انطفأ جسد الشاعر الرائع / عبد الرحمن الأبنودي /….إبن شعبنا المصري العظيم ،….ولحق بجسدي زميلـَيـه في الإبداع والنقاء /محمود درويش وسميح القالسم /…. ولكن أرواحهم لم ، ولن تنطفئ ….ستبقى بيننا …. نتنفسها عطاءً مبدعا خالداً ، ودفاعا مجيدا عن أرضنا وشعبنا في مصر و فلسطين وكل البلاد العربية ، والتزاما بقضايا الإنسان وهمومه في كل أنحاء الكون …لقد عبـَّـروا – بكل الصدق والروعة – عن نبض قلوبنا ، وعن أفراحنا و أتراحنا ..وربــّوا الأمل فينا ورعوه ، وسقوه من عصارة عقولهم وعواطفهم ، و زرعوا الجمال والتفاؤل على دروبنا الموحشة … واستقدموا الضوء إلى عتمة نهاراتنا … وخففوا من ظُلُمات ليالينا …كانوا مشاعلاً من النور والصدق والشرف ،تجلت إنتاجا أدبياً رائعاً ، سيبقى ينير دروبنا ودروب الأجيال القادمة ،يلهمها ، ويقوي من عزائمها ، ويفتح النوافذ في الجدران الحاجزة ……ستبقى سيرتهم المشرقة نابضة بالحياة ، يتغنى بها الناس إلى أبد الآبدين ، كالسيرة الهلالية ، التي تغنى بها / الأبنودي / ،وأعاد إحياءها بشكل رائع ، وكم كانت الليالي الرمضانية جميلة و ممتعة في أجواء شارع – المعزّ لدين الله الفاطمي -في القاهرة ، عندما كان يحييها / الأبنودي / مع الفرق الغنائية الشعبية المصرية ، وهي تغني و تنشد فصول / السيرة الهلالية / ..تلك الملحمة الشعبية العربية الرائعة .، التي تضاهي الملاحم الشعرية اليونانية …ومعظم تلك الفرق كان من الصعيد …. مسقط رأس الأبنودي ، الذي استطاع – بمقدرته الهائلة – أن ينقل ، ويصيغ تراثها الغنائي باللهجة العامية الصعيدية ،ويجعلة إبداعا يوازي الإبداع باللغة الفصحى ، وهو بهذا أكـّد أن الشعر هو الجوهر ، وليس لهجة صياغته ، فالأساس أن يكون هنالك شعر أو لايكون ….لقد كان إنتاج /الأبنودي / مواكباً لكل الأحداث التي مرت على مصر ، وتفاعُلها مع محيطها العربي ..وأبدع أشعارا ً غناها كبار المطربين والمطربات العرب …
= تصعب الإحاطة بإبداع /الأبنودي/ في عـُجالةٍ كهذه ….وسيبقى إبداعه الذي تضمه دواوينه ، أفضل متكلم باسمة ، وأجمل راوٍ لحياته ، و لسيرته الأدبية الخالدة …فلنرجع إليه ونسبح في متعته الآسرة …
= لقد أسعدني الحظ ،والتقيت / الأبنودي / في القاهر ة في مناسبتين أدبيتين ، وكم كان رائعا في حديثه ، وفهمه ، وأدبه الجم ،وكرهه للظلم ، و في ثقافته الواسعة ، ودفاعه عن المظلومين ، وفي إلقائه المميـّز لشعره الرائع ….
= رحم الله هذا الشاعر العظيم ، الذي نراه في هذه الصورة الجميلة ،رافعا ً إصبعه ، وكانه يحذر من الأغلاط و التفاهة و الغثاثة ، ومن الظلم و الظلام ، ….مغمورا بأيدي ومحبة زميليه العملاقين …رحمهم الله جميعاً ، وعوضنا بأمثالهم ..
= إن وفاة شاعر كهؤلاء … هو انطفاء نجم في السماء ….. ولكن نور هذا النجم سيقترب منا ، ويبقى في سمائنا ، يعطينا الإشراقَ والأمل … مسانداً الشمس و القمر …