أكثِر من الجزر لأنه يقوي النظر ويحمي العين من الأمراض. لا تشاهد التلفزيون عن قرب لأنه يتسبب في قصر النظر. لا تقرأ في الضوء الخافت لأنه يضعف النظر. حَوَل العينين عند حديثي الولادة ظاهرة طبيعية. العب في العراء فهو يحمي من قصر النظر. لا تفرّط في استعمال الكومبيوتر لأنه يعرّض العين للإصابة بالمياه الزرقاء.
مَن لم يسمع واحدة أو أكثر من هذه المقولات، فهل هي حقائق أم خرافات؟ تعالوا نفندها واحدة تلو أخرى:
الجزر يقوي النظر ويحمي العين من الأمراض؟َ
لا شك في أن هذه النظرية لامست مسامعنا منذ نعومة أظفارنا، وفي معرض الرد عليها يقول فريق مختص من الأطباء والخبراء من معهد التغذية في العاصمة التشيكية براغ بأن الجزر غني بمادة بيتا -كاروتين التي تتحول في الجسم الى الفيتامين أ المهم للنظر، لكن هذه المادة لا تكفي وحدها كي تقوي النظر وتحمي العين من الأمراض، فهناك مصادر كثيرة أغنى من الجزر بالمادة المذكورة، فمئة غرام من البطاطا الحلوة تعطي حوالى 9500 ميكروغرام من مادة بيتا – كاروتين، والوزن نفسه من البروكولي يعطي حوالى 9300 ميكروغرام، في مقابل 8300 ميكروغرام في مئة غرام من الجزر، فلماذا يقوي الجزر النظر، ولا يقويه البروكولي أو البطاطا الحلوة؟
اذاً، هي مجرد أكذوبة مصدرها خدعة استخدمها البريطانيون لتضليل الألمان الذين هاجموهم بطائراتهم عام 1940، وقد نجح الإنكليز وقتها في اسقاط الكثير من تلك الطائرات، وكان سر تفوق البريطانيين في تصديهم للغارات رادار جديد لم يكشفوا عنه، وكي لا يقع هذا السر في أيدي الألمان، ضخوا معلومات في الصحف بأن جنود مضاد الطائرات البريطانيين والطيارين كانوا يتناولون الكثير من الجزر ما أعطاهم نظراً ثاقباً مكّنهم من اسقاط الطائرات كالذباب.
مشاهدة التلفاز عن قرب تسبب قصر النظر؟
هذا الاعتقاد خاطئ ولا أساس له من الصحة، فقصر النظر هو أحد عيوب العين الانكسارية الناتج من وجود مشكلة تشريحية في كرة العين أو في العدسة أو القرنية، وليس عن أشعة التلفزيون التي لا تستطيع تغيير بنية العين.
في المقابل فإن الاقتراب بشدة من التلفزيون يمكن أن يؤثر سلباً في العين فتتعرض للإصابة بالإجهاد والجفاف. وعلى الأهل الذين يرون أطفالهم يشاهدون التلفزيون عن قرب ألا يتسرعوا في توبيخهم بل عليهم أن يعرفوا السبب، فربما كانت هناك مشكلة ما في العين هي التي تضطرهم إلى اتخاذ تلك الوضعية، والأولى بهم في هذه الحال استشارة الطبيب المختص في العيون بحثاً عن أي خلل لتصحيحه قبل فوات الأوان.
القراءة في الضوء الخافت تضعف النظر؟
كثيراً ما ينصح الأهل أطفالهم بإشعال الضوء عند القراءة، وتجنب اتمام المهمات الدراسية في الضوء الخافت لأنه يتسبب في قصر النظر وفي اضطرابات أخرى في الرؤية، فهل قلق الوالدين على عيون أولادهم في محله؟
قبل معرفة الجواب لا بد أن نعرف أن الضوء يخترق العين من خلال طبقة القرنية الشفافة ليعبر في طريقه عدسة العين قبل أن يسقط على الشبكية الموجودة في قاع العين، وتتألف الشبكية من ملايين الخلايا العصبية الحساسة التي تتولى ترجمة الضوء الساقط عليها إلى سيالة عصبية تنتقل عبر العصب البصري الى الدماغ الذي يعمل على ترجمتها الى صورة مرئية.
ماذا يحصل للعين عند القراءة في الضوء الخافت؟ في الواقع أن ما يحدث هو أن العين تقوم بعمليات عدة للتكيف مع الوضع، اذ تنبسط عضلات العين حتى تفسح المجال لعبور أكبر كمية من الضوء، لكنها في الوقت ذاته تنقبض كي تحافظ على الصورة المتكونة على الشبكية، وهذا ما يجعل العين تعمل بصورة أكبر كي تتمكن من تمييز الكلمات ورؤيتها في شكل واضح، وهذا ما يؤدي إلى اصابة العين بالإجهاد فقط وربما الصداع والألم في مقلة العين، لكن ليس الى حدوث ضعف البصر، كما يدعي البعض.
إذاً، إن القراءة في الضوء الخافت لا تضر بالعين ولا تحدث تغييرات جوهرية في الرؤية، وكل العوارض التي تحصل نتيجة ذلك هي مجرد سحابة عابرة ترحل مع زوال الإجهاد الذي تتعرض له العين، فإذا كنت تشعر بالراحة في القراءة في الضوء الخافت ولا تشكو من عوارض اجهاد العين التي أشرنا اليها فلا ضير من القراءة بهذه الطريقة، لكن من المفضل القراءة تحت إضاءة جيدة، وحبذا لو قمت بترميش العين في شكل مستمر لمنع حدوث الجفاف، وكذلك النظر لحظات إلى الأفق البعيد كل 20 الى 30 دقيقة.
حَوَل العينين عند حديثي الولادة ظاهرة طبيعية؟
هناك مقولة شائعة مفادها بأن الحَوَل في العام الأول من عمر الطفل هو ظاهرة طبيعية، وأنه يزول تلقائياً بعد فترة سبع إلى ثماني سنوات، وهذه المقولة ليست صحيحة، والصحيح هو أنه في تلك السنوات يحدث التطور الطبيعي للنظر وقوة الإبصار. إن ظهور الحَوَل عند المولود الجديد واستمراره يستدعي عرضه على الطبيب المختص في العيون للتأكد من وجود الحَوَل ومعرفة مسبباته ونفي وجود بعض الأمراض الخطيرة التي يكون الحَوَل عارضاً من عوارضها. ان استمرار الحَوَل يتطلب خطة علاجية تمتد سنوات وقد ينتهي الأمر بإجراء تدخل جراحي لتصحيح مسار العينين.
اللعب في العراء يقي من قصر النظر؟
كشف باحثون من جامعة بريستول البريطانية أن الأطفال في سن ثمان الى تسع سنوات الذين كانوا يلعبون بانتظام في العراء كانت إصابتهم أقل بقصر النظر عندما بلغوا 15 سنة من العمر مقارنة بأولئك الذين لم يلعبوا. ومع ذلك لا يزال الخبراء غير متأكدين من أن الوجود في الهواء الطلق هو الذي يقي من قصر النظر. وبالمناسبة فإنه يقال إن الطفل قضى وقتاً طويلاً في العراء عندما يبقى خارج البيت لمدة لا تقل عن ثلاث ساعات ونصف يومياً في فصل الصيف ومدة ساعة في فصل الشتاء.
على كل حال، ينصح الباحثون بالتعرض اليومي لضوء النهار الساطع لأنه وفق رأيهم ضروري للحفاظ على بصر جيد، بل إن دراسات أفادت بأن التعرض المنــتظم للإضاءة الساطعة يحفّز على صنع الناقل العصبي «الدوبامين» الذي يوجد بتراكيز عالـــية في الدماغ وفي شبكية العين، وإذا ما تأكدت صحة هذه النظرية فهذا يشير الى أن الحياة في داخل المنزل ساهمت في اندلاع مشكلة قصر النظر.
فرط استعمال الكومبيوتر يعرّض للإصابة بالمياه الزرقاء في العين؟
لقد حذّر علماء يابانيون من أن قضاء ساعات طويلة أمام شاشة الكومبيوتر قد يمهد الطريق للإصابة بمرض المياه الزرقاء في العين (الغلوكوما) خصوصاً لدى الأشخاص الذين يعانون قصر النظر. وتؤدي المياه الزرقاء إلى تدمير العصب البصري وإلى فقدان نعمة البصر في حال لم يتم علاجها.
وقد جاء التحذير المشار إليه بعد دراسة قام بها الدكتور ماسايوكي تاتيميتشي من جامعة توهو في طوكيو والتي شملت نحو 10 آلاف موظف تبين على إثرها أن هناك صلة ما بين المبالغة في استـــعمال الكومــبيوتر والإصابة بالمياه الزرقاء عند الذين يعانون من قصر النظر. لكن الدراسة اليابانية تحتاج الى دراسات أخرى أكثر عمقاً للوقوف على الحقيقة.