أعلنت وكالة الطاقة الدولية أمس، أن انخفاض أسعار النفط سيجبر المنتجين من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومن بينهم الولايات المتحدة على خفض إنتاجهم العام المقبل بأعلى وتيرة في أكثر من عقدين بما يعيد التوازن لسوق النفط المتخمة بالمعروض. ولفتت الوكالة التي تقدم المشورة إلى الاقتصادات الكبرى في العالم بخصوص سياسة الطاقة، إلى أن الطلب العالمي على النفط يتجه إلى الصعود بأعلى وتيرة له في خمس سنوات هذا العام بفضل انخفاض الأسعار.
وعدلت وكالة الطاقة توقعاتها للطلب على نفط «أوبك» في واحد من أكثر التقارير تفاؤلاً في شأن المنظمة منذ أن فاجأت الأسواق العام الماضي بقرارها عدم خفض الإنتاج وآثرت حماية حصتها في السوق في مواجهة المنتجين المنافسين ذوي التكلفة العالية مثل الولايات المتحدة. وأضافت الوكالة في تقريرها الشهري أن «أبرز أحداث هذا الشهر هو انخفاض إمدادات المعروض فيما الأضواء مسلطة بقوة على غير الأعضاء في أوبك».
وأكدت وكالة الطاقة أن «تهاوي أسعار النفط يكبح الإنتاج العالي التكلفة من إيغل فورد في تكساس إلى روسيا وبحر الشمال بما قد يسفر عن فقدان نصف مليون برميل يومياً في العام المقبل، وهو أكبر انخفاض في 24 سنة». وسيكون الانخفاض المتوقع في الإنتاج هو الأكبر من نوعه منذ عام 1992 حين انكمشت إمدادات المعروض من خارج «أوبك» بواقع مليون برميل يوميا مقارنة بالسنة السابقة مع انهيار الاتحاد السوفياتي السابق.
ورجحت وكالة الطاقة أن ينكمش إنتاج النفط الأميركي الخفيف بواقع 0.4 مليون برميل يومياً العام المقبل بعد نموه بوتيرة قياسية بلغت 1.7 مليون برميل يومياً في 2014. ويُتوقَّع أن يقفز معدل نمو الطلب العالمي على النفط إلى أعلى مستوياته في خمس سنوات ليسجل 1.7 مليون برميل يومياً أو 1.8 في المئة في 2015 قبل أن يتراجع إلى 1.4 مليون برميل يومياً في 2016 بزيادة 0.2 مليون برميل يومياً عن التقرير السابق لوكالة الطاقة.
الطلب العالمي
وفي 2014 بلغ معدل نمو الطلب العالمي أدنى مستوياته في خمس سنوات عند 0.8 مليون برميل يومياً. ونتيجة لذلك سيحتاج العالم كميات أكبر بكثير من خام «أوبك»، وفق وكالة الطاقة التي قدرت أن المنظمة ستحتاج إلى ضخ نحو 31.3 مليون برميل يومياً في 2016، بزيادة 0.5 مليون برميل يومياً عن توقعاتها في التقرير السابق، لتحقيق التوازن في السوق. وفي النصف الثاني من 2016 ستحتاج «أوبك» إلى ضخ ما يقرب من 32 مليون برميل يومياً وهي أول مرة سيزيد فيها الطلب العالمي عما تنتجه المنظمة حالياً.
وتضخ «أوبك» كميات نفط أكبر بكثير مما تحتاجه السوق على مدى السنة الأخيرة وهو ما تمخض عن تخمة في المعروض العالمي وتهاوي الأسعار. ومن شأن التطورات التي تتوقعها الوكالة أن تساعد على إعادة التوازن لأسواق النفط العام المقبل وقد تؤدي لارتفاع الأسعار التي هبطت في آب (أغسطس) إلى أدنى مستوياتها في ست سنوات بسبب التخمة المتزايدة في المعروض وتنامي المخاوف في شأن الاقتصاد الصيني.
وأشارت الوكالة إلى أن حالة الاقتصاد الصيني تمثل أحد أكبر الأخطار النزولية على توقعاتها لكنها أضافت أن الطلب الصيني على المنتجات النفطية ظل صامداً في شكل ملحوظ إذ سجل نمواً تجاوز الخمسة في المئة في النصف الأول من 2015. وزادت: «نتوقع أن تبقي الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، على مشترياتها من الخام مرتفعة على رغم الانهيار الأخير في سوق الأسهم الصينية وتخفيض قيمة العملة واستمرار تدفق الأخبار السيئة عن الاقتصاد الكلي. وقد تشتري بكين أيضاً خاماً إضافياً لملء احتياطياتها الاستراتيجية».
وتوقعت الوكالة نمو الطلب الصيني على المنتجات النفطية بنسبة تتجاوز الثلاثة في المئة في 2016. وقبل أن تستعيد السوق توازنها في النصف الثاني من 2016 ستواصل المخزونات العالمية، التي بلغت مستويات قياسية، النمو وفرض مزيد من الضغوط على أسعار النفط. ومع حلول الوقت الذي ستبدأ فيه الأسواق استعادة توازنها قد يعود النفط الإيراني بكميات كبيرة إذا جرى رفع العقوبات عن طهران. وكانت صادرات إيران من الخام انخفضت من نحو 2.2 مليون برميل يومياً في بداية 2012 إلى نحو مليون برميل يومياً في آب (أغسطس).
وأضافت وكالة الطاقة: «في حين أن من المستبعد حدوث زيادة كبيرة في الإنتاج الإيراني قبل العام القادم إلا أن النفط الموجود في وحدات التخزين العائمة سيبدأ في التدفق على الأسواق العالمية قبل ذلك الوقت». وقدرت حجم المخزونات العائمة في إيران بنحو 44 مليون برميل، مشيرة إلى أن المكثفات تمثل نحو 60 في المئة منها.
الأسعار
وهبطت أسعار النفط أمس بعدما خفض مصرف «غولدمان ساكس» توقعاته للخام بسبب تخمة المعروض العالمي ومخاوف في شأن متانة الاقتصاد الصيني وبعد أنباء عن رفض السعودية فكرة عقد قمة لمنتجي النفط. وانضم «غولدمان ساكس» إلى قائمة طويلة من المصارف التي خفضت توقعاتها لأسعار النفط، إذ قلص أمس توقعاته لأسعار الخام الأميركي في 2015 إلى 48.10 دولار للبرميل من 52 دولاراً. وخفض المصرف توقعاته لسعر الخام الأميركي في 2016 إلى 45 دولاراً للبرميل من 57 دولاراً.
وقلص «غولدمان ساكس» توقعاته لسعر خام القياس العالمي مزيج «برنت» في 2015 إلى 53.70 دولار للبرميل من 58.20 دولار وأكد أنه يتوقع وصوله في 2016 إلى 49.50 دولار للبرميل انخفاضاً من 62 دولاراً في تقديراته السابقة. ونزل خام «برنت» في عقود تشرين الأول (أكتوبر) دولاراً إلى 47.89 دولار للبرميل، فيما هبط سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.05 دولار 44.87 دولار للبرميل. وتجاهل المستثمرون إلى حد كبير التقرير المتفائل نسبياً الذي أصدرته وكالة الطاقة الدولية.