أعلنت موسكو أمس إقامة «خط ساخن مباشر» بين إسرائيل والقاعدة العسكرية الروسية في مطار اللاذقية بالتزامن مع بدء القوات النظامية السورية مدعومة بغطاء جوي روسي بعملية في ريف حمص وسط البلاد وتكثيف الغارات على شرق دمشق، في وقت أعلن الرئيس فلاديمير بوتين أن موقف إدارة الرئيس باراك أوباما «غير بناء» في رفضها إجراء مناقشات سياسية والاكتفاء بمفاوضات للاتفاق على منع حصول صدام بين مقاتلات البلدين في الأجواء السورية.
وحذّر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحافي مع نظيره التركي ريدون سينيرلي أوغلو أمس، من مخاطر التدخل الروسي في سورية وما ينتج من ذلك في زيادة التطرف والعنف وتدفق المقاتلين ما سيؤثر في المنطقة بأكملها والعالم. وأضاف أن السعودية وتركيا حريصتان على دعم المعارضة، مؤكداً أن الحل سياسياً مبني على مبادئ إعلان جنيف الذي يؤدي إلى سلطة انتقالية لا يكون فيها لبشار الأسد أي دور في مستقبل سورية.
وقال سينيرلي أوغلو إن روسيا ترتكب خطأ في سورية وإن تدخلها لن يجلب الخير لسورية، مؤكداً دعم المعارضة السورية وضرورة قيام فترة انتقالية، مضيفاً أنه «لا يمكن أن نقبل أن يسيطر الأسد مرة ثانية على سورية».
وكانت وكالة أنباء «إنترفاكس» نقلت عن الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنكوف، أن «تبادلاً للمعلومات حول تحركات الطيران تم عبر إقامة خط مباشر بين مركز قيادة الطيران الروسي في قاعدة حميميم الجوية غرب سورية ومركز قيادة سلاح الجو الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن الطرفين يتدربان على سبل التعاون.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أعلن عقب اجتماعه الشهر الماضي في موسكو مع بوتين، اتفاق الدولتين على آلية لتنسيق العمل العسكري في سورية تجنباً لحالات «سوء الفهم» وحصول مواجهات. كما يحاول الروس أيضاً وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق مع الجيش الأميركي لتجنب أي حادث مع مقاتلاته في المجال الجوي السوري. وسيتم توقيع اتفاق في غضون «الأيام المقبلة»، وفق ما قال مسؤول عسكري أميركي الأربعاء في نهاية جلسة ثالثة من المحادثات عن طريق الفيديو منذ بداية التدخل الروسي.
لكن تقريب المواقف حول التنسيق العسكري لم ينعكس سياسياً، وشن بوتين أمس حملة قوية جديدة على واشنطن ووصف موقفها بأنه «غير بناء. ويبدو أنه يعكس انعدام أي أجندة يمكن أن يعتمد عليها. وليس عندهم ما يتحاورون حوله». واستغرب انتقادات واشنطن لنشاط بلاده العسكري في سورية في وقت «ترفض أي حوار مباشر حول التسوية السياسية في سورية».
ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن مقاتلاتها «نفذت خلال الـ24 ساعة الماضية 33 غارة استهدفت 32 موقعاً للإرهابيين في محافظات دمشق إدلب وحماة وحلب ودير الزور»، مشيرة إلى «تكثيف» الضربات في محيط العاصمة. وقال عسكريون روس إنها تهدف إلى «تمكين القوات الحكومية من بسط السيطرة على المناطق المحيطة بدمشق بعدما كانت خسرت بعضها في أوقات سابقة».
وكان الجيش النظامي وسع نطاق عملياته البرية لتشمل محافظة حمص، وتحديداً ريفيها الشمالي والشمالي الغربي، بدعم من «حزب الله» والطائرات الروسية، وتزامن ذلك مع استمرار العملية البرية في محافظة حماة (وسط) للسيطرة على مناطق استراتيجية تكون بمثابة مدخل قوات النظام إلى إدلب (شمال غرب).
أما إيران، الداعم الأساسي للنظام، فأعربت الخميس عن استعدادها لدرس إرسال مقاتلين إلى سورية في حال طلبت دمشق ذلك. وقال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي بعد لقائه الأسد في دمشق: «عندما يكون ذلك عبارة عن طلب من سورية سندرسه ونتخذ القرار». وكانت مصادر عسكرية سورية تحدثت عن وصول آلاف المقاتلين الإيرانيين خلال الأيام الأخيرة إلى مطار حميميم.
في بروكسيل، قال مصدر ديبلوماسي فرنسي لـ «رويترز»، إن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند التقى المستشارة الألمانية أنغيلا مركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون لتبادل وجهات النظر في شأن سورية والسعي إلى إيجاد موقف مشترك في شأن الصراع. وأضاف المصدر: «المقصود التوصل إلى موقف مشترك مع الأخذ في الاعتبار المحادثات مع الشركاء الآخرين»، في إشارة الى الاجتماع المقبل لمجموعة العشرين.