أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استعداد بلاده لإعادة بناء التعاون في المجال الاقتصادي وكافة المجالات الأخرى مع تركيا.
جاء ذلك خلال استقبال بوتين لنظيره التركي رجب طيب اردوغان في سانت بطرسبرغ.
وهذه هي الزيارة الأولى لأردوغان منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/ تموز الماضي.
وشكر أردوغان بوتين قائلا إن مكالمته الهاتفيه التي جاءت “عقب محاولة الانقلاب مباشرة كانت محل ترحيب كبير”.
ومرّت العلاقات بين البلدين بأزمة منذ نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي عندما أسقطت تركيا طائرة عسكرية روسية على الحدود السورية ما دفع روسيا إلى فرض عقوبات اقتصادية، وتعليق رحلاتها السياحية إلى تركيا.
وتأتي الزيارة في وقت تشهد فيه علاقات تركيا مع الدول الغربية فتورا بسبب انتقاداتها للحملة التركية ضد مدبري الانقلاب المزعومين.
وقبل مغادرة تركيا، وصف أردوغان الرئيس بوتين بـ “صديق”، وقال إنه يريد فتح صفحة جديدة في العلاقات مع روسيا.
وقال أردوغان لوكالة تاس الروسية: “هذه الزيارة تبدو لي كمرحلة مهمة في علاقاتنا الثنائية، وبداية جديدة انطلاقا من صفحة بيضاء”.
وأشار بوتين إلى أن المحادثات ستشمل “كافة مجالات التعاون بين البلدين بما في ذلك استعادة العلاقات الاقتصادية بين البلادين ومحاربة الإرهاب”.
ما الذي سوف يجنيه الطرفان من الزيارة؟
كان اسقاط الطائرة الروسية بمثابة ضربة موجعة للعلاقات التجارية بين البلدين. وهبطت الصادرات التركية إلى روسيا في النصف الأول من العام الحالي حيث بلغت قيمتها نحو 737 مليون دولار أي بانخفاض بنسبة 60.5% بالمقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لصحيفة الصباح التركية.
كما تسبب النزاع في تجميد مشروعين ضخمين للطاقة وهما تركستريم لنقل الغاز الطبيعي عبر البحر الأسود و مفاعل أكويو النووي الذي تشرف روسيا الوكالة الفيدرالية للطاقة النووية الروسية (روزاتوم) على بنائه.
وقبل الأزمة، كانت روسيا المستورد الرئيسي للمنتجات التركية من الخضروات والفاكهة وتسعى أنقرة جاهدة إلى أن تسهم الزيارة في رفع حظر الاستيراد.
وشهدت الفترة الماضية تحسنا متزايدا في العلاقات بين البلدين إذ استأنفت روسيا رحلاتها إلى تركيا وأعلنت اعتزامها على استئناف رحلات الطائرات التجارية قريبا.
وطالما كانت تركيا مقصدا رئيسيا للسائحين الروس وقد عانت منتجعاتها جراء العقوبات الروسية.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، قال الكرملين إن أردوغان قدم اعتذاره عن إسقاط الطائرة وأرسل رسالة يعرب فيها على “تعاطفه وبالغ تعازيه” لأسرة الطيار القتيل.
وعقب الانقلاب الفاشل، أعلن بوتين دعمه الكامل لأردوغان ولم ينتقد حملة الاعتقالات التي قام بها ضد معارضيه السياسيين و”مخططي الانقلاب”.
وقالت مراسلة بي بي سي سارة رانسفورد إن روسيا حريصة على استثمار العلاقات الفاترة بين تركيا والغرب في أعقاب الانقلاب الفاشل.
وطالت حملة الحكومة التركية عشرات الآلاف من موظفي القطاع العام الذين تعرضوا للإيقاف أو الفصل، إضافة إلى إلغاء جوزات سفر كثيرين.
وتوترت علاقات تركيا مع حلفائها في الناتو وخاصة الولايات المتحدة في ظل خلافات حول الموقف من الأوضاع في سوريا.
ورفعت المحاولة الانقلابية التي حمل الرئيس التركي رجل الدين المنفي في بنسلفانيا في الولايات المتحدة فتح الله غولين مسؤوليتها من حدة الخلاف إذ طالب ادوغان السلطات الأمريكية بتسليم غولين لمحاكمته بينما تصر واشنطن على أن تقدم أنقره أدلة قاطعة بشأن تورطه المزعوم في التخطيط لانقلاب في بلاده.
واعتقلت السلطات التركية أو ألقت القبض على قرابة 26 ألف شخص، بحسب وزارة العدل التركية.
ما هو سبب استمرار التوتر في العلاقات التركية الروسية؟
تختلف البلدان في موقفهما في سوريا إذ تعارض تركيا بقوة دعم روسيا الجوي للقوات الحكومية السورية في الوقت الذي تعارض أنقرة بقوة بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.
وتتهم روسيا تركيا بدعم فصائل المعارضة المسلحة في سوريا بما في ذلك جماعات تصنفها موسكو كجماعات “ارهابية”.
وعلى جانب آخر، يتهم أردوغان روسيا بدعم حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) في تركيا.