
مع دخول الأزمة الإنسانية في محافظة السويداء مرحلة غير مسبوقة من التدهور، باتت منطقة صلخد وقراها، الواقعة في ريف المحافظة الجنوبي، الملاذ الأبرز والبيت الآمن لآلاف العائلات التي نزحت قسراً من قراها وبيوتها بعد الاجتياح العسكري الأخير.
بدأت موجات النزوح الداخلي في 14 تموز/يوليو، عقب تصاعد القصف واستهداف المدنيين في مدينة السويداء وعشرات القرى. واستمرت الموجات خلال الأسابيع اللاحقة، كان آخرها في 4 آب/أغسطس بعد خرق الهدنة واستهداف أحياء سكنية بالقذائف والرصاص.
وبحسب تقديرات محلية من لجان الإغاثة، وصل العدد الإجمالي للنازحين في منطقة صلخد – بما يشمل المدينة والقرى المحيطة – نحو 100 ألف شخص، أي ما يعادل قرابة 30 ألف عائلة. ورغم عودة جزئية لبعض السكان بعد تأمين مناطقهم، إلا أن الغالبية العظمى لا تزال في صلخد، حيث تواجه أوضاعاً معيشية بالغة الصعوبة.
استضافة تفوق القدرة: المجتمع الأهلي في مواجهة الأزمة
استقبلت مدينة صلخد وحدها قرابة 10 آلاف شخص، توزّعوا على منازل الأهالي، حيث استضافت بعض المنازل أكثر من أربع عائلات نازحة في المنزل الواحد، في مشهد يعكس تضامناً أهلياً مؤثراً.
النادي الرياضي في صلخد تحوّل إلى واحد من أكبر مراكز الإيواء، حيث استقبل منذ اليوم الأول ما يقارب 800 شخص. تراجعت الأعداد لاحقاً مع عودة بعض العائلات، قبل أن ترتفع مجدداً بعد موجات النزوح الأخيرة. يشرف على المركز ناشطون ومتطوعون مدنيون، بعضهم مرتبط بجمعيات محلية، لكن معظمهم يعمل بصفته الشخصية.
إضافة إلى النادي، فُتحت أبواب معظم المدارس في المدينة، والثانوية الصناعية والتجارية، وكنيستي صلخد الشرقية والغربية، المقامات الدينية، وصالات أفراح، لاستيعاب الأعداد المتزايدة.
الحصار يعمّق المأساة
وسط حصار خانق على المحافظة ونقص حاد في المحروقات، تعمل فرق الإغاثة والمتطوعون في ظروف بالغة القسوة، حيث تُجبر الفرق على توزيع المساعدات سيراً على الأقدام خصوصاً في مدينة صلخد ذات التضاريس الصعبة، وذلك بسبب الشح الشديد بالوقود.
ويزيد من خطورة الوضع النقص الحاد في المواد الغذائية والأدوية، والانقطاع التام لمادة الغاز المنزلي، ما يهدد بانهيار الخدمات الأساسية ويُنذر بكارثة إنسانية وشيكة، خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء في منطقة تُعد من أبرد مناطق البلاد.
ويتحمّل المجتمع الأهلي والمغتربون العبء الأكبر في تأمين الدعم، من خلال حملات تبرع وتحويلات فردية تصل إلى الأهالي والنازحين على حد سواء. كذلك، يقدّم الهلال الأحمر السوري مساعدات تأتي عبر الممر الإنساني، تقدمها منظمات أممية وتبرعات أهلية من المغتربين، لكن الفرق التطوعية في المدينة تؤكد أن المساعدات تسد جزءاً بسيطاً، في ظل الاحتياجات الهائلة.