تعـتـبـر الـسـمــنــة المفــرطة قــنــبـلــة مـوقـوتة لا تـلــبث أن تنفجر مخلفة تداعيات وخيمة، أخطــــرها ارتفاع ضغط الدم والأمراض القلبيــة الوعائية والداء السكري إلـــى جانب مشكلات نفسية وتنفـــسية ومفـــصلية وكبدية وكلوية وغيــرها، وحتى الوفاة الباكرة ليست بعـــيدة عن تداعيات السمنة المفرطة.
وكي تتم مواجهة السمنة يبدأ مشوار تخسيس الوزن بتطبيق هذا الريجيم أو ذاك الذي غالباً ما يضع الجسم في ورطة يشوبها الحرمان المتواصل والشعور المزمن بالجوع وسط أزمة عنوانها تقلب المزاج والتعب المزمن، لتكون النتيجة في النهاية الفشل الذريع في خفض الوزن.
وعندما تصل محاولات تخسيس الوزن إلى الحائط المسدود يتم اللجوء إلى خيار تصغير المعدة بواسطة الحل الجراحي.
لكن تصغير المعدة جراحياً لا يخلو من التأثيرات الجانبية على صحة الشخص، مثل خطر التعرض للكسور، وتناذرة الإغراق بسبب مرور محتويات المعدة بسرعة غير طبيعية من المعدة إلى الأمعاء، وارتداد المفرزات المعدية، وتعرض الشعر للتقصف والضعف، وزيادة خطر التعرض إلى الحصيات الكلوية، والوفاة في بعض الحالات.
ما الحل، إذاً، أمام هذه المضاعفات؟
إن الحل يكمن في تجريب بعض الوسائل الطبيعية قبل الدخول في غمار بعض الحلول الجراحية المحفوفة بالأخطار.
ويقول خبراء السمنة ان هناك حلولاً بديلة اذا طُبقت بعناية فإنها قد تسمح بتصغير المعدة في شكل طبيعي بأمان ومن دون الحاجة إلى جراحات معقدة يمكن أن تعرض حياة أصحابها للخطر، وبالتالي فإنها تفيد في التخلص من كميات الشحم الفائضة والوزن الزائد. وتشمل هذه الحلول:
– الإمتناع عن تناول كميات كبيرة من الطعام، فحشر المعدة بأصناف عدة من الطعام دفعة واحدة هو الذي يدفع إلى زيادة حجم المعدة والتالي إلى التعود على تناول كميات كبيرة من الأغذية، من هنا فإن أفضل حل هو في ملء المعدة بكميات أقل من الطعام من خلال اختيار الأطباق الصغيرة التي تحتوي على كميات أقل من الطعام، الأمر الذي يسمح بخفض الوزن والتحكم به، وبالطبع فإن هذه الخطوة لا تتم دفعة واحدة بل تدريجياً، بحيث يتم تقليل كميات الطعام بصورة صغيرة كل يوم إلى أن تعتاد المعدة على الكميات القليلة التي تمكّن من حدوث الإنكماش المنتظر في حجم المعدة مع مرور الوقت.
– مضغ الطعام ببطء، فعندما يبدأ الشخص بتناول وجبته فإن الجسم يحتاج من ٢٠ إلى ٣٠ دقيقة حتى تصل الرسالة إلى مركز الشبع في الدماغ، ومفادها أن المعدة امتلأت، من أجل التوقف عن الأكل، ما يحول دون الإمعان في تناول كميات أكبر من الطعام الأمر الذي يساهم في تقليص حجم المعدة في شكل طبيعي، في المقابل فإن التهام الطعام على عجل سيتيح الفرصة لازدراد المزيد من الغذاء في انتظار الرسالة المذكورة إلى المخ لحض مركز الشبع والتوقف عن الأكل.
– اعتماد الأغذية الغنية بالألياف، وتملك هذه الأغذية خاصتين رئيستين: الأولى هي أنها فقيرة بالسعرات الحرارية، والثانية أنها تثير الشبع في وقت قياسي لأنها تتيح الحصول على امتلاء ميكانيكي طويل الأمد في المــعدة، وهذا بالتالي ما يعمل على تحفــيز سلسلة الهرمونات المسؤولة عن الشبع. وتوجد الألياف في كل أنواع الخضار والفواكه، ويجب الحرص على أن تكون هذه موجودة في كل وجبة من وجبات الطعام الثلاث الأساسية لأنها تملأ المعدة.
– اختيار الأطعمة ذات المشعر السكري المنخفض، فقد تم تصنيف الأغذية بحسب درجة رفعها مستوى السكر في الدم إلى نوعين هما: أطعمة ذات مشعر سكري مرتفع، وأخرى ذات مشعر سكري منخفض. والأطعمة ذات المشعر السكري المرتفع تؤدي إلى تدفق مفاجئ للسكر في مجرى الدم، وبالتالي إلى تحريض غدة البانكرياس على طرح هرمون الأنسولين الحارق للسكر بسرعة فائقة من أجل خفض مستوى السكر إلى معدله الطبيعي، لكن المشكلة هنا أن الجسم لا يطيق هذه التقلبات السريعة على صعيد مستوى السكر في الدم ولا على صعيد طرح هرمون الأنسولين ما يولد احساساً عاجلاً بالجوع وبالتالي إلى تناول المزيد من الطعام الذي يقود إلى توسع المعدة أكثر فأكثر. وإذا ما ثابر الشخص في التهام الأطعمة ذات المشعر السكري العالي باستمرار فإن ذلك سيؤدي إلى اجهاد البانكرياس في صورة مستمرة وبالتالي إلى ظهور ما يعرف بمقاومة الأنسولين التي تعرض الأشخاص المستعدين وراثياً للإصابة بالداء السكري النوع الثاني. لقد أثبت العلماء أن الأطعمة ذات المشعر السكري المرتفع تطلق العنان لسلسلة من التبدلات الهرمونية والإستقلابية التي تزيد من الشعور بالجوع وتحرّض على تناول المزيد من الطعام وبالتالي إلى توسيع المعدة وزيادة الوزن والبدانة.
في المقابل فإن الأغذية التي تملك مشعراً سكرياً منخفضاً هي الحـصـــان الذي يجب المراهنــة عليـــه، لأنها تسمح بانسياب بطيء وسلـــس للسكر إلى الدورة الدموية من دون حدوث ذبذبات على صعيد طـــرح هرمون الأنسولين في الجسم وهـــذا ما يعجّل من الشعور بالشبع ويدفـع الى تناول كميات أقل من الطعام تخفف من العبء الواقع على المعدة. وإلى جانب هذا وذاك فإن الأطعمة ذات المشعر السكري المنخفض لا تحافظ على مستوى سكر الدم فقط، بل تجعل أعضاء الجسم كلها تعمل في شكل أفضل وبالتالي فهي تساهم في تحسين الحال الصحية.
– الحد من المآكل المشبعة بالدهون، فهذه الأطعمة تستغرق وقـتــاً أطــول للهضم، ما يجعلها تراوح في المعدة وقتاً طويلاً يعرّضها إلى المزيد من التوسع مع مرور الأيام.
ختاماً، يجب عدم تجاهل أي وجبة من وجبات الطعام الرئيسة، خصوصاً وجبة الفطور، فمثل هذا الإهمال سيجبر صاحبه على استهلاك كميات أكبر من الطعام في الوجبات التالية من أجل التعويض عن الوجبة التي فاتت وهذا ما يرغم المعدة على التمدد أكثر لاستيعاب هذه الكميات.