قالت وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) إنها استجابت للعديد من الناس الذين تساءلوا كيف يبدو الجانب المظلم من القمر، وهو ذلك الجانب البعيد الذي لا يمكن مشاهدته من الأرض بأي حال من الأحوال، وأطلقت فيديو على قناتها على موقع التواصل يوتيوب مدته دقيقتان تقريبا يستعرض القمر من الجانب الآخر بكافة أطواره.
ويبدو الجانب الآخر من القمر مختلفا كثيرا عن الجانب الذي نراه دائما، حيث تختفي البقع الكبيرة الداكنة، التي تعرف باسم “ماريا”، وعوضا عن ذلك نجد الفوهات تنتشر في كل مكان على سطح القمر من ذلك الجانب.
والجانب البعيد من القمر هو كذلك موطن إحدى أكبر الفوهات المعروفة في النظام الشمسي بأسره، وهي حوض “ساوث بول-أيتكن” الذي يبلغ قطره نحو 2575 كيلومترا وعمقه نحو 13 كيلومترا، ويمكن رؤيته قرب القطب الجنوبي للقمر.
يذكر أن أول صورة حصل عليها إنسان للقمر كانت في عام 1959 حيث التقط المسبار السوفياتي في ذلك الوقت “لونا 3” بضع صور أثناء طيرانه حول القمر، ومنذ ذلك الوقت التقط المسبار المداري “لونار ريكونيسنس أوربيتر” (مستكشف القمر المداري) آلاف الصور للقمر التي ساعدت في بناء صورة ذات تفاصيل عالية الدقة للجانب البعيد من القمر.
وفي إطار ميزانية ناسا المقترحة لعام 2016 فإن برنامج مستكشف القمر المداري قد ينتهي، لكن ذلك لا يعني أن استكشاف القمر سيصل إلى نهايته، فقد تمكنت ناسا -حسب موقع نيوز ليدج الإلكتروني- من الحصول على تمويل إضافي لبرنامجها في عام 2015 رغم أن ميزانيتها لا تتضمن أيضا تمويل مستكشف القمر المداري، وربما تفعل الشيء ذاته العام المقبل.
تساؤلات وإجابات
وقد يتساءل بعض القراء هل هناك فعلا جانب مظلم دائم للقمر؟ ولماذا لا يمكننا رؤيته؟ ولماذا توجد بقع سود في الجانب القريب ولا توجد مثلها في الجانب البعيد؟
والحقيقة أن إضاءة الشمس تغطي كل أجزاء القمر، فعندما يكون القمر مظلما بالكامل بالنسبة لنا فإن النصف الآخر المقابل يكون معرضا للشمس.
أما عن سبب رؤيتنا الجانب ذاته من القمر بشكل يبدو فيه “مقفلا” مع الأرض، هو أن القمر يدور حول الأرض كما يدور حول نفسه، والمدة التي يستغرقها في الدوران حول نفسه هي نفس المدة التي يقضيها في الدوران حول الأرض، وبالتالي لا نرى إلا جانبا واحدا من القمر.
أما بالنسبة للبقع السود فيعتقد العلماء أن القمر نشأ نتيجة اصطدام الأرض بكوكب بحجم المريخ منذ 4.5 مليارات سنة، وحينها كان القمر -حديث الولادة- قريبا جدا من الأرض، ولأن حجم القمر أصغر من حجم الأرض فقد برد بسرعة أكبر، أما الأرض فكانت حرارتها أكبر بـ2500 درجة مئوية.
ويعتقد العلماء أن حرارة الأرض المرتفعة أذابت سطح الجانب القريب للقمر وأثرت في قشرته الخارجية التي تحوي تركيزات عالية من الألمونيوم والكالسيوم، لذا حين برد الجانب البعيد من القمر كانت قشرته ضعف سمك قشرة الجانب القريب.
لذا حين تصطدم الكويكبات بجانب القمر القريب فإنها تخترق بسهولة القشرة لتخرج الحمم البركانية من قلب القمر لسطحه مسببة المناطق الداكنة التي نراها، أما حين تصطدم بالجانب البعيد فلا تتمكن من اختراق القشرة السميكة ولا تخرج بالتالي الحمم البركانية.