تقهقرت فصائل معارضة سورية أمام تحالف من المقاتلين الأكراد والعرب قرب الحدود التركية. وسيطرت «قوات سورية الديموقراطية» أمس على مدينة تل رفعت المعقل الرئيسي للمعارضة السورية في ريف حلب بدعم من الطيران الروسي، ما وضع المعارضة بين قوات النظام والأكراد و «داعش»، بالتزامن مع تصاعد التوتر بين أنقرة وموسكو ودعوة واشنطن الطرفين إلى التهدئة، في وقت قتل وجرح مدنيون بغارات لطائرات يعتقد أنها روسية على مستشفيات بينها اثنان في ريف إدلب يتبعان منظمة «أطباء بلا حدود». وذكرت وزارة الخارجية الروسية أن مجموعة العمل الخاصة بوقف العمليات العدائية ستجتمع في جنيف خلال أيام.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بإن «قوات سورية الديموقراطية» التي تضم «وحدات حماية الشعب» الكردي ومقاتلين عرباً، سيطرت على نحو 70 في المئة من بلدة تل رفعت الواقعة بين مدينة حلب ومدينة أعزاز قرب حدود تركيا، بعد أيام من محاولة القوات الحكومية السورية السيطرة على هذه البلدة التي هي معقل للمعارضة في ريف حلب.
وتشن القوات السورية هجوماً كبيراً مدعوماً بقصف روسي وقوات تدعمها إيران ضد فصائل المعارضة، جعل الجيش السوري على بعد 25 كيلومتراً من الحدود التركية. واستغلت «قوات سورية الديموقراطية» الوضع وسيطرت على أراض من المعارضة، موسّعة نطاق وجودها على الحدود. ويأتي هذا التقدم في ريف حلب الشمالي بعد تقدم للجيش النظامي في المنطقة نفسها، ما وضع الفصائل المقاتلة في «طوق كماشة» قوات النظام والأكراد من الجنوب والغرب وعناصر تنظيم «داعش» من الشرق، كما باتت المعارضة شبه محاصرة في الأحياء الشرقية لمدينة حلب. وأفيد بأن 9 فصائل مقاتلة بينها «حركة أحرار الشام»، توحدت تحت قيادة القائد السابق لهذه الحركة هاشم الشيخ (أبو جابر)، لصد هجمات النظام والأكراد في ريف حلب.
واتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو خلال زيارته كييف أمس، روسيا بالتصرف في سورية كأنها «منظمة إرهابية»، متوعداً برد قوي. وقال في مؤتمر صحافي مع نظيره الأوكراني أرسيني ياتسينيوك: «إذا واصلت روسيا التصرف كأنها منظمة إرهابية ترغم المدنيين على الفرار، فسنوجه إليها رداً حاسماً جداً». وأكد: «لن نسمح بسقوط أعزاز، ولا بتقدم الميليشيات الكردية نحو غرب الفرات أو شرق عفرين»، مع استمرار قصف المدفعية التركية لليوم الثالث في قصف مواقع كردية.
في المقابل، أعربت روسيا، التي تدعم قاذفاتها عمليات المقاتلين الأكراد، عن «قلقها الشديد حيال الأعمال العدوانية للسلطات التركية»، معتبرة أن أنقرة تعتمد «خطاً استفزازياً يشكل خطراً على السلام والأمن ويتجاوز حدود الشرق الأوسط».
وحضت الولايات المتحدة من جهتها، روسيا وتركيا على تجنب أي تصعيد في سورية. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية: «من المهم أن يتحاور الروس والأتراك مباشرة وأن يتخذوا إجراءات لتجنب التصعيد». وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في مقابلة مع صحيفة «شتوتغارتر تسايتونغ» الألمانية: «في ظل الوضع الراهن سيكون من المفيد وجود منطقة هناك لا ينفذ فيها أي من الأطراف المتحاربة هجمات جوية، وبالتالي منطقة حظر طيران بشكل ما».
إلى ذلك، أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» عن مقتل سبعة مدنيين وفقدان ثمانية موظفين «يرجح أن يكونوا أمواتاً»، في قصف جوي دمر أحد المستشفيات التي تدعمها في ريف إدلب الجنوبي (شمال غرب) من دون أن تحدد الجهة المسؤولة. لكن «المرصد» تحدث عن قصف جوي يعتقد أنه روسي، فيما أوضح نشطاء معارضون أن عدد القتلى بلغ 17 مدنياً. كما قتل عشرة مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال، في قصف جوي روسي في محيط مستشفى في مدينة أعزاز وقرية كلجبرين القريبة منها، وفق «المرصد».
وفي نيويورك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الدول إلى التقيد «بالالتزامات التي حددت في اجتماع مجموعة الدعم الدولية لسورية في ميونيخ وترجمتها إلى أفعال»، في تعليق على قصف مراكز طبية. وقال الناطق باسم الأمين العام فرحان حق، إن الهجمات بالصواريخ «أدت إلى مقتل ٥٠ مدنياً بمن فيهم أطفال، وجرح آخرين». وأضاف نقلاً عن الأمين العام بان كي مون، أن هذه الاعتداءات هي «انتهاكات فاضحة للقوانين الدولية وهي تؤدي إلى تعميق الأزمة وتقويض نظام الرعاية الطبية» في سورية.
وفي دمشق، أعلن مصدر حكومي سوري أن الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا وصل مساء إلى دمشق على أن يلتقي اليوم وزير الخارجية وليد المعلم لـ «مناقشة استئناف المفاوضات في 25 الشهر الجاري ووقف إطلاق النار، والمساعدة الإنسانية إلى البلدات المحاصرة».