عززت موسكو أمس دعمها لأكراد سورية بإعلانها عدم معارضتها إقامة دولة فيديرالية، الأمر الذي يمكن أن يزيد قلق تركيا من منعكسات التدخل العسكري الروسي، في وقت حققت القوات الحكومية السورية تقدماً استراتيجياً شرق دمشق وسط تحذير المعارضة من احتمال «إلغاء كامل» للهدنة في يومها الثالث. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة من «تقويض» الاتفاق. واستأنفت الأمم المتحدة إدخال مساعدات إنسانية إلى مناطق تحاصرها القوات الحكومية بالتزامن مع عقد اجتماع دولي في جنيف لبحث خروقات الهدنة لتمهيد الأرضية لاستئناف مفاوضات السلام الأسبوع المقبل.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف في مؤتمر صحافي في موسكو أمس أنه إذا توصل السوريون خلال المفاوضات إلى «أن نظام الدولة في المستقبل الذي يعتمد النموذج (الاتحادي) سيخدم مهمة الحفاظ على سورية موحدة وعلمانية ومستقلة وذات سيادة، فمن سيعترض على ذلك حينها؟».
وكان الرئيس بشار الأسد لم يستبعد في تصريحات صحافية فكرة النظام الاتحادي، لكنه قال إن أي تغيير يجب أن يكون نتيجة لحوار بين السوريين واستفتاء لإدخال التعديلات اللازمة على الدستور، في وقت انتقدت الحكومة السورية تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن «تقسيم» سورية. وقال ريابكوف إن موسكو لن تعترض أيضاً على «أي نموذج آخر لسورية شريطة ألا يكون من إملاء شخص على بعد ألف كيلومتر من سورية».
ويعني اعتماد النظام الفيديرالي في سورية، تعزيز موقع الأكراد الذين أقاموا ثلاث إدارات محلية في الجزيرة وعين العرب (كوباني) شرق وعفرين شمالاً، ما يعزز من مخاوف تركيا من قيام «كردستان سورية» قرب حدودها علماً أن هذه الإدارات فتحت مكتب تمثيل في موسكو. وسعت أنقرة إلى منع ربط إقليمي شرق سورية بشمالها في منطقة عفرين.
وعلى صعيد الهدنة في يومها الثالث، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس إن القوات النظامية «تمكنت من التقدم في غوطة دمشق الشرقية مجدداً والسيطرة على منطقة الفضائية الواقعة بين منطقتي بيت نايم وحرستا القنطرة بعد اشتباكات دارت خلال الـ 24 ساعة المنصرمة». وقالت الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة أن النظام خرق مرات عدة الهدنة، فيما أعلن كبير المفاوضين أسعد الزعبي: «نحن لسنا أمام خرق للهدنة… نحن أمام إلغاء كامل للهدنة».
ودعت فرنسا إلى اجتماع عاجل لمجموعة العمل المنبثقة من «المجموعة الدولية لدعم سورية» لبحث الخروق اثر استمرار الغارات الروسية والسورية على مناطق مختلفة. وقال الأمين العام للأمم المتحدة في جنيف إن هدف الاجتماع «منع وقوع حوادث بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، خشية تقويضه». وزاد: «يمكنني القول إن وقف الأعمال العدائية صامد عموماً على رغم أننا سجلنا بعض الحوادث». وقال الأمين العام لـ «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) ينس ستولتنبرغ في الكويت: «رأينا علامات مشجعة على أن وقف إطلاق النار صامد إلى حد كبير، لكن في الوقت نفسه رأينا بعض التقارير عن انتهاكات». وفي أبيدجان، اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «أن وقف إطلاق النار سار على ثلث الأراضي السورية وآمل أن يتوسع ليشمل الأراضي كافة»، مضيفاً: «للأسف تتواصل الهجمات كل يوم». لكن الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف قال إن «الإجراءات الاساسية اتخذت والعملية لا تزال جارية»، موضحاً في الوقت ذاته «أننا نعلم مسبقاً أن ذلك لن يكون سهلاً». وقال مسؤول أميركي: «سيكون اتفاقاً صعب التطبيق ونحن نعلم أن العقبات كثيرة».
وللمرة الأولى بعد سريان الهدنة، أعلنت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري «أن عشر شاحنات من أصل 51 شاحنة» دخلت إلى مدينة معضمية الشام المحاصرة جنوب غربي دمشق. وأعلن مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين في جنيف إن «التجويع المتعمد للشعب محظور في شكل لا لبس فيه باعتباره سلاح حرب»، مضيفاً أن «الغذاء والأدوية وغيرها من المساعدات الإنسانية الملحة الأخرى تمنع من الدخول في شكل متكرر. الجوع قد يودي بحياة الآلاف». وتخطط الأمم المتحدة لإرسال مساعدات في الأيام المقبلة إلى 154 ألف شخص يعيشون في مناطق سورية محاصرة.