قطع مقاتلو المعارضة طريقي إمداد للقوات النظامية في حلب شمالاً، في وقت تبادل مقاتلو «جبهة النصرة» و «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) السيطرة على مواقع شرق البلاد قرب حدود العراق، في معارك أدت إلى مقتل نحو 90 عنصراً من الطرفين.
واتهمت المعارضة النظام بقصف مدينة حرستا شرق دمشق بغازات سامة، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص، في حين أكد الناطق باسم القوة البحرية المكلفة نقل الأسلحة الكيماوية السورية سايمون رودي، أن عمليات إخراج هذه الأسلحة «استؤنفت بعد فترة توقف». وأضاف أن الوضع الأمني في اللاذقية غرب البلاد «اعتبر جيداً بدرجة كافية» لاستئناف الشحن، مشيراً إلى أن 14 حاوية تم تحميلها منذ الرابع من نيسان (أبريل) على السفينة الدنماركية «آرك فوتورا» في مرفأ اللاذقية، موضحاً أنه ما زال من الممكن احترام البرنامج الزمني المحدد لإزالة هذه الترسانة قبل 30 حزيران (يونيو) المقبل.
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ونشطاء أفادوا أن مقاتلي المعارضة سيطروا على حاجزي المجبل والشيخ هلال الواقعين على طريق السلمية – أثريا في ريف حماة الشرقي، وقتلوا 13 من عناصر كانوا في الحاجزين واستولوا على دبابتين وأسلحة. وأوضح نشطاء أن ذلك أدى إلى قطع المقاتلين طريق إمداد الجيش الحكومي إلى حلب ومعامل مؤسسة وزارة الدفاع في السفيرة شرق حلب، تزامناً مع قيام مقاتلين من حلب بقطع أوتوستراد الراموسة، الذي يعتبر طريق إمداد للقوات الحكومية.
وردّت القوات الحكومية والطيران بقصف مناطق في بلدة كفرزيتا المجاورة، بعدما انفجرت عبوة ناسفة ليل أول من أمس في «سيارة تابعة لقوات الدفاع الوطني (الموالية) في منطقة السطحيات في ريف مدينة سلمية، ما أدى إلى مقتل ثلاثة عناصر من قوات الدفاع الوطني»، وفق «المرصد».
وفي إدلب المجاورة في شمال غربي البلاد، سيطرت الكتائب المقاتلة على حاجز مفرق بلدة حيش عقب اشتباكات مع القوات الحكومية منذ صباح أمس، «ما أدى إلى مقتل وجرح عدة عناصر من القوات النظامية وسط قصف الطيران الحربي المنطقة». كما استهدف مقاتلون بقذائف الهاون حاجز المجرشة شمال بلدة حيش، بالتزامن مع تعرض خان شيخون المجاورة للقصف.
ويسيطر مقاتلون منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2012 على مدينة معرة النعمان المجاورة لحيش في إدلب، ما أدى إلى قطع طريق إمداد رئيسي للنظام بين دمشق وحماة وحلب. وتمكن الجيش الحكومي قبل أشهر من فتح طريق إمداد بديل من حماة باتجاه السلمية، وصولاً إلى جنوب مدينة حلب. لكن المعارضة تقدمت في الأيام الأخيرة في مناطق بين حماة وريف إدلب.
وأفاد «المرصد» بمقتل 12 مقاتلاً معارضاً، وتسعة عناصر من القوات الحكومية والمسلحين الموالين في هجوم شنه مقاتلون معارضون في منطقة الراموسة في جنوب مدينة حلب، حيث تدور مواجهات قرب مبنى الاستخبارات الجوية مركز القوات الحكومية.
وفي شمال شرقي البلاد، صدت «جبهة النصرة» والكتائب الإسلامية المقاتلة هجوم «داعش»على مدينة البوكمال في دير الزور الذي بدأ فجر الخميس. وأوضح «المرصد» أن «النصرة والكتائب الإسلامية استعادت السيطرة على كامل المدينة»، وانسحب عناصر «داعش» إلى «محطة تي تو النفطية» الواقعة في البادية (الصحراء)، على مسافة نحو 60 كلم إلى الجنوب الغربي، مشيراً إلى أن معارك أمس أدت إلى مقتل 86 مقاتلاً على الأقل.
وفقد اللجيش الحكومي السيطرة على البوكمال منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2012. وانسحب مقاتلو «داعش» في 10 شباط (فبراير) الماضي من كامل دير الزور بعد معارك مع مقاتلين إسلاميين بينهم عناصر «جبهة النصرة « المرتبطة بـ «القاعدة». وطردت «النصرة» والكتائب الإسلامية من البوكمال اللواء الإسلامي المقاتل المبايع لـ «الدولة الإسلامية» الذي كان يسيطر على المدينة. وأتت الاشتباكات ضمن المعارك التي تدور منذ مطلع كانون الثاني (يناير) بين التنظيم الجهادي وتشكيلات من المعارضة المسلحة.
في المقابل، أسفرت «اشتباكات عنيفة» بين «داعش» وفصيل مقاتل موال لـ «وحدات حماية الشعب الكردي» من جهة ثانية، عن السيطرة على قرية المردود في الرقة المجاورة لدير الزور، مع استمرار المواجهات في بلدتي اللوبيدة بريف تل أبيض (كري سبي) الغربي.
وفي نيويورك، تواجه الحكومة السورية، مدعومة بديبلوماسية روسية، تركيز الدول الغربية على الملف الإنساني في سورية بتصعيد مطالبة مجلس الأمن بتحرك ضد «المجموعات الإرهابية المتطرفة». وصعدت الحكومة السورية مستوى نشاطها الديبلوماسي من خلال ما وصفه أحد الديبلوماسيين بأنه «إغراق» الأمانة العامة ومجلس الأمن برسائل رسمية تنتقد «تحيز» مسؤولي هيئات الإغاثة في الأمم المتحدة.
وكثف السفير السوري بشار الجعفري مطالباته للأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن بإدانة «استهداف المجموعات الإرهابية المدنيين السوريين واستخدامهم دروعاً بشرية»، استباقاً لطرح فرنسا مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو الى إحالة الجرائم المرتكبة في سورية الى المحكمة الجنائية الدولية.
وواكبت روسيا التصعيد الحكومي السوري بطرح مشروع بيان في مجلس الأمن يدين المجموعات المعارضة ويتهمها بالتطرف ويحملها مسؤولية عرقلة عملية تدمير الأسلحة الكيماوية. ونص مشروع البيان على أن مجلس الأمن «يعرب عن القلق من القصف المركز أخيراً من مجموعات المعارضة السورية على مدينة اللاذقية وضواحيها بما فيها الطرق المستخدمة لمرور قوافل نقل المواد الكيماوية الى المرفأ». واعتبر إن «هذه الأعمال تقوض الظروف الأمنية وتوجد عوائق أمام مواصلة نزع الأسلحة الكيماوية السورية بشكل سلس ومتواصل وسريع». لكن من الكستبعد جدا تبني هكذا مشروع قرار.
ويعقد مجلس الأمن الثلثاء بدعوة من فرنسا اجتماعاً غير رسمي «سيخصص لمناقشة تقرير التعذيب والاعدام في سجون النظام السوري» الذي كان نوقش في مجلس حقوق الإنسان. وقال ديبلوماسي معني إن «مشروع القرار الفرنسي المتعلق بإحالة سورية على المحكمة الجنائية الدولية نوقش بين الدول الغربية الدائمة العضوية، فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، وسيوزع على باقي أعضاء مجلس الأمن بعد جلسة الثلثاء».
وقال ديبلوماسيون إن مشروع القرار الفرنسي «يشدد على ضرورة إجراء المحاسبة على كل الانتهاكات التي قد ترقى الى مستوى الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سورية، وإحالتها الى المحكمة الجنائية الدولية».
وينتظر مجلس الأمن خلال أسبوعين تسلم تقرير مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس عن تطبيق القرار 2139 المعني بإيصال المساعدات الإنسانية الى سورية عبر الحدود مع الدول المجاورة. وذكّرت آموس في بيان مساء أمس الأول أن «الاعتداءات على المدنيين هي جرائم حرب وقد ترقى الى جرائم ضد الإنسانية». واوضحت ان «استخدام السيارات المفخخة والبراميل المتفجرة والقصف الجوي والمدفعي على المناطق المدنية من دون تمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين هي انتهاكات للقانون الدولي الإنساني». وشددت على ان «استخدام الحصار سلاح حرب، وتجنيد الأطفال للقتال، واستخدام العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، هي أعمال مقيتة ويجب أن تتوقف فوراً».