حذر العلماء من الإضاءة الصناعية والتدفئة المركزية في الشتاء التي تجعل “الصيف أبديا” بأن مثل هذه التوجهات يمكن أن تضر بالأجهزة المناعية للبشر وتجعل الناس عرضة للمرض والوفاة المبكرة. فالبشر مثل كل الكائنات الحية الأخرى تطوروا عبر ملايين السنين للاستجابة للتغييرات الموسمية حيث تنشط الجينات وتهدأ بناء على فصول السنة.
وهذا يعني أنه في فصل الشتاء تنشط الجينات المسؤولة عن المناعة لمساعدة الجسم في مكافحة العدوى مثل الإنفلونزا الموسمية، لكنها تهدأ في الشهور الأكثر اعتدالا عندما تقل فرصة التقاط العدوى.
ومن ثم يرى العلماء أن إمكانية تدفئة المنازل على درجات حرارة مريحة طوال العام والتمتع بالإضاءة الساطعة حتى وقت متأخر بالليل يمكن أن يربك الجينات الموسمية، مما يجعل الجسم يظن أن الوقت صيف دائم.
ويقول العلماء بجامعة أبردين بأسكتلندا إن “التغييرات الموسمية في المتغيرات البيئية تلعب دورا هاما في تنظيم العديد من العمليات الفسيولوجية والسلوكية، والكثير منا في الوقت الحاضر لم يعد يعيش وفقا للتباين الذي يحدث بشكل طبيعي في الإيقاعات الجيوفيزيائية”.
وهذا ما اكتشفه الباحثون بجامعة كامبريدج البريطانية في بداية هذا العام حيث وجدوا أن ربع الجينات البشرية تظهر علامات واضحة على التغير الموسمي. إذ إنه خلال أشهر الشتاء تصير هذه الجينات الموسمية نشيطة عند الناس الذين يقطنون شمال خط الاستواء والعكس بالنسبة للذين في الجنوب.
وبدراسة هؤلاء الذين يعيشون بالقرب من خط الاستواء، حيث تكون درجات الحرارة عالية نسبيا طوال السنة، لاحظ العلماء نمطا مختلفا حيث كانت المناعة والالتهاب مرتبطين بموسم الأمطار، وهو ما يجعل أمراضا مثل الملاريا تنتشر، لكن تلك التغييرات قد تخمد بأنماط الحياة الغربية على مدار الساعة.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي نشرت جامعتا مانشستر وإدنبره بحثا يظهر أن الغدة النخامية، الموجودة في قاعدة الدماغ، تستجيب بشكل مختلف بناء على كمية الضوء الموجود بحيث توفر “تقويما جينيا داخليا” للثدييات، ويتغير نشاط هذه “الخلايا التقويمية” بشكل كبير على مدار السنة مع إفراز بروتينات مختلفة في أشهر الشتاء أو الصيف.
وخلص العلماء إلى أن السبل الحديثة للمحافظة على الدفء والجفاف والنظافة قد تؤثر في جهاز المناعة البشري بحيث قد لا يعد مطلوبا، وهذا يحفز أو يسبب تدهور حالات المناعة الذاتية مثلالتهاب المفاصل حيث يهاجم الجسم نفسه. وأضافوا أن هذه الزيادة في الالتهاب يمكن أن تكون عامل خطر لأمراض الحياة العصرية.