«حرب أبنية» بين «قوات سورية» و«داعش» في منبج

توغلت «قوات سورية الديموقراطية» الكردية – العربية أمس في منبج شرق حلب وخاضعت معارك ضد عناصر «داعش» للسيطرة على شوارع وأبنية في هذه المدينة التي تعتبر «رئة» الإمداد بين معقل التنظيم في الرقة شرقاً وحدود تركيا، في وقت جرح ثلاثة جنود روس وقتل ضابط رفيع في الجيش الحكومي السوري بهجمات شنها «داعش» على تخوم محافظة الرقة. وأعلن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا أن إمكانية تحديد موعد لاستئناف مفاوضات السلام في جنيف تنتظر اجتماع مجلس الأمن الدولي في ٢٩ الجاري، وسط تحذيرات من «انزلاق» الوضع نحو مزيد من التصعيد وتراجع إيصال المساعدات الإنسانية.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «قوات سورية الديموقراطية» دخلت أمس منبج من الجهة الجنوبية الغربية بغطاء جوي كثيف من التحالف الدولي بقيادة أميركا، مشيراً إلى «اشتباكات عنيفة تدور بين الأبنية وفي الشوارع داخل المدينة» التي سيطر عليها «داعش» في ٢٠١٤.

واستهدفت قاذفات التحالف مواقع «داعش» وتحركاتهم داخل المدينة وفي محيطها لإعاقة قدرتهم على صد هجوم «قوات سورية الديموقراطية» التي تقدمت إلى داخل المدينة بعد ساعات من سيطرتها على قرية قناة الشيخ طباش الواقعة عند أطرافها الجنوبية الغربية، بعد ثلاثة أسابيع على انطلاق معركة السيطرة على منبج.

وقال مصدر قيادي في «قوات سورية» إن عناصر التنظيم «حاولوا إعاقة تقدم قواتنا عبر زرع الألغام والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة، إلا أن المقاتلين وبالتنسيق مع التحالف (الدولي) مصممون على التقدم داخل المدينة والقضاء على مسلحي داعش». وارتفعت حصيلة القتلى إلى 63 كردياً- عربياً، في حين قتل 458 إرهابياً.

وفي هذه المعركة التي من المتوقع أن تشكل تحولاً كبيراً في الحرب ضد تنظيم «داعش» التي يساندها التحالف الدولي، تتلقى «قوات سورية الديموقراطية» الدعم أيضاً من مستشارين أميركيين وفرنسيين على الأرض. وأعلنت قيادة أركان الجيوش الفرنسية أمس أن فرنسا ستوقف استخدام طائرات «ميراج 2000» في ضرباتها الجوية ضد «داعش» في سورية والعراق، وقررت استخدام الطائرات المقاتلة من نوع «رافال» فقط. وأضافت أنه من الآن حتى تشرين الأول (أكتوبر) ستكون في الشرق الأوسط 12 طائرة من نوع «رافال» في الأردن والإمارات العربية المتحدة، مقابل ست حالياً في الإمارات فقط.

وعلى جبهة أخرى، يتصدى «داعش» لمحاولات القوات الحكومية والمسلحين الموالين التقدم مجدداً إلى داخل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة بعد تراجعها مطلع الأسبوع على وقع التفجيرات والهجمات الانتحارية للإرهابيين. وأفاد «المرصد» أمس بإصابة «ثلاثة جنود روس الثلثاء بجروح خطيرة جراء استهداف سيارتهم بتفجير لغم زرعه التنظيم شرق منطقة بئر أبو علاج، الواقعة على الحدود الإدارية بين محافظتي الرقة (شمال) وحلب»، حيث تمركزت الحكومة بعد تراجعها.

وتمكنت القوات الروسية من سحبهم، بحسب «المرصد»، الذي أشار أيضاً إلى مقتل اللواء حسن سعدو، رئيس أركان الفرقة العاشرة في الجيش الحكومي السوري التي تتصدر الهجوم، جراء استهدافه في المنطقة ذاتها.

في جنيف، قال دي ميستورا إن فرص عقد جولة جديدة من مفاوضات السلام، ستكون أوضح بعدما يناقش مجلس الأمن الدولي الخيارات المختلفة في ٢٩ حزيران (يونيو) الجاري. وأضاف أنه كان برفقة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارة قام بها الأسبوع الماضي إلى سان بطرسبرغ حيث عقدا «اجتماعاً شاملاً وطويلاً» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف تركز في معظمه على سورية.

وقال دي ميستورا إنه يهدف لتحديد موعد لجولة جديدة من المفاوضات للوفاء بالموعد النهائي المحدد في آب (أغسطس) للتوصل إلى اتفاق سياسي، لكنه أوضح أنه يرغب في أن تحرز الولايات المتحدة وروسيا قدراً كبيراً من التقدم في شأن اتفاق لإجراء انتقال سياسي.

وقال يان إيغلاند مستشار الشؤون الإنسانية للمبعوث الدولي إن الأمم المتحدة لا تزال تطلب من الحكومة الإذن لدخول منطقتي عربين وزملكا المحاصرتين في ريف دمشق. وقال إنه يأمل في الوصول للبلدتين الأسبوع المقبل. وحذر أيضاً من أن أربع بلدات مدرجة في اتفاق محلي للتهدئة وهي الزبداني ومضايا في ريف دمشق والفوعة وكفريا في ريف إدلب لم تصلها مواد غذائية منذ نيسان (أبريل) وأن «الموقف الإنساني معرض لخطر الانزلاق إلى الظروف التي شهدتها البلاد في بداية العام عندما كان سكان مضايا يتضورون جوعاً حتى الموت».

في نيويورك، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين أمام المجلس، إنه «منذ بدء الحملة العسكرية ضد داعش في منبج، نزح ٤٥ ألفاً من السكان، وتطوق قوات سورية الديموقراطية ٥٦ ألفاً آخرين حالياً». وأضاف في إحاطته الشهرية حول المساعدات الإنسانية، أن هجوم «داعش «على أعزاز والمنطقة المحيطة في ريف حلب أدى الى سقوط العديد من المدنيين «وهو يهدد أكثر من ٢٠٠ ألف شخص» في تلك المنطقة.

وقال إن «الغارات الجوية والقصف يزداد على طريق كاستيلو، المنفذ الوحيد المتبقي للمجموعات المسلحة في حلب والقرى المحاذية له، وهو ما يهدد مجدداً بتطويق كامل المنطقة التي تضم أكثر من ٣٠٠ ألف من السكان». وأكد أن الاستخدام المكثف للبراميل المتفجرة من جانب القوات الحكومية «بالعشرات» لا يزال يوقع أعداداً كبيرة من الضحايا، مشيراً على وجه الخصوص إلى داريا التي وصفها بأنها «العاصمة السورية للبراميل المتفجرة».

وفي شأن الهجمات على المراكز الطبية، قال أوبراين إن المنظمات الإنسانية وثقت حتى نيسان (أبريل) الماضي ٣٦٥ هجوماً على ٢٥٩ مركزاً طبياً، ومقتل ٧٣٨ عاملاً طبياً، مشيراً إلى أن الحكومة السورية مسؤولة عن ٢٨٩ من هذه الهجمات أو ما نسبته ٧٦ في المئة منها، ومقتل ٦٦٧ من العاملين في المجال الطبي.

ووصف أوبراين الحالة الإنسانية في سورية بأنها تشكل «حقيقة مقرفة»، داعياً إلى تطبيق كل قرارات مجلس الأمن المعنية بإيصال المساعدات من جميع الأطراف.

وبحث المجلس أمس في جلسة مشاورات مغلقة «الوضع على الحدود السورية- التركية» بطلب من روسيا التي تتهم تركيا «ببناء جدار حدودي داخل الأراضي السورية»، وفق ديبلوماسيين في المجلس.

+ -
.