اصطدمت جهود الاتفاق على وقف إطلاق نار في القاهرة أمس بتصلب مواقف الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من خطة مصرية جديدة، وهو الأمر الذي دعت معه مصر مساء الطرفين مجددا إلى هدنة تستمر 72 ساعة من أجل تسوية الخلافات حول النقاط العالقة، وهو الأمر الذي وعد الطرفان بدراسته.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن حركة حماس رفضت فتح المعابر وتوسيع منطقة الصيد البحري وإخلاء الشريط العازل بشكل تدريجي، وتأجيل النقاش في قضايا الميناء والمطار من دون ضمانات حقيقية، باعتبار ذلك تنظيما للحصار وليس رفعا له، كما أنها رفضت ربط قضية الجنود المحتجزين لديها بالاتفاق على وقف إطلاق النار، فيما رفضت إسرائيل نقاش مسألتي الميناء والمطار ولو لاحقا، وأصرت على ربط الاتفاق باتفاق حول جثث الجنود والإشارة إلى نزع سلاح حماس ولو ضمن آليات متأخرة.
وفي هذه الأثناء، حشدت القوات الإسرائيلية مزيدا من الدبابات والآليات والجنود في محيط غزة، وأبقت على استدعاء آلاف من الاحتياط تحت الطلب.
وكانت مصر قدمت للأطراف وثيقة تتضمن بحسب ما نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تأجيل البحث في إقامة الميناء البحري والمطار الجوي لمدة شهر من وقف إطلاق النار، وبعد ضمان العودة إلى الحياة الطبيعية في غزة، كما يتم تأجيل بحث إطلاق سراح أسرى فلسطينيين واستعادة إسرائيل لجثتي الجنديين آرون شاؤول وهدار غولدين لفترة قصيرة، على أن تعود حماس لبحث الموضوع ضمن آلية المفاوضات الحالية وليس في سياق صفقات منفردة ومستقلة.
وجاء في الوثيقة أنه سيجري فتح المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل، بما في ذلك حركة المواطنين، وإدخال مواد بناء لإعادة إعمار القطاع، ومصادقة إسرائيل على تصدير واستيراد بضائع بين قطاع غزة والضفة الغربية، بناء على قواعد يتم الاتفاق عليها بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ولم تتطرق الوثيقة إلى معبر رفح الذي اتفق على أن يعالج فلسطينيا – مصريا. وجاءت الانتكاسة في المفاوضات فيما كان الطرفان متفائلين باتفاق.
واستكمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس المشاورات مع وزراء حكومته ورؤساء الكتل البرلمانية من أجل إقناعهم باتفاق وقف النار، قبل أن يقرر الجيش إعادة انتشار قوات مدرعة وأخرى هندسية حول غزة بالتزامن مع إبلاغ جنود احتياط بأنهم قد يجري استدعاؤهم إلى القطاع. وقال موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني إن الجيش الإسرائيلي بدأ في تجهيز وتحضير قواته البرية والجوية استعدادا لانتهاء الهدنة وتجدد القتال.
وكان الوفد الإسرائيلي عاد إلى القاهرة أمس بعد مباحثات في إسرائيل بشأن التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة. وقال مسؤول إسرائيلي «إن أعضاء الوفد الإسرائيلي تحدثوا عن تقدم في المحادثات التي جرت أمس، لكن من دون اختراق بعد». وأضاف المسؤول أن «الوفد الإسرائيلي سينقل رغبة إسرائيل في تمديد فترة الهدنة التي ستنتهي عند منتصف الليل في حال عدم توقيع اتفاق نهائي.
ولم يعرض نتنياهو على الوزراء ورؤساء الكتل اقتراحا نهائيا، إنما تطرق إلى التسهيلات الإسرائيلية المتوقعة من أجل التوصل إلى تسوية في غزة، وعلى رأسها توسيع نشاط المعابر البرية في غزة، ونقل الرواتب لموظفي حماس على يد طرف ثالث. ويواجه نتنياهو معارضة شديدة داخل المجلس الوزاري المصغر في شأن التسوية مع حماس. وقد أبدى الوزير نفتالي بينيت اعتراضه على فكرة نقل رواتب موظفي حماس عن طريق جهة ثالثة. ومن المعارضين البارزين كذلك وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ووزير الأمن الداخلي يتسحاق أهرونوفيتش. وانضم إلى هؤلاء وزير المالية يائير لابيد الذي قال أمس إن صوته ليس مضمونا.
ويرفض ليبرمان الاتفاق مع حماس من أساسه، وقال أمس إنه «يجب حسم المعركة في الجنوب والتخلص من الحركة. وأضاف «لا يمكن لإسرائيل أن تعول على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إذ إن عباس قد فقد شرعيته منذ عام 2006، وعليه فيجب إجراء انتخابات جديدة في السلطة الفلسطينية بعد تقويض أسس حركة حماس».
وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن الموقف الإسرائيلي الرافض لإقامة ميناء في غزة، وكذلك مطار، ليس قابلا للمساومة، مضيفا أنه «يجب على حماس أن تتعايش مع حقيقة أن هذه الطلبات غير واقعية». وشكك مسؤولون إسرائيليون في الوصول إلى اتفاق إذا تمسكت حماس بشروطها. وقال وزير الأمن الداخلي يتسحاق أهرونوفيتش إنه ليس متفائلا باحتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار على جانبي الحدود مع قطاع غزة، مضيفا «حماس تضع شروطا غير معقولة، مثل إقامة ميناء في غزة والإفراج عن سجناء، لكنها في الوقت نفسه تعارض فكرة تجريد قطاع غزة وإعادة جثتي الجنديين المفقودين». وتابع «يتعين على حماس القبول بصيغة ترميم قطاع غزة مقابل تجريده من السلاح. وفي حالة رفض حماس لهذه الصيغة فيجب الاستمرار في المعركة لحين حسمها وذلك لينعم المواطنون بهدوء طويل الأمد».
وأعلن زير الشؤون الاستراتيجية والاستخبارات الإسرائيلي يوفال شتاينيتز أن إسرائيل لن تبادر بإطلاق النار إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق وتمديد الهدنة، قائلا «إسرائيل ستحافظ على استمرار الهدوء بعد انتهاء موعد وقف إطلاق النار الحالي، وسنرد على حماس بشكل قاس ومؤلم إذا لم تلتزم بالهدوء». ورأى الوزير الإسرائيلي أن «نزع سلاح حماس سيكون شرطا جوهريا لاستئناف مفاوضات السلام وصولا إلى حل دائم للنزاع».