كلف الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي، المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، الذي قدم استقالته للرئيس أمس، بإعادة تشكيل الحكومة التي تعمل في ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة بسبب تداعيات الاضطرابات السياسية التي تفجرت منذ مطلع عام 2011 واستمرت لنحو ثلاث سنوات. وذلك بالتزامن مع إعلان الجامعة العربية عن استعدادها للمساهمة في انعقاد مؤتمر أصدقاء مصر الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين لمساعدة مصر.
واستقبل السيسي محلب بمقر الرئاسة أمس، حيث قدم الأخير للرئيس خطاب استقالة الحكومة. وصرح محلب أن مشاوراته لإعادة تشكيل الحكومة لم تبدأ بعد. ويأتي هذا بالتزامن مع اجتماعات ولقاءات عقدها السيسي في أول يوم عمل له في مقر الرئاسة، تركزت على الملف الاقتصادي وبحث اختيار مستشاريه ومساعديه، إضافة لمقابلات مع مسؤولين من إثيوبيا والعراق.
وبدأ السيسي مهام عمله في ظل ظروف اقتصادية وأمنية صعبة تمر بها بلاده. وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور نبيل العربي، أمس إن الأمانة العامة للجامعة على استعداد للمساهمة في الإعداد لمؤتمر «أصدقاء مصر» الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من أجل نجاحه. ووجه العربي شكر الجامعة العربية إلى خادم الحرمين الشريفين في إطار تقديرها لمواقفه تجاه مصر، معربًا عن أمله في أن تؤدي هذه المبادرة لمساعدة مصر في تخطي أزماتها الاقتصادية. وقال العربي إن هناك جهودا مستمرة من عدد من الدول الخليجية لتقديم المساعدة لمصر منذ ثورة 30 يونيو، كما أن هذه الدول تقدم مساعدات للدول العربية الأخرى التي تمر بظروف مشابهة.
وكانت الحكومة المصرية عقدت آخر اجتماع لها صباح أمس. وعقب الاجتماع غادر محلب مقر مجلس الوزراء لتقديم الاستقالة للرئيس، قبل أن يعود لمقر المجلس مرة أخرى. وقالت المصادر إن الرئيس طلب منه الاستمرار في رئاسة مجلس الوزراء واختيار من سيستمر معه من الوزراء ومن سيعينه في وزارات جديدة، مع خروج تسريبات عن اعتزام محلب الاستعانة ببعض الوجوه الجديدة في بعض الوزارات الخدمية، مع بقاء وزراء «الحقائب السيادية».
واستهل السيسي أول يوم له في العمل بمؤسسة الرئاسة بلقاء أجراه في الثامنة والنصف من صباح أمس مع عدد من رؤساء الأجهزة الرئيسة في الرئاسة للوقوف على سير العمل بها. كما استعرض الرئيس السيسي الدور الذي يتعين أن تضطلع به هذه الأجهزة المختلفة، فضلا عن التعرف على احتياجاتها لأداء العمل على الوجه الأكمل، في ظل مناخ تسوده قيم الانضباط والجدية. كما استقبل ظهر أمس هشام رامز، محافظ البنك المركزي، واستعرض معه السياسات النقدية للبنك، وسبل زيادة الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة.
وقالت مصادر الرئاسة إن السيسي استقبل أيضا بمقر الرئاسة أمس وزير خارجية إثيوبيا، تيدروس أدهانوم، وأكد أثناء اللقاء على عمق وخصوصية العلاقات التاريخية التي تجمع بين البلدين، وعلى كون نهر النيل يمثل شريان الحياة الذي يربط الشعبين الإثيوبي والمصري، مشيرا إلى أن موضوع سد النهضة «يجب التعامل معه بأكبر قدر من الشفافية والتفهم لمصالح كل طرف».
وخلال استقباله الدكتور خضير الخزاعي، نائب الرئيس العراقي، أمس، شدد السيسي على رفض بلاده لأي تدخل خارجي في شؤون العراق، وغيره من الدول العربية الشقيقة، مؤكدا اهتمام ورغبة مصر لتعزيز أواصر التعاون المشترك مع العراق الشقيق.
يشار إلى أن حكومة محلب كانت أدت اليمين القانونية أمام الرئيس المنتهية ولايته، المستشار عدلي منصور، في الأول من مارس (آذار) الماضي، وضمت 31 وزيرا، ولم تشهد أي تعديل سوى دخول الفريق أول صدقي صبحي كوزير للدفاع خلفا للمشير السيسي عقب إعلان اعتزامه الترشح لانتخابات الرئاسة في 26 من مارس الماضي.
وقال السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، إن الرئيس قبل استقالة الحكومة، وكلف محلب بتشكيل الحكومة الجديدة لتنفيذ رؤية الدولة للمرحلة المقبلة، مشيرا إلى أن خطاب الاستقالة تضمن الإشارة إلى أن الحكومة عملت على بذل أقصى الجهد في تنفيذ المهام التي كلفت بها في ظروف بالغة الصعوبة، وأن يخرج الاستحقاق الثاني من خارطة الطريق (انتخابات الرئاسة) على الوجه اللائق بمكانة مصر ومقامها، ملتزمة الحياد والشفافية.
ومن جانبه، أكد محلب في خطاب الاستقالة أن الحكومة اجتهدت في أداء واجبها الوطني تجاه مشروعات القوانين التي عرضت عليها والتي تطلبتها طبيعة المرحلة، كما قال إن الحكومة انخرطت في السعي لمعالجة المشكلات على أرض الواقع، من خلال المتابعة الميدانية التي أسهمت في بث رسائل إيجابية إلى الشارع المصري.
وتحدث محلب عن الخطوات التي اتخذتها الحكومة على صعيد تحقيق العدالة الاجتماعية، وتخفيف معاناة الطبقات الكادحة والأشد فقرا واحتياجا «بما شمله ذلك من وضع خريطة واضحة للخدمات والمرافق، ولا سيما في المناطق المهمشة».
وعقب تكليفه من السيسي، أكد محلب أنه لم يستقر بعد على التشكيل الجديد للحكومة ومن سيقع عليه الاختيار لتولي حقائب وزارية، مشيرا إلى أن المشاورات لم تبدأ حتى الآن، قائلا إن هناك فرصة من الوقت لاختيار وزراء جدد، خاصة وأن خطاب الرئيس السيسي، الليلة قبل الماضية، يعد برنامج عمل واضحا لأداء الحكومة خلال الفترة المقبلة.
على صعيد متصل، أكد أمير حسين عبد اللاهيان، نائب وزير الخارجية وممثل الرئيس الإيراني في احتفال تنصيب السيسي، أن بلاده ترى أن «أمن مصر هو أمن إيران». وأضاف في مؤتمر صحافي عقده في القاهرة أمس «نعد نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية أمنا واستقرارا للشرق الأوسط برمته، ونعد الانتخابات الرئاسية المصرية خطوة للأمام للشعب المصري، ونعتقد أن مصر غير قابلة للعودة إلى الوراء».