رجح عالما فضاء أن يكون المذنب تشوري الذي حط عليه قبل أشهر الروبوت الأوروبي فيلاي يضم جزيئات حية، بحسب ما كشفا في مؤتمر علمي عقد في بريطانيا الثلاثاء.
وفي حال التثبت من هذه الفرضية، ستتعزز النظرية العلمية التي تقول أن المذنبات كان لها دور مهم في ظهور الحياة على كوكب الأرض.
ويعتقد العلماء أصلاً أن هذه الأجرام الصغيرة أحضرت المياه إلى الأرض، بعد تعرض الكوكب لوابل منها أدى إلى تشكل البحار والمحيطات، وتأتي الفرضية الجديدة لترجح أن تكون المذنبات أحضرت الجزيئات العضوية الحية المركبة أيضاً إلى الكوكب.
والمذنبات أجرام صغيرة من المجموعة الشمسية، تتألف من نواة صلبة من الجليد والمواد العضوية والصخور، ويغلفها الغبار والغاز.
وتراقب المركبة الأميركية غير المأهولة “روزيتا”، المذنب تشوري عن قرب، فيما يقترب من الشمس بسرعة تبلغ الآن 32,9 كلم في الثانية.
وكشفت المعلومات التي جمعتها مهمة روزيتا حتى الآن، أن قشرة المذنب السوداء غنية بالمواد العضوية، وأظهرت الصور وجود بحيرات، قد تكون من المياه المتجمدة، وتحتوي على مواد عضوية.
وبحسب الباحث في جامعة كارديف ماكس ويليس، وزميله مدير مركز علوم الأحياء الفضائية في جامعة باكينغهام شاندرا ويكراماسينغ، فإن وجود هذه العناصر يتوافق مع وجود جزيئات حية.
وقال ماكس ويليس في بيان: “أظهرت روزيتا أن المذنبات ليست أجساماً باردة ميتة، بل إنها ميدان ظواهر جيولوجية، ويمكن أن تكون مناسبة للجزيئات الحية أكثر من القطبين الشمالي والجنوبي على كوكب الأرض”.
وبحسب الباحثين، فإن رصد الروبوت فيلاي لجزيئات عضوية مركبة بكثرة على سطح المذنب، يشكل دليلاً على وجود حياة.
وقال شاندرا لوكالة “إن الجزيئات الحية تعيش وتتطور تحت سطح المذنب مؤدية إلى تشكل جيوب من الغاز العالي الضغط، يكسر طبقة الجليد السطحية، ويخرج الجزيئات العضوية إلى السطح”.
ورجح الباحثان أن هذه الجراثيم تعيش في شقوق الجليد وتحتوي على أملاح مضادة للتجمد تتيح لها التكيف مع البرد، وأن تنشط حيت ترتفع درجة الحرارة إلى 40 درجة تحت الصفر.
واقترب المذنب إلى مسافة 500 مليون كلم من الشمس، بحيث بلغ سطحه درجات الحرارة تلك، ومنذ ذلك الحين بدأ يصدر انبعاثات من الغاز.
ومنذ ذلك الوقت، يواصل المذنب اقترابه من الشمس ليصل في المستقبل القريب إلى مسافة 186 مليون كلم.
وكلما اقترب منها أكثر، ترتفع حرارته وتتزايد انبعاثاته من الغاز والغبار، ويرجح الباحثان أن يكون ذلك ناجماً عن ارتفاع وتيرة نشاط الجزيئات الحية.
في حال جرت الأمور على ما يرام، ستكون المركبة روزيتا التي تحلق في جوار المذنب، والروبوت فيلاي الموجود على سطحه، أول من يراقب تلك الظاهرة.
وأطلقت مهمة روزيتا في مارس/اذار من العام 2004، وسافرت في الفضاء 10 سنوات قطعت خلالها 6,5 مليارات كلم وهي تتعقب المذنب، إلى أن وصلت إلى جواره، وأرسلت الروبوت “فيلاي” إلى سطحه في عملية بالغة التعقيد جرت على بعد أكثر من 500 مليون كلم عن سطح الأرض، هي الأولى من نوعها في تاريخ غزو الفضاء.
وبعد ساعات على هبوط فيلاي على سطح المذنب دخل في “غيبوبة” لأنه حط في هوة لا تصلها أشعة الشمس كثيراً، لكنه عاد و”استيقظ” قبل أسابيع مع اقتراب المذنب من الشمس وسطوع أشعتها أكثر على سطحه.
ويبدي العلماء منذ سنوات اهتماماً بالغاً بالمذنبات، معتبرين أنها شاهدة على نشأة النظام الشمسي الذي يقع فيه كوكبنا، وأنها ستزود العلم الحديث بمؤشرات ذات أهمية قصوى حول أصل المجموعة الشمسية، وربما عن أصل الحياة في الكون كذلك.