رسالة عزاء ووداع أخير

بسم الله العلي البار والحمد لله الواحد القهار الرحمن الرحيم الملك الجبار المنان الكريم الغفار لاطم الامواج في البحار ومحرك بعظمته الأسماك والأطيار ومكون بإلوهيته النعيم السرمدي والنار له الحمد مراراً وتكراراً كلما دجى ليل وأضحى نهار وكلما دارت بتأييده الأدوار ولا نهاية لنا عن الحمد.

وأزكى التحية والصلاة على عاصم النفس والذات مسيح الزمان وهادي العصر والأوان صاحب سيف التأييد وركن العلم المجيد ونبع الزاد الحميد وعلى اله اهل البيت وصحبه أجمعين, ولا حول ولا قوة إلا بالله عليه توكلت ونعم الوكيل .

وبعد.

كل نفس ذائقة الموت

فإنا لله مسلمون وخاشعون وإنا إليه بذنوبنا الثكلى لراجعون.

جاء في كتابة تعالى : “أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة”.”يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي”.

لقد أحرق في فؤادي رؤية شال النهاية عبثت به أنامل القدر فراح يلوح فوق خشب التوابيت ليكتب النهاية قبل البداية.

السيدة أم نادر رهيجه “زوجة خالي الاستاذ ايمن دعبوس”

أم نادر، وفعلاً إن ذكرك نادر وفعلك آسر يا أم المروءة والحنان يا مربية الشيخ الديان يا عطر العنبر والريحان يا حنونة يا ميمونة يا والدة العابد الديان الزاهد الريان العالم العامل حبيب الاخوان يا زوجة خالي الدؤوب .

أينك رحلت وخلفت زهراتك لتذبل؟ أينك رحلت وتركت خلوتك لتعزل؟ لقد ربيت خير أطفال واحتملت خير احتمال. يا فؤادي إن استحققت أرجوك أن تسامحي ذلي وعجزي إن ذكرتكم بسوء وارحمي فقري وزللي إن نسيتم بوضوء. رحلت بزاد وافر كتبت بداية الآخر تركت فؤادي الساهر على فقدانك صابر، رحمك الله وأسكنك فسيح جنانه واحد قادر لا استحق أن أصف عفوك ومناقبك الحسنة رغم أن سفينتك رست في ميناء فكري وشغلت قلبي وذكري. رحمك الله.

السيدة أم سعيد هدى “زوجة السيد فارس دعبوس”

جارتي ونعم الجيران والأهل والخلان. رحلت بمشيئته تعالى وتركت حسرات رحيلك في صميم أحشائي تعذبني. دفنت وهمي وأحزاني وآهاتي. دفنت يا حميدة المزايا يا قليلة الخطايا يا راقية يا من بسمتك المورقة في مقلتي باقية. أينك تخففين الهم عن ظهري المثقل؟ أينك تمسحين الدمع عن خدي الأثكل؟ أينك تقفين جنبي الوقفة الأطول؟ أينك يا معلمة الأجيال يا مقدامة الأعمال يا صحيحة الآمال؟ أينك رحلت؟ ومن أنادي إن ضعفت من بعده تعالى؟ ومن أسائل إن كتبت شتى رسالة؟ ومن أناجي إن لم أجد أمي في البيت؟ ومن سيراني إن كبرت وربيت؟ يا مربية الأسود زوجة جاري الودود، رحلت ومن سيسالني عن الدين والديانة؟ رحلت ومن سيذكرني بالسدق والأمانة؟ ومن يتأمل أيامي وحيداً؟ لمن سألقي تحيتي؟ لمن سأسرد قصتي؟ لمن سأرسم بسمتي؟ يا هدى الليل والليالي يا نسيم قلبي الغالي أتكلم وأسرد ما لا أليق أن أسرده ولكن الكلمات تتراكم على فاهي المدنس وتتزاحم فيخرج القليل ويبقى الكثير الكثير.

جارتَي وقريبتَي، كم تمنيت أن أراكما فأودعما الوداع الأخير. كم تمنيت أن اشيعكما إلى مثواكما الأخير، لكني بذلي وزللي وخطئي وسوء عملي لات اليق ولا أستحق أن أقف هنيهة في أجركما الدافي، وقدرته تعالى أن ابقى وحيدا ظمآنا لنبعكما الصافي لا أراكما ولا اسمع صوتكما الوافي.

سأشتاق إليكما شوق الصحارى للمطر وشوق الورقة للحبر وشوق الأديب للشعر وشوق النساء للعطر وشوق السماء للصقر فلا أبغى بقولي هذا فخرا ولا كبر.

إني وبذلي أخيرا وليس آخرا متوجه إلى القارئين الذين لا أستحق أن يقرؤوا كلمة مما كتبت، وأساله تعالى والقارئين أن يعوضنا وعليكم بأفضل العبادات وأن يدب الصبر والرحمة والسلوان في قلبي وافئدتكم وأن يمن علي بصفاء نياتكم وأن يسكن فقيدتينا فسيح جنانه تعالى.

الحقير لله الخاضع الخاشع المتذلل لمولاه الشاكي الباكي الفقير برجاه العاصي الناسي العامل بدنياه المتبحر بذنوبه وعيوبه وعائم في بحاره تعالى وصفاه.

الراضي بقضاء الله