تتناول المخرجة آمال قيس\ابو صالح، في عملها المسرحي الجديد “عَ الفيس…” المشكلات الكثيرة والواسعة التي يواجهها مدمنو موقع التواصل الاجتماعي”الفايس بووك”، خاصة وسط جيل المراهقين في الجولان، وأبرزها مشاكل التربية والثقافة والعلاقات الاجتماعية، من خلال عدة سكيتشات مسرحية ممتعة تحاكي جملة من التساؤلات التي فقدنا الاجوبة عليها.. نحن جيل الاباء ..
“عَ الفيس…”، عباة عن محاولة لاختراق اسرار عالم المراهقة ومشكلاته، وكشفها أمام ذواتننا بشكل جريء وصريح، عبر مجموعة جديدة من “الأبطال الصغار” لمسرح عيون، بعيداً عن المثالية والأقنعة التي نتستر خلفها نحن أولياء الأمور وطاقم المربيين والمربيات والقائمين على مشروع التربية والتعليم في مختلف المؤسسات الرسمية والاجتماعية. حيث يحتجز “الفيس بووك “طواعيةً بين صفحاته أبناءنا وأطفالنا، بعيداً عن عيوننا “وصدورنا “، ويجذبنا إليه نحن الكبار باغراء وفضول وسباق مع الزمن الافتراضي، في العالم الافتراضي، لمواكبة تطورات العصر والمعلوماتية والعلاقات الاجتماعية “الحديثة” التي ترتكز على صورنا وأشكالنا المثالية الراقية في عالم التكنولوجيا، وعلى “بشاعة هذه الثورة الاجتماعية والعائلية” التي تحدث في عوالمنا الفردية والجمعية وما تحمله من إيجابيات وسلبيات في آن واحد..
لا أحد منا يرغب أن يفقد أولاده في عالم الضياع والاستهتار واللامبالاة تجاه الذات والاخرين، الذي توفره شبكات التواصل الاجتماعي وعالم الانترنت والتكنولوجيا، الذي يبدو غريبا على عقول وأذهان المئات من جيل الآباء والأمهات، خاصة إن افتقرت هذه الشبكات الى الرقابة المباشرة والغير مباشرة من الأهالي وطواقم المربين والمربيات في المدارس.
ولا يختلف اثنان على واقع خطورة الفيس بووك والعالم الافتراضي على المراهقين والفتية من الشباب والفتيات والأطفال على حد سواء، “وربما علينا نحن الكبار ايضاً”، لما يوفره من حرية شخصية افتراضية. كما لا يختلف اثنان على أهمية الفيس بووك في اكتساب معارف ومعلومات وثقافات وقيم جديدة، ومساهمته في تفتح وإنضاج عقولنا، فهو كما استبدل الاجتماعات واللقاءات السرية للثوريين، الذي انتفضوا وثاروا من اجل التغير الاجتماعي والسياسي في مجتمعاتهم المقموعة، فانه بنفس الوقت لا يزال عالماً افتراضياً يحمل خطورة بالغة تشكل سلاح ذو حدين علينا وعلى ابنائنا اجتماعياً واخلاقياً وسياسياً وامنياً..
عالفايس.. هي سكيتشات مسرحية من عالم الفيس بووك تقدمها أمال قيس في مسرح عيون مع مجموعة من أبطالها الأطفال من طلاب مسرح عيون، الذين يحاولون اختصار مقولة أحد الكتاب الكبار في عالم الصحافة: “الفيس بووك دمر ما عجزت عنه ثورات دموية، وحل مكان وسائل الإعلام ومنابر الخطابات والإعلانات، واستبدل العلاقات الاجتماعية والعائلية بين أفراد العائلة والمجتمع الواحد بنسبة مقلقة جداً، وهذا إن دلّ على شيء فعلى تفشي هذا الموقع وتغلغله في مجتمعاتنا إلى حد كبير.. وهو ما زال يقلب الأنظمة العنيدة والكبيرة الواحد تلو الآخر، علماً بأنّ ثورات وانتفاضات مسلّحة قد فشلت في هزّ عرش الحكّام من قبل.”
كان من المفترض ان يتم عرض العمل الجديد في الثامن والعشرين من الشهر الجاري وفقاً للبرنامج المقرر “هذا الشهر في الجولان”، إلا آن شهر شباط لا يغادر ابداً دون أن يترك وراءه بعضاً من الألم والإعياء على أجساد وصحة بعضاً من أبطال العمل… فاقتضي التأجيل لعدة أيام أخرى …