أخذت معركة الموصل أمس منحى جديداً عندما لجأ «داعش» إلى إحراق مصنع كبريت وإشعال النار في آبار للنفط قرب المدينة ما أدى إلى انبعاث غازات سامة راح ضحيتها شخصان، وأجبرت القوات الأميركية على وضع أقنعة وقائية، في مشهد يذّكر باحتراق الآبار الكويتية عندما انسحب الجيش العراقي من الكويت عام 1991، فيما أكدت مصادر في مستشفى عراقي أن ما يقارب ألف شخص تلقوا العلاج من صعوبات في التنفس ناجمة عن الغازات السامة المنبعثة. وتزامن ذلك مع زيارة وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر بغداد أمس، لمتابعة تطورات معركة الموصل والتوسط لحل الأزمة بين بغداد وأنقرة في شأن مشاركة القوات التركية في المعارك.
وكسبت المعركة في يومها السادس أمس، زخماً أميركياً جديداً عبر زيارة كارتر، ومشاركة طائرات الأباتشي الأميركية في المعارك، إضافة إلى قوات برية أميركية محدودة تعمل في شكل سري، بعد مقتل أول جندي أميركي في نينوى أول من أمس.
وقال مسؤولان عسكريان أميركيان أمس، إن أفراد القوات الأميركية في قاعدة القيارة الجوية قرب الموصل وضعوا أقنعة واقية بعدما نقلت الرياح أدخنة من مصنع كبريت أضرم النار فيه تنظيم «داعش».
وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن عينات من الهواء أرسلت إلى الوكالة المعنية بتقليل مخاطر أسلحة الدمار الشامل التابعة لوزارة الدفاع الأميركية لتحليلها ومعرفة ما «إن كان هناك ما يقلق في النتائج». وأكد المسؤولان أن قوات الأمن العراقية تتوقع أن يستغرق إخماد الحريق ما بين يومين وثلاثة أيام.
إلى ذلك، رفض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس، خلال لقائه كارتر مشاركة القوات التركية في معركة الموصل. وقال: «إذا احتجنا إلى مساعدة سنطلبها من تركيا أو من بقية دول الجيران».
وأبلغت مصادر سياسية مطلعة «الحياة»، أن زيارة كارتر تهدف إلى التوسط لحل الأزمة الديبلوماسية المتفاقمة بين العراق وتركيا حول الموصل. وأضافت المصادر أن كارتر وصل إلى بغداد قادماً من أنقره، في محاولة لإنهاء الأزمة بين البلدين حول معركة استعادة الموصل، مشيرة إلى أن الوزير يحمل مقترحات عدة إلى القادة العراقيين تتعلّق بمشاركة تركيا في المعركة ضمن إطار «التحالف الدولي» وبشروط.
لكن المصادر لفتت إلى أن العبادي أبلغ المسؤولين الأميركيين رفضه بشدة أي مقترح لإشراك القوات التركية في المعركة، موضحاً أن العبادي يواجه ضغوطاً كبيرة من أطراف محلية، خصوصاً من «الحشد الشعبي» الذي تم تحييده عن معركة الموصل حتى الآن. وعقد كارتر اجتماعاً مع قادة «التحالف الدولي» في بغداد لمناقشة سير المعارك.
وحذر العبادي من أن انتشار القوات التركية على أراضي بلاده يهدد بحرب إقليمية، فيما تتمسك تركيا بالإبقاء على قواتها وتطالب بالمشاركة في عمليات استعادة الموصل. وتفيد وسائل الإعلام التركية بأن نحو ألفي جندي تركي ينتشرون في العراق، بينهم 500 في بعشيقة حيث يدربون متطوعين عراقيين.
وأعلن الجيش العراقي أمس، إحكام سيطرته على قضاء الحمدانية وتقدّمه نحو بلدة تلكيف، وهما مدينتان شمال الموصل وتسكنهما غالبية مسيحية، فيما تحاول قوات مشتركة من مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية كسر دفاعات «داعش» عند بلدة الشورة جنوب الموصل.
وأعلنت «خلية الإعلام الحربي» أمس، أن «قطعات الفرقة المدرعة التاسعة والقوات المتجحفلة تمكّنت صباح اليوم (أمس)، من تحرير مركز قضاء الحمدانية، جنوب شرقي الموصل، والمستشفى العام وسط القضاء، ورفع العلم العراقي فوقهما»، وأضافت أن «القوات الأمنية كبدت العدو خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات». وأوضحت أن «قطعات الفرقة الـ16 في الجيش العراقي تقدمت باتجاه قضاء تلكيف شرق الموصل، تمهيداً لاقتحامه وتحريره من سيطرة داعش»، فيما لفتت إلى أن «قطعات من الفرقة الـ15 في الجيش واللواء الـ18 من الشرطة الاتحادية تمكّنت من تحرير قرية هرارة والرصيف، شمال ناحية الشورة جنوب الموصل، وبدأت التقدم باتجاه مركز الناحية».