نجح علماء أمريكيون في جعل قردة تتحكم بقوة الأفكار في مقعد كهربائي متحرك. ونشر الباحثون نتائج التجارب التي أجروها على استخدام القردة النظام المعروف بـ “حاسوب العقل الوسيط” أو “واجهة الدماغ الحاسوبية” المعروف اختصارا بـ “BMI” الخميس ( الرابع من ىذار/ مارس 2016) في مجلة “ساينتيفيك ريبورتس” العلمية.
ويعتقد العلماء أن دراستهم تمهد لمنح البشر المصابين بالشلل الكلي إمكانية الحركة باستخدام الذهن. غير أن خبراء محايدين يرون أنه لا تزال أمام هذه الخطوة الكثير من الأبحاث والتطوير.
زرع الباحثون تحت إشراف ميجويل نيكوليليس بكلية طب جامعة ديوك بمدينة دورهام بولاية نورث كارولينا عدة أقطاب كهربائية دقيقة في دماغ اثنين من القردة من فصيلة المكاك الريسوسي وبالتحديد في مناطق المخ المسؤولة عن الحركة. ثم وضع الباحثون هذين القردين السليمين، غير المصابين بالشلل، في صندوق مثبت على عجلات على شكل مقعد متحرك يتم التحكم به عن بعد. في البداية دفع الباحثون هذا المقعد بدون تدخل القردين حتى مكنهما من الوصول لطبق به عنب ثم تعلم القردان التحكم في المقعد باستخدام إشارات العقل التي يتم نقلها عبر نظام واجهة الدماغ الحاسوبية BMI .
وتحسنت قدرة القردين بشكل متزايد على التحكم في المقعد. وقال الباحثون إن النتائج التي توصلوا إليها تبين إمكانية استعادة المصابين بأشد أنواع الشلل جزءا من حركتهم مستقبلا باستخدام نظام واجهة الدماغ الحاسوبية المزروعة في المخ. يشار إلى أن علماء آخرين استخدموا بالفعل هذه الأقطاب المتوغلة داخل المخ من أجل تقنية BMI حيث لم يقتصر استخدام هذه الأقطاب على وضعها على فروة الرأس كما يتم في تخطيط أمواج الدماغ بل تمت زراعتها فعلا داخل المخ في تجارب سابقة.
غير أن هذه التجارب السابقة اقتصرت على “قراءة” النبضات العصبية لحركات اليد والأصابع ثم نقل هذه النبضات إلى جهاز تحكم باستخدام عصا تحكم أو ذراع صناعية. ورأى خبراء معنيون أن ما قام به مخ القردين أثناء هذه الدراسة من نقل للجسم بشكل كامل والذي لم يكن معروفا للمخ من قبل يعد نجاحا في حد ذاته “والجديد في ذلك أن جهازا تقنيا يحرَك رغم أنه لم يكن لهذا الجهاز تمثيلا سابقا فيما يعرف بالقشرة المخية حسبما أوضح البروفيسور جابريل كورو، أخصائي طب الفيزياء العصبية في مستشفى برلين شاريتيه.
غير أن كورو أشار إلى وجود بعض القيود التي تجعل نتائج الدراسة غير مطلقة وذلك في ظل حقيقة أن الدراسة أجريت على قردين غير مصابين بالشلل مما يجعل من غير المستبعد حسب كورو أن تكون نبضات عصبية ذات صلة بالإشارات مثل الحركة الضئيلة للأيدي قد ساهمت في نجاح القردة في التحكم في حركة المقعد بقوة المخ. ويعتزم الباحثون معرفة حقيقة هذا التأثير من خلال دراسات أخرى. أما البروفيسور ألكسندر غايل، خبير علم الأعصاب الحسية الحركية في جامعة غوتينغن الألمانية فيرى أنّ الدراسة حققت خطوة علمية للأمام من خلال نقل الإشارات دون الحاجة للأسلاك وقال إن ذلك أمر مهم سواء بالنسبة لنظام واجهة الدماغ الحاسوبية الجراحي أو في تقنيات البدائل العصبية. وأوضح غايل أن هذه التقنية ستصبح مغرية بشكل هائل عندما يتم تطويرها وجعلها صغيرة بشكل يجعل من الممكن إخفاؤها تماما تحت الجلد.