تتطور تقنيات الطباعة المجسمة (الثلاثية الأبعاد) ببطء، ولكنها تسير بخطوات ثابتة نحو الانتشار على نطاق واسع. وتتزايد أعداد الشركات التي توفر خدمات الطباعة المجسمة عبر الإنترنت، حتى إن المستخدم العادي يمكنه شراء طابعة للاستخدامات المنزلية بتكلفة أقل من ألف يورو تقريباً.
وفي خضم عمليات التطوير المستمرة للطابعات المجسمة، تظهر تساؤلات حول قدرات هذه الطابعات بخلاف طباعة الدمى أو إنشاء بورتيريه مجسم للأشخاص، وهل يتعين على المستخدم أن يكون محترفاً للتعامل مع الإجراءات المعقدة؟ وهل يتمكن أي شخص من إنتاج المكونات المطلوبة بنفسه، وبالتالي يتمكن من طباعة جميع المواد الاستهلاكية بنفسه؟
تصورات خاطئة
يجيب الخبير فيليب تروستر -من شركة الأبحاث الألمانية درك- بالنفي على مثل هذه الاستفسارات، معتبرا أن معظم الأشخاص لديهم تصورات خاطئة عن إمكانيات الطباعة المجسمة.
وأضاف تروستر أن بإمكان المستخدم عبر البرمجيات المجانية القيام بالكثير من الأمور، ولكنه إذا رغب في طباعة بكرة مسننة مثلا فإن الأمر يصبح أكثر صعوبة، خاصة إذا لم يكن لديه خبرة سابقة في التعامل مع تقنيات الطباعة المجسمة.
ويساند ديريك لورينز -من هيئة اختبار السلع والمنتجات الألمانية- هذا الرأي، ويرى أن محاولة طباعة الجانب الخلفي المكسور لجهاز التحكم عن بعد بالتلفزيون ستفشل لدى معظم المستخدمين العاديين أثناء إجراء المسح الضوئي.
ومع ذلك، يروج العديد من الخبراء مثل بيتر كونيش من مجلة “ميك” المتخصصة، وفولفغانغ دورست من الرابطة الألمانية للاتصالات وتقنية المعلومات (بيتكوم) لتنوع الاستخدامات الممكنة للطباعة المجسمة.
مسح ضوئي
يوضح فولفغانغ أن بإمكان المستخدم عبر هاتفه الذكي إجراء مسح ضوئي للأشياء المطلوب طباعتها، ثم تحميل الصور على شبكة الإنترنت عبر خدمات الحوسبة السحابية، وبعد ذلك تكليف الشركات المعنية بإجراء عمليات الطباعة المجسمة، مشيرا إلى أنه استبدل بنفسه الشبكة البلاستيكية الهشة في قاربه المطوي بأخرى طبق الأصل عبر الطباعة المجسمة.
كما طبع كونيش غطاء مسمار ومفصلة للمصباح القائم عبر تقنيات الطباعة المجسمة، مؤكدا أنه استعان بالبرمجيات المجانية لطباعة هذه الأشياء، “ولكن الأمر يحتاج إلى بعض الخبرة والتصورات المكانية، وهذا ما يشكل أكبر عقبة أمام المبتدئين”.
وتزخر متاجر الإلكترونيات بماسحات ضوئية مجسمة مخصصة للاستخدامات المنزلية، والتي تكفي لإجراء عملية المسح الضوئي لتمثال نصفي بشكل ثلاثي الأبعاد، ولكنها تفشل في التعامل مع غطاء المسمار، حيث يحتاج المستخدم للتعامل مع هذه البنيات الهيكلية المعقدة إلى ماسحات ضوئية مخصصة للأغراض الصناعية والتي تفوق تكلفتها ما يتحمله المستخدم العادي.
ورغم هذه القيود، تتوافر طابعات مجسمة بأسعار تبدأ من سبعمئة يورو، وعادة ما تفتقر الموديلات الأقل تكلفة إلى اللوح الأساسي الذي يتم تسخينه، وشاشة وقارئ بطاقات الذاكرة (أس.دي)، مما يعني أنها لا تعمل إلا بعد توصيلها بحاسوب.
وأوضح كونيش أن احتياج المستخدم إلى اللوح الأساسي يتوقف على مادة الطباعة، فإذا تم استعمال مادة “بي.أل.أي” للطباعة فلا توجد أي مشكلة على الإطلاق، بخلاف الحالة التي يتم فيها استعمال اللدائن البلاستيكية “أي.بي.أس” التي تتعرض للالتواء أثناء التبريد، ولذلك لا يمكن استعمال هذه المادة بدون اللوح الأساسي الذي يتم تسخينه.
مواد الطباعة
تتنوع مواد الطباعة المتوفرة للطابعات المجسمة المنزلية وتزداد يوميا، وبات بإمكان المستخدم الاختيار بين المواد التي تعتمد على قاعدة النايلون أو الخامات المحتوية على أخشاب أو اللدائن البلاستيكية التي تضيء في الظلام، وتصل تكلفة 750غ من الأسلاك البلاستيكية إلى 25 يورو، كما أنها تستمر لفترة طويلة.
وإذا رغب المستخدم في التخلص من عناء تشغيل الطابعات المنزلية والتكلفة المرتبطة بها، فيمكنه الاستعانة بخدمات الشركات التي توفر الطباعة المجسمة، لكن يتعين عليه حساب تكاليف العمل نظراً لأنه يتم في البداية إجراء مسح ضوئي للأشياء المراد طباعتها، وغالباً ما يستلزم الأمر معالجة هذه الصور بعد ذلك، ومن ثم تنشأ تكاليف إضافية.
ولذلك يتعين على المستخدم قبل طباعة ساق الخلاط المكسور مثلا، التفكير جيدا في تكلفة الطباعة المجسمة، إذا كانت قطعة الغيار البديلة تتوافر في المتاجر بتكلفة أقل من تكلفة الطباعة المجسمة. ولكن هناك بعض المستخدمين يقبلون دفع تكلفة أعلى في سبيل تشغيل أجهزتهم القديمة التي تحتاج إلى قطع غيار لم تعد متوافرة في الأسواق.