هناك علاقة متشعبة بين الصداع والأطعمة التي نتناولها، من نواحٍ عدة، كالتي تتعلق بإثارة تناول أطعمة معينة لنوبات الصداع النصفي، ومساهمة تناول أطعمة أخرى في تخفيف أعراض الصداع. وهناك مؤشرات علمية كثيرة تفيد بأن أتباع نظام غذائي صحي يُفيد في تقليل الإصابة بالصداع المتكرر أيا كان نوعه وفي معالجة نوباته.
إن نوبات الصداع النصفي لدى البعض قد يُثيرها تناول أنواع معينة من الجبن أو تناول الشوكولاته أو الشعور بالجوع وغيرها من العوامل ذات العلاقة بالتغذية. وتناول السوائل بالكمية اللازمة للجسم هو أحد العوامل التي تُسهم في راحة كل الجسم وعمل أعضائه بكفاءة وتحسين التركيز ورفع مستوى القدرات البدنية والعقلية، وأيضا للوقاية من الصداع ولتخفيف حدة نوباته.
كذلك، فان تناول الكميات الكافية من السوائل هو ما ينقص البعض، وخصوصا في الأجواء المناخية الحارة أو الظروف التي يتعرض فيها المرء للإجهاد النفسي أو البدني. ومن الضروري ملاحظة أن تناول الكميات اللازمة من السوائل يختلف من إنسان لآخر، ومن وقت لآخر، وحسب الجهد البدني الذي يبذله. وأهم وسيلة وأكثرها دقة لمعرفة أحدنا أنه تناول ما يكفي جسمه من السوائل هي إخراجه البول بلون أصفر فاتح، ذلك أن نقص سوائل الجسم يدفع الكليتين لتركيز البول وتقليل كمية الماء فيه، وحينما يكون لون البول فاتحا جدا فإن هذا يعني أن الجسم يمتلك الكمية الكافية من السوائل، ولذا فإن الكليتين ليستا مضطرتين لحبس الماء في الجسم، وإخراج بول ذي تركيز عالٍ من الأملاح. ومصادر السوائل متعددة، منها الماء ومنها الفواكه ومنها مشروبات عصير الفواكه وغيرها.
وتزويد الجسم بالفيتامينات والمعادن المهمة هو أمر غذائي ضروري، وحينما لا يتناول الشخصُ الكميَّةَ اللازمة من الفيتامينات والمعادن في الوجبات الغذائية بشكل يومي، فإن ذلك قد يُؤدي إلى الإصابة بعدَّة أعراض مرضية جسدية مثل الصداع، وهناك حالات كثيرة من الصداع الناجمة عن نقص في أنواع من الفيتامينات والمعادن الأساسية التي يحتاج إليها الجسمُ. ولذا فإن توفر ما يكفي من المعادن والفيتامينات بالجسم قد يُساعد على علاج الصداع والوقاية منه.
وعلى سبيل المثال، فإن نقص فيتامين «بي1» قد يُؤدي إلى الصداع وعصبيَّة المزاج وعدم القدرة على التركيز والإرهاق وأنواع أخرى من الاضطرابات العصبيَّة. كما قد يُسبب نقص فيتامين «بي2» إجهادَ العين والصداع، وثمة مؤشرات علمية على أن توفير هذا الفيتامين للجسم يُسهم في الاسترخاء ويقضي على الأرق والصداع الناجم عن التوتُّر. وكذا الحال مع قائمة طويلة من الفيتامينات الأخرى وقائمة مماثلة من المعادن كالحديد والزنك والفسفور والمغنيسيوم والبوتاسيوم وعناصر غذائية أخرى كالكافيين ودهون «أوميغا3».
وبالمقابل، فإن تنظيم أوقات تناول الطعام مهم لتقليل الشعور بالجوع. وتناول كمية معتدلة من الطعام أثناء الوجبة يُقلل من التخمة وتبعاتها ما بعد الفراغ من تناول الوجبة. كما أن تناول الأطعمة الغنية بالألياف يُقلل من حالات الإمساك ونوبات الصداع المرافقة له. ولذا فإن الغذاء الصحي، في محتواه وكميتة وأوقات تناوله، هو من أساسيات التعامل السليم مع الصداع. وأرجو أن يكون هذا الكلام المختصر مفيدا لتوضيح المقصود حول علاقة الصداع بالطعام والتغذية.