يستبعد أكراد سوريون أي انعكاسات سلبية لتطبيع العلاقات والتقارب بين موسكو وأنقرة، على مشروع اقامة «غرب كردستان» (روج آفا) قرب حدود تركيا، ويعولون على دعم واشنطن وسط تأكد أنباء عن وجود ثلاث قواعد عسكرية أميركية في مناطقهم وتقديم التحالف الدولي بقيادة واشنطن الغطاء الجوي لمعاركهم ضد «داعش». واستعجل الأكراد طرح مسودة دستور للفيديرالية تضمن 85 مادة بينها اعتماد علم مستقل وفتح المجال لإقامة علاقات ديبلوماسية مع الخارج واعتبار الانضمام الى «قوات سورية الديموقراطية» واجباً على الشباب الأكراد.
واستبعد رئيس «الاتحاد الديموقراطي الكردي» صالح مسلم في اتصال مع «الحياة» حصول أي تغيير بالنسبة الى الموضوع الكردي، اذ ان «مشروع الإدارات الذاتية الفيديرالية طالما ان المكونات السورية معنا، مستمر»، قائلاً: «لن نتازل عن اقامة روج آفا والربط بين اقاليم الشمال وعفرين مقبل عاجلاً او آجلا»، الأمر الذي وافقت عليه الرئيسة المشتركة لـ «مجلس سورية الديموقراطي» إلهام أحمد، التي قالت لـ «الحياة»: «المناطق التي يحتلها داعش ستكون هدفاً لقوات سورية الديموقراطية بما في ذلك المناطق بين منبج (شرق حلب) وعفرين». وأوضحت: «لن يكون هناك تأثير سلبي علينا للتقارب كما تريد انقرة خصوصاً ان مشروعنا فيديرالي وجغرافي لكل سورية. ودولة عظمى مثل روسيا لن تقف ضد قوة ريادية مثل قوتنا لها دور كبير في دحر داعش. لكن التأثير سيكون اكبر في المعارضة السورية التي وضعت كل رهاناتها على تركيا».
وكان الطيران الروسي قصف مواقع لفصائل معارضة قرب عفرين شمال حلب ما سهل على «وحدات حماية الشعب» الكردية التقدم للسيطرة على هذه المدينة، مع وجود علاقة سياسية تمثلت بفتح مكتب تمثيل للإدارات الذاتية في موسكو، اضافة الى ان مسودة مشروع الدستور الذي اعده الروس وسلمته موسكو الى دمشق وطهران، تضمنت اعتماد النظام الفيديرالية لـ «الجمهورية السورية». (من دون كلمة العربية).
لكن الدعم العسكري الأكبر يأتي من الجانب الأميركي، اذ ان قاذفات التحالف الدولي وفرت غطاء جوياً لـ «وحدات حماية الشعب» في السيطرة على عين العرب بداية العام الماضي ومناطق اخرى قرب حدود تركيا. ونظراً إلى ابلاغ دول اقليمية واشنطن بوجود حساسية من السيطرة الكردية، دفعت باتجاه تشكيل «قوات سورية الديموقراطية» من مقاتلين اكراد وعرب، وهي تخوض معارك في منبج شرق حلب وشمال الرقة معقل «داعش» ضمن وجود خطة لدى فريق الرئيس باراك اوباما بـ «تحرير» الرقة.
ويعتبر ريت ماغورك مبعوث الرئيس الأميركي للتحالف الدولي ضد «داعش» اكبر المتحمسين لـ «وحدات حماية الشعب» التي تضم 50 الف عنصر. وهو زار مع قائد عسكري شمال سورية في ارفع زيارة لمسؤول أميركي لسورية ليس عبر بوابة دمشق. وأكدت مصادر لـ «الحياة» أمس تحويل الجيش الأميركي ثلاثة مطارات زراعية الى قواعد عسكرية بعد قرار الرئيس اوباما نشر اكثر من 250 خبيراً عسكرياً لقتال «داعش». وهذه القواعد في الرميلان والحسكة وعين العرب، وتستخدمها طائرات اميركية لنقل الذخيرة والسلاح والخبراء. كما ان أحمد ومسؤولين اكراداً قاموا قبل اسابيع بزيارة غير علنية الى واشنطن تضمنت لقاء رسمياً مع ماغورك ومسؤول الشرق الأوسط في مكتب الأمن القومي روبرت مالي، اضافة الى اتصال المسؤول الكبير في الخارجية طوني بلنكين بصالح مسلم لتقديم تطمينات سياسية.
وكانت انقرة اعتبرت ربط أقاليم الإدارات الذاتية في الجزيرة وعين العرب (كوباني) شرق نهر الفرات وإقليم عفرين غرب النهر «خطاً أحمر» لخشيتها من قيام «كردستان سورية» قرب حدودها ما ينعش آمال اكراد جنوب شرقي تركيا. ولم تكن واثقة من وعود واشنطن التي استمرت في تقديم الدعم العسكري لـ «وحدات حماية الشعب» الكردية و»الاتحاد الديموقراطي». وكان هذا بين امور دفعت الرئيس رجب طيب اردوغان الى تقديم «تنازلات» للرئيس فلاديمير بوتين. كما ترددت أنباء عن وجود رغبة في دمشق وطهران للدفع باتجاه تنسيق ثلاثي مع انقرة لمنع قيام «كردستان سورية» كي لا يتكرر الأمر ذاته في ايران وتركيا بعد اقليم كردستان العراق.
لكن قادة «الاتحاد الديموقراطي» و «مجلس سورية» يرون ان «التوازنات الدولية وواقع الأكراد على الأرض لن تسمح بإعادة عقارب الساعة الى الوراء». واستعجلوا طرح مسودة الدستور الفيديرالي. وتضمنت مسودة «العقد الاجتماعي للفيديرالية الديموقراطية لروج آفا»، التي حصلت «الحياة» على نصها، 85 مادة بينها اعتبار «مدينة قامشلو (القامشلي) مركز الفيديرالية» يكون لها «علم خاص يرفع الى جانب علم فيديرالية سورية الديموقراطية وله شعار».
وتضمن تشكيل مجلس تنفيذي وآخر للشعب وهيئات (وزارات) واحدة لـ «العلاقات الخارجية وتمارس النشاطات الديبلوماسية» وأخرى لـ «الدفاع، مكلَّفة ومسؤولة عن تنظيم وإعداد وتجهيز قوات الدفاع في الفيديرالية، على اساس اعتبار «قوات سورية الديمقراطية» هي قوات الدفاع المسلحة في «الفيديرالية الديموقراطية لروج آفا».
الى ذلك، اعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن وزير الخارجية سيرغي لافروف بحث مع نظيره الأميركي جون كيري «إمكانية التعاون الروسي – الأميركي في القتال ضد الجماعات الإرهابية في سورية»، ذلك بعد اعلان واشنطن ان سفينة حربية روسية قامت بـ «مناورات عدائية وغريبة» على مقربة من سفينة تابعة للبحرية الأميركية شرق البحر المتوسط كانت تساهم في ضرب «داعش» في سورية والعراق.