سؤال مهم للغاية، وطرح الوالدين له في الوقت المناسب يدل على وعي منهما، والجواب عليه هو المفتاح للحفاظ على أسنان سليمة للطفل تبقى معه طيلة حياته. وأول من يلاحظ بداية بزوغ أول الأسنان في فم الطفل هي الأم، خاصة إذا كانت الرضاعة طبيعية، ويكون ذلك بعمر ستة أشهر تقريبا، ولا داعي للقلق إذا تأخر بزوغ الأسنان ثلاثة أو أربعة أشهر إضافية.
وتزامنا مع هذا الحدث الاحتفالي في الأسرة، تبدأ مباشرة مسؤولية جديدة على الوالدين، خاصة الأم، وهي الاعتناء بهؤلاء القادمين الجدد في فم الطفل الصغير إلى أن يستطيع هو بنفسه القيام بذلك عندما يكبر.
وهنا تأتي الإجابة على الشق الأول من السؤال، وهو أن العناية بأسنان الطفل تبدأ مع بزوغ أول سن في فمه، وذلك لحمايتها من التسوس، وكيفية ذلك تشرحها الإجابة على الشق الثاني من السؤال، وهو “كيف أعتني بأسنان طفلي؟”.
وتستند العناية بأسنان الطفل إلى ثلاث قواعد أساسية لا تكون العناية مثالية إلا بها مجتمعة، وهي تنظيف الأسنان، وتنظيم الوجبات، والزيارة الدورية لطبيب الأسنان. وإهمال أي من هذه القواعد يجعل العناية بالأسنان ناقصة ولا تؤدي النتائج المرجوة منها.
التنظيف يجب أن يشمل جميع سطوح الأسنان، وهي الخارجية والداخلية والطاحنة (الجزيرة)
أولا: تنظيف الأسنان بالفرشاة عند بداية بزوغ أول سن في فم الطفل مرتين يوميا صباحا ومساء
ولا يكفي كما كان يعتقد سابقا مسح الأسنان بقطعة قطن أو شاش مبللة بالماء، لأن ذلك لا يزيل بشكل كاف وكامل اللويحة الجرثومية (البلاك) التي تعلق بشدة على سطوح الأسنان وتحوي الجراثيم التي تفرز الحموض التي تخرب ميناء الأسنان وتسبب النخر. وهنا يجب مراعاة التالي:
على الوالدين اختيار فرشاة ومعجون أسنان الطفل بعناية، ومن المفيد جدا استشارة طبيب الأسنان بخصوص الفرشاة والمعجون المناسبين لعمر الطفل أو حالته الصحية الخاصة إن وجدت.
على العموم تختار الفرشاة المناسبة لعمر الطفل، إذ يتوفر في الصيدليات فرشاة أسنان لكل مرحلة عمرية بدءا من عمر ستة أشهر فصاعدا. وقد يتساءل الأهل عن قساوة فرشاة الطفل، والجواب أن فرشاة الأطفال عموما هي من النوع المتوسط القساوة المناسب لغالبية الأطفال.
أما المعجون فيجب استشارة الطبيب قبل اختيار نوعه أو استعماله، وعادة يُنصح بعدم استخدام معجون الأسنان للأطفال الذين لم يبلغوا عمر السنتين، وذلك لتقليل مخاطر إصابتهم بتفلور الأسنان، والاكتفاء بفرشاة وماء فقط. خاصة إذا كانت مياه الشرب التي يشربها الطفل مفلورة “أي تحتوي على الفلور” كما في الولايات المتحدة.
بعد عمر العامين ينصح باستخدام معجون أسنان الأطفال لاحتوائه على كمية قليلة من الفورايد، وبالتالي تقليل مخاطر التفلور، وهذا حتى يبلغ الطفل عمر تسع سنوات، وبعدها يمكن البدء باستعمال معجون أسنان الكبار له.
يجب استشارة طبيب الأسنان بخصوص المعجون وتوقيت البدء في استخدامه، والحرص على عدم بلع الطفل للمعجون. وينصح بشراء معجون أسنان من الأنواع “الماركات التجارية” ذات السمعة والخبرة الجيدة في هذا المجال لضمان جودة وفعالية المواد الفعالة الداخلة في تركيب المعجون خاصة الفلور.
عند استعمال المعجون بعد أن يبلغ الطفل عمر عامين، وتوضع كمية قليلة منه على الفرشاة بحجم حبة العدس، ويمكن زيادتها تدريجيا إلى حجم حبة البازلاء الصغيرة مع تقدم عمر الطفل وزيادة عدد الأسنان في الفم.
يتم تفريش جميع سطوح الأسنان وهي الخارجية “خ” والداخلية “د” والطاحنة أو الماضغة “م”، ونسمي ذلك اختصارا طريقة “خ د م”، وذلك بحركة أفقية ذهابا وإيابا على كل سطح.
يقوم أحد الوالدين بتفريش أسنان الطفل الصغير، ومع تطور الطفل يسمح له باستعمال الفرشاة بنفسه ليتعلم ذلك ويقوم الوالدان بإعادة التفريش له بالشكل المطلوب، ويبقى الطفل بحاجة إلى عملية إعادة التفريش هذه من قبل الأهل إلى أن تتطور مهاراته اليدوية بشكل كاف، وذلك بعمر سبع إلى ثماني سنوات تقريبا.
هناك وضعية تساعد الوالدين على تفريش أسنان الطفل، وفيها تجلس الأم على الكنبة وتمدد الطفل عليها وتضع رأسه في حضنها، فبهذه الوضعية تستطيع التحكم بالطفل الصغير ورؤية سطوح الأسنان بشكل أفضل أثناء عملية التفريش.
ثانيا: الغذاء الصحي وتنظيم الوجبات
وذلك عبر تناول الخضار والفواكه الطازجة وتجنب الأطعمة اللصاقة كالجيلاتين و”الشيبس”، إذ يكمن الخطر الأكبر على الأسنان من خلال طول فترة تماس الأطعمة والمشروبات الحاوية على السكريات والنشويات والأحماض مع الأسنان، وتكرار تناول السكريات خلال اليوم الذي يؤمن للجراثيم على سطوح الأسنان غذاء مستمرا لتعمل على تخريب الأسنان لفترة أطول.
ولتجنب ذلك ننصح الأهل دائما بتنظيم الوجبات بحيث يتناول الطفل أربع إلى ست وجبات يوميا، وفي الفترة بين الوجبات يشرب الطفل فقط الماء النقي أو الزهورات بدون سكر، حتى العصير ينبغي شربه وقت الوجبة وليس بين الوجبات لاحتوائه على السكر والحموض.
ثالثا: الزيارة الدورية لطبيب الأسنان
وذلك حتى قبل بزوغ الأسنان لأخذ النصائح اللازمة حول العناية بأسنان الطفل، ثم مرتين في السنة لفحص أسنان الطفل وتطبيق الفلور الموضعي على الأسنان والإجراءات الوقائية الأخرى وكشف أي مشكلة ومعالجتها مبكرا.
إن الانتباه والمداومة على العادات الصحية ومنها تنظيف الأسنان بانتظام وبشكل صحيح وتعويد الطفل عليها يحفظ له صحته الجسدية والنفسية ويهيئه لمستقبل زاهر بعون الله تعالى.
_______________
* أستاذ مشارك وكبير الأطباء في قسم الوقاية وطب أسنان الأطفال في جامعة غرايفسفالد، ألمانيا.