شكّلت إيران مجدداً محور خلاف بين روسيا والولايات المتحدة في شأن دعوتها إلى المشاركة في مؤتمر «جنيف 2». في وقت قال الموفد الدولي – العربي الأخضر الإبراهيمي، في باريس، إن الأمين العام للأمم المتحدة وهو شخصياً يؤيدان دعوتها إلى المؤتمر المقرر أن يعقد في 22 كانون الثاني (يناير) الجاري في مدينة مونترو السويسرية، وسانده في ذلك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. لكن وزير الخارجية الأميركي جون كيري رد على نظيره الروسي بالقول إن عدم دعوة الإيرانيين لا علاقة له بالأيديولوجيا بل بسبب رفضهم بيان «جنيف 1» الداعي إلى حكم انتقالي في سورية، لافتاً إلى مشاركتهم عسكرياً إلى جانب النظام السوري وكذلك دعمهم لـ «حزب الله الإرهابي» الذي يقاتل بدوره في سورية.
وردت طهران في شكل غير مباشر على عدم دعوتها إلى مؤتمر جنيف، وقال وزير خارجيتها محمد جواد ظريف في بيروت إن الأطراف التي «تضغط» من أجل الحؤول دون مشاركة ايران في المؤتمر «ستندم مستقبلاً»، مشدداً على أن إيران ترفض وضع أي شروط مسبقة لمشاركتها، في إشارة إلى إصرار الغرب على قبولها بيان «جنيف 1».
وعشية مؤتمر الكويت للمانحين غداً الأربعاء، وجّه أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح «نداء استغاثة» للمواطنين والمقيمين للمشاركة في «مسيرة الخير والعطاء لإغاثة الإخوة أبناء الشعب السوري الشقيق داخل سورية وخارجها من اللاجئين والمشردين، للتخفيف من معاناتهم المأسوية». واعتبر عدم التجاوب مع جهود رفع هذه المعاناة «وصمة عار في جبين المجتمع الدولي». وتأمل الأمم المتحدة جمع 6.5 بليون دولار لمساعدة سورية في مؤتمر الكويت للمانحين الذي تشارك فيه 60 دولة.
وفي العودة الى المؤتمر الصحافي الثلاثي الذي عقده أمس كيري ولافروف والإبراهيمي في مقر إقامة السفير الأميركي في باريس، رأى الوزير الروسي أنه ينبغي على الدول المؤثرة في الوضع في سورية مثل إيران والسعودية أن تشارك في مؤتمر جنيف «بعيداً من المواقف الأيديولوجية المرتبطة بمشاركة ايران»، في حين أكد كيري أن رفضه مشاركة إيران في المؤتمر السوري ليس قضية أيديولوجية بل يأتي في إطار براغماتي وعملي كون طهران رفضت الاعتراف بهدف مؤتمر جنيف وهو تطبيق «جنيف ١». ولفت كيري أيضاً إلى أن إيران «تدعم حزباً إرهابياً وهو حزب الله يرتكب جرائم في بلده وخارج أراضي بلده ويشارك في الحرب على الأرض في سورية، وإيران (أيضاً) لها قوات على الأرض في سورية».
وقال الإبراهيمي من جانبه إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وهو شخصياً يؤيدان مشاركة إيران في مؤتمر جنيف ولكن القرار بالنسبة إلى دعوتها «ينبغي أن يتم بالتوافق بين الجانب الأميركي والجانب الروسي».
وقال كيري إن مؤتمر السلام السوري سيكون بداية مسار ومفاوضات صعبة ومعقدة تستغرق وقتاً، وإنه ينبغي أن يؤدي إلى حل سياسي يقرره الشعب السوري ولا تفرضه لا الولايات المتحدة ولا روسيا. وقال كيري إنه ولافروف والإبراهيمي ناقشوا خطوات مسبقة لجنيف تهدف إلى إنجاح بداية المسار ومنها وقف إطلاق نار وتبادل للسجناء بين الحكم السوري والمعارضة وأيضاً إتاحة توصيل مساعدات إنسانية للمناطق المحاصرة والمنكوبة.
ولفت لافروف إلى إن المعارضة في سورية تتضمن حركات إرهابية عديدة منها «جبهة النصرة» و «داعش» كما أن «الجبهة الإسلامية» فيها عناصر انتقلت إليها من حركات إرهابية ومن «مرتزقة في الخارج».
وفي بيروت، شدد وزير الخارجية الإيراني على أن «هناك ثابتاً في السياسة الخارجية الإيرانية وهو إقامة افضل علاقات التعاون مع دول المنطقة لا سيما دول الجوار والسعودية تأتي بمقدمة الدول المهمة في المنطقة وإيران تسعى لإقامة افضل علاقات الجوار القائمة على احترام مصالح البلدين، والعلاقة مع السعودية تحقق الأفضل للمنطقة».
وأعلن ظريف، في مؤتمر صحافي بعد لقائه المسؤولين اللبنانيين، إن «الاتفاق (في شأن النووي) الذي توصلنا اليه في جنيف بداية طريق طويل وصعب لتفعيل الثقة وبخاصة تجاه الولايات المتحدة».
وحين سئل عن مشاركة طهران في «جنيف 2»، قال: «وضع أي نوع من انواع الشروط المسبقة للتلاقي بين الأطراف في سورية لا يمكن أن يوصل الى حل للأزمة السورية، وفي ما يتعلق بمشاركة ايران في «جنيف 2» فإيران ترفض أي شرط مسبق لحضورها، وإذا وُجهت لها دعوة رسمية كما لبقية الأطراف من دون شروط مسبقة فستشارك اما اذا حالت أي ضغوط دون مشاركة ايران في المؤتمر فهذه الأطراف ستندم مستقبلاً لمساعيها لعدم مشاركة ايران، لأن بإمكان ايران ان تؤدي دوراً لإيجاد حل للأزمة في سورية».
وجاء استعار الخلاف على مشاركة إيران في «جنيف 2» في وقت احتدمت المواجهات بين فصائل إسلامية وبين «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في أكثر من منطقة سورية. وأفيد بأن الفصائل الإسلامية كانت تسعى أمس إلى استعادة مدينة الباب قرب حلب بعدما تمكن «داعش» من السيطرة عليها صباحاً. وذكر ناشطون أن هذا التنظيم أعدم عشرات المقاتلين الإسلاميين من «حركة أحرار الشام» (وهي جزء من «الجبهة الإسلامية») بعدما نصب مكمناً لهم في الرقة، كما أعدم 14 مقاتلاً إسلامياً آخر في بادية حمص.