مخرج فيلم روسي مرشح للأوسكار متهم بالخيانة العظمى

أثار فيلم المخرج الروسي اندري زفياغينتسيف “ليفاييثن” المدرج ضمن قائمة الأعمال المرشحة لجوائز اوسكار هذا العام، جدلا محموما في روسيا اذ اتهمته الحكومة بتشويه صورة البلاد.

وعلى الرغم من ان الفيلم لن يعرض في الصالات الروسية قبل الشهر المقبل، إلا ان الانتقادات تكاثرت حياله ما أعاد الى ذاكرة البعض دعابة قديمة من الحقبة السوفياتية بشأن حملة تشهير تعرض لها كتاب “دكتور جيفاغو” لبوريس باسترناك فحواها “إنني لم أقرأ الكتاب لكنني أدينه”.

وأشار موقع “غازيتا” الإخباري الروسي ان “ثمة جدلا كبيرا يدور حاليا بين الأشخاص الذين شاهدوا الفيلم وأولئك الذين لم يفعلوا ذلك. على الأرجح لأن الآراء المتباينة بين أصحاب الجدل لا تتعلق بالفيلم بل بروسيا”.

ويروي الفيلم الحائز على “غولدن غلوب” عن فئة افضل فيلم اجنبي وجائزة افضل سيناريو في مهرجان كان السينمائي، قصة شخص يقطن قرية نائية في روسيا في مواجهة الفساد المحلي.

وفي فيلم “لفاياثان” يستعرض المخرج دوائر تتحالف فيها سلطة رجال السياسة ورجال الأعمال ورجل الدين الكنيسة لتمكن عمدة إحدى المدن من الاستيلاء على بيت يطل على البحر بعد تهديد صاحبه الذي يرفض ثمنا بخسا للتنازل عنه تمهيدا لتحويل المنطقة إلى منتجع سياحي.

والفيلم الذي كتبه كل من مخرجه زفياكنتسيف وأوليغ نيجيننال مدته 141 دقيقة منحه مهرجان أبوظبي السينمائي -الذي انتهت دورته الثامنة أول نوفمبر/تشرين الثاني – جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم، ونال بطله الروسي ألكسيه سيريبرياكوف جائزة أفضل ممثل.

وهاجم وزير الثقافة الروسي فلاديمير ميدينسكي شخصيا المخرج ورؤيته عن روسيا، وذلك في مقابلة نشرتها صحيفة “ايزفيستيا” في اليوم نفسه لإعلان المرشحين لجوائز اوسكار.

وقال ميدينسكي، ان فيلم “ليفاييثن” يدخل المشاهد في جو من “اليأس الوجودي”، مضيفا، ان أبطال العمل ليسوا من “الروس الحقيقيين”.

كذلك اتهم الوزير الروسي مخرج الفيلم باستغلال المشاعر المعادية للروس لدى الغربيين بغية الفوز بجوائز.

وصرح الوزير الروسي “ما الذي يحبه؟ بالتأكيد التماثيل الذهبية والسجاد الأحمر”، مضيفا، ان “هرولته الى النجاح العالمي تنم عن انتهازية تفوق كل حدود”.

مع ذلك فإن إنجاز الفيلم تم بتمويل جزئي من الحكومة الروسية.

وبموجب قانون ادخله ميدينسكي، فإن فيلم “ليفاييثن” الذي بدأ عرضه في الصالات الفرنسية والبريطانية العام الماضي، لا يمكن عرضه في روسيا قبل اقتطاع الكلمات النابية منه.

واضطر المخرج اندري زفياغينتسيف الحائز تكريمات عدة في الخارج، الى مواجهة اتهامات عدة في بلاده تطعن بوطنيته وتتهمه بالخيانة العظمى منذ انطلاق مسيرته المهنية سنة 2003 مع فيلم “ذي ريترن” الذي نال جوائز عدة في مهرجان البندقية السينمائي.

واعتبرت وكالة الأنباء الروسية الرسمية “تاس” في مقالة نشرتها أن فيلم “ليفاييثن” يستند الى “الكليشيهات النمطية التي ينجح دائما مخرجونا ببيعها الى الغرب”، مضيفة، ان الفيلم ركز على أسوأ المخاوف لدى الغربيين إزاء روسيا كي يعززوا موقفهم من هذا البلد عبر القول، “انظروا كم ان كل شيء سيئ هناك، حتى هم انفسهم يعترفون بهذا الأمر”.

من ناحيته، قال المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية الروسية فسيفولود شابلين، “انه من البديهي ان الفيلم موجه لجمهور غربي، او بتعبير أدق للنخب الغربية، بما أنه يكرر طوعا المعتقدات الشعبية الخاطئة بشأن روسيا”، مقرا في الوقت عينه بأنه لم يشاهد الفيلم.

كذلك دعا متشددون أرثوذكس الى منع عرض الفيلم الذي يتحدث ضمنا عن ضلوع كهنة في حالات فساد. وأكد كيريل فرولوف رئيس مجموعة “اتحاد الخبراء الأرثوذكس” أن فيلم “ليفاييثن شرير، ولا مكان للشر في السينما”.

ووصف المحلل المؤيد للكرملين سيرغي ماركوف الفيلم بأنه “اتهام سينمائي ضد بوتين”، وذلك في تغريدة عبر حسابه على خدمة “تويتر”.

مع ذلك فإن نقادا كثيرين في روسيا أشادوا بالفيلم ورفضوا الاتهامات المساقة ضد مخرجه.

وكتب الناقد في صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” ستاس تيركين انه “من العبثي المجادلة مع نظريات ساذجة وغير مهنية تدعي ان زفياغينتسيف يوصف شخصيات غارقة في شرب الفودكا وينتقد السلطات لمجرد أنه يرغب في أن يلقى رواجا في المهرجانات (السينمائية) الغربية”.

كذلك قال المخرج المسرحي الشهير كونستانتين بوغومولوف، ان “الفنانين ليسوا موجودين من أجل إظهار جمال الأشجار والحقول والبحيرات الروسية، هذا أمر عبثي”.

+ -
.