الروس يتدخلون لحسم «معركة تدمر»

سيطرت القوات الحكومية السورية أمس على ما يقرب من ثلث مدينة تدمر الاستراتيجية، بعد معارك ضارية ضد تنظيم «داعش»، الذي أفاد ناشطون بأنه يعاني انهياراً في صفوفه، وأنه سحب جزءاً من عناصره في اتجاه بلدة السخنة شرقاً. وكان لافتاً تأكيد مصادر عسكرية سورية أن القوات الخاصة الروسية تشارك في الهجوم وفي تنسيق عمليات القصف الجوي والمدفعي، لحسم معركة استعادة تدمر.

في غضون ذلك، كشفت وثيقة سلّمتها «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة إلى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، عدم قبول المبعوث الدولي أي إشارة في وثيقة «المبادئ الأساسية للتسوية السياسية» ذات النقاط الـ١٢، إلى الرئيس بشار الأسد وتشكيل «هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة»، في وقت عُلم أن الحكومة السورية أعدت تعديلات على دستور العام ٢٠١٢ بينها انتخاب الرئيس في البرلمان وليس مباشرة من الشعب.

وكان دي ميستورا أعلن في ختام الجولة السابقة من المفاوضات غير المباشرة بين ممثلي الحكومة والمعارضة، وثيقة من ١٢ بنداً تعكس فهمه لموقفي الأطراف السورية إزاء المبادئ الأساسية للتسوية السياسية. وطلب الوفد الحكومي وقتاً للتشاور مع دمشق وتقديم الرد في الجولة المقبلة، في حين سلّم رئيس وفد «الهيئة التفاوضية» العميد أسعد الزعبي وثيقة من ثلاث صفحات، نص بندها السادس على أنه «طبقاً لقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، فإن الانتقال السياسي يبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي تمارس كامل السلطات التنفيذية، على ألا يكون لبشار الأسد وأركان نظامه وجميع من تلطخت أيديهم بدماء السوريين دور فيها، من بدء المرحلة الانتقالية وذلك خلال ستة أشهر من تاريخ بدء العملية السياسية»، وهي أمور لم تكن موجود في وثيقة دي ميستورا الذي التزم نص القرار ٢٢٥٤.

وإذ تحدثت وثيقة المبعوث الدولي عن «إعادة بناء جيش وطني وقوي وموحد»، فإن «الهيئة» طالبت في وثيقتها بـ «إعادة هيكلة وتشكيل المؤسسات العسكرية والأمنية»، إضافة إلى مطالبتها بـ «إخراج المقاتلين غير السوريين كافة، من ميليشيات طائفية وجماعات مرتزقة وقوات تابعة لدول خارجية، من الأراضي السورية».

إلى ذلك، قالت مصادر إن خبراء قانون أعدوا تعديلات على دستور العام ٢٠١٢ فيها ثلاثة تغييرات: «إزالة عبارة أن الاسلام دين رئيس الجمهورية، للرئيس ولايتان مدة كل منهما سبع سنوات بدءاً من الانتخابات المقبلة، انتخاب الرئيس عبر البرلمان وليس بالاستفتاء المباشر. وهذا ينسجم مع دستور العام ١٩٥٠».

ميدانياً، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن معارك عنيفة تدور في شكل متواصل بين قوات النظام وبين تنظيم «داعش» في تدمر، «وسط مقاومة عنيفة من التنظيم». وتابع أن «قوات النظام تحاول تثبيت سيطرتها بعد تمكنها من بسط سيطرتها على نحو ثلث المدينة، كما تقدمت في محيط منطقة العامرية على طريق تدمر- الرقة، وسيطرت على تلة السكري، وقطعت الطريق الواصل بين تدمر والرقة»، متحدثاً عن نجاح «داعش» في قتل ضابطين على الأقل أحدهما عميد ركن والآخر عقيد ركن. لكنه قال إن «داعش» يعاني حالياً حال انهيار في صفوفه في المدينة، وإنه سحب جزءاً من عناصره إلى شرق تدمر.

ولفتت وكالة «فرانس برس» من جهتها، إلى أن الجيش السوري ضيّق السبت الخناق على مسلحي «داعش» في تدمر «بدعم من القوات الروسية التي تشارك بقوة في المعركة». ونقلت عن مصدر عسكري أن «معركة تدمر الآن هي في المراحل الأخيرة بعدما انتقلت الى داخل المدينة، والمعارك شرسة». وقال المصدر العسكري السوري أيضاً إن «الروس يشاركون بشكل واسع» في معركة تدمر، مشيراً الى مركز عمليات مشترك للجيشين الروسي والسوري. وأضاف أن مشاركة الروس واسعة، «سواء بالقتال المباشر براً أو من خلال الطيران أو من خلال الاتصالات وأجهزة التشويش». وأشار إلى «مشاركة طائرات روسية ضخمة في وقت مبكر من صباح السبت مع 150 غارة عندما كنا في صدد السيطرة على التلال حول المدينة». وأوضح أن الغارات توقفت إلى «حد كبير، فالمعركة الآن في المدينة، والمدفعيتان الروسية والسورية تشاركان في القصف».

وأكد أن «معارك المدينة لا تحتاج إلى زخم جوي، إنما إلى زخم مدفعي وهذا الشيء نلاحظه سواء من مدفعية الروس أو مدفعية الجيش».

بدوره، شاهد مراسل «فرانس برس» الموجود على تلة غرب تدمر، المدفعيتين الروسية والسورية تقصفان مواقع التنظيم في المدينة من مرتفع تسيطر عليه قوات النظام. وتتركز المعارك في الأحياء السكنية في شمال غربي المدينة، حيث ينتشر عناصر التنظيم.

+ -
.