال من بيته بعد اتصال والده المزعوم.
وسمع خلال التسجيلات الصوتية التي اعتبرتها الحكومة مفبركة، أردوغان وهو يعطي أوامر لابنه بالتخلص مما لديه من أموال نقدية مخبأة في المنزل، خشية أن يصل المحققون إليها، فيما بدا أردوغان الابن عاجزاً عن نقل تلك الأموال خلال مهلة 48 ساعة.
واستفزت تلك التسجيلات أردوغان الذي سارع إلى عقد اجتماع مع رئيس الاستخبارات هاكان فيدان لتقويم الوضع، وأصدر بياناً رسمياً ينفي صحة التسجيل ويصفه بأنه «مركبة وخدعة لا أخلاقية»، لا تستهدفه وحزبه فحسب، بل تشكل «اعتداء وتطاولاً على رئاسة الوزراء التركية».
وخصص رئيس الوزراء جزءاً كبيراً من كلمته الأسبوعية أمام نواب حزبه في البرلمان، لهذا الموضوع. وتوعد الرد بالمثل على جماعة غولن التي اتهمها بفبركة هذه الأشرطة وتلفيقها. وقال: «سترون خلال أسبوع أو عشرة أيام، أننا سنذيع نحن أيضاً فضائحهم وتسجيلاتهم كما يفعلون هم الآن، وسنريكم كم هو سهل فبركة الأشرطة وتلفيق تسجيلات».
وأشار أردوغان إلى أن جماعة غولن تنصتت في شكل غير شرعي على سبعة آلاف شخص في تركيا، بينهم أيضاً رئيس الاستخبارات ووزراء ومسؤولون وصحافيون ومعارضون، وذلك من خلال «رجالها في الأمن والاستخبارات». واعتبر أن هدف التنصت ابتزاز الحكومة وخلط الأوراق». وهذه المرة الأولى التي ينفي أردوغان صحة تسجيل صوتي مسرب له، من بين 17 تسجيلاً سربت خلال شهر.
وأعلن وكيل نيابة اسطنبول بدء تحقيق حول هذه الأشرطة المسربة لمعرفة مصدرها، فيما استنفرت المعارضة، وعقد حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزابها، اجتماعاً طارئاً وجه على أثره دعوة قوية إلى أردوغان للاستقالة فوراً. وخيّره زعيم الحزب كمال كيليجدار أوغلو الذي أذاع الأشرطة في اجتماع لحزبه في البرلمان، بين الاستقالة أو الهروب بمروحية مثل الرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش، فيما دعا دولت باهشلي زعيم حزب الحركة القومية مدعي عام المحكمة الدستورية إلى بدء تحقيق فوري في محتوى الأشرطة وإحالة أردوغان على القضاء فوراً بتهم الفساد.
وانتقدت المعارضة إعلان أردوغان عزمه على تغيير العاملين في «الهيئة العليا للعلوم والأبحاث» المسؤولة عن تقديم تقارير حول صدقية الأدلة في القضايا الجنائية، واعتبرت ذلك محاولة لتحريف أي تقرير عن صدقية الأشرطة. وكان أردوغان قال: «إن بعض ما تم تسريبه من مكالمات جرى من خلال هواتف مشفرة تابعة للدولة، ما يعني أن من كان يتنصت كانت له ذراع طويلة داخل الدولة ويجب قطعها».