لجأ تنظيم «داعش» إلى أسلوب العربات المفخخة لوقف تقدم «قوات سورية الديموقراطية» نحو مدينة الرقة، «عاصمته» في سورية، لكن ذلك لم ينجح سوى في إبطاء تقدم هذه القوات التي بدأت الأحد هجوماً على المدينة في إطار عملية «غضب الفرات»، بدعم جوي ومن خبراء عسكريين من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وكانت لافتة أمس تحذيرات شديدة أطلقتها تركيا من مغبة أن يتسبب «غضب الفرات» في «تغيير ديموغرافي» في الرقة، وتأكيدها أن «أولويتها» هي استعادة مدينة منبج بريف حلب من أيدي الفصائل الكردية المنضوية في إطار تحالف «سورية الديموقراطية»، في مؤشر إلى إمكان حصول مواجهة بين فصائل هذا التحالف المدعوم من الأميركيين وبين فصائل «الجيش الحر» المدعومة من الأتراك والتي تشارك أيضاً في هجوم ضد «داعش» في شمال سورية باسم «درع الفرات».
جاء ذلك في وقت أحبط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين آمال مناصرين لحكومة دمشق، وأكد تمسكه بوقف الغارات على مدينة حلب على رغم فشل هدنة أعلنتها موسكو يوم الجمعة بهدف إخراج مسلحي المعارضة ومدنيين من أحيائها الشرقية. لكن الكرملين ربط في المقابل، تعليق الضربات بعدم شن المعارضة هجمات في المدينة، ما يُبقي مفتوحاً خيار اللجوء إلى عمل عسكري حشدت له موسكو في الأيام الماضية أسطولاً ضخماً يضم فرقاطات وبوارج وغواصات وحاملة طائرات يُفترض أن يكون معظمها قد بات الآن أمام سواحل سورية.
ميدانياً، نقلت «رويترز» أمس، عن مصدر كردي أن فصائل «سورية الديموقراطية» سيطرت على عدد من القرى في بداية هجوم «غضب الفرات» الهادف إلى عزل مدينة الرقة قبل انتزاعها من أيدي «داعش». وقال المصدر إن القوات المهاجمة تحصل على دعم جوي «ممتاز» من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. لكنه أضاف أن معركة الرقة «لن تكون سهلة»، لافتاً إلى أن «داعش» لجأ إلى أسلوب العربات المفخخة لوقف تقدم الفصائل، مثلما يفعل حالياً في معركة الموصل العراقية.
وقال التحالف الدولي أمس إن تحالف «سورية الديموقراطية» بدأ فعلاً عزل الرقة. وأوضح اللفتنانت جنرال ستيفن تاونسند، أن «عزل الرقة عندما يكتمل، سيحرر قطعة أرض ذات قيمة استراتيجية حول الرقة وسيمكّن من تحرير المدينة». وأضاف أن العملية ستقطع الطرق كذلك على عناصر «داعش» في الموصل.
وقالت جيهان شيخ أحمد الناطقة باسم «سورية الديموقراطية»، إنه فور تحرير الرقة من «داعش» سيديرها مجلس مدني وعسكري من سكانها. وكان هذا هو نموذج الحكم بعد التحرير الذي طبق في مدينة منبج (ريف حلب) قرب الحدود التركية بعدما أخرجت «قوات سورية الديموقراطية» عناصر «داعش» منها في آب (أغسطس).
وفي هذا الإطار، قال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش، إن أنقرة أبلغت رئيس أركان الجيش الأميركي جوزيف دانفورد خلال زيارته تركيا، أنها تعطي الأولوية في سورية لطرد «وحدات حماية الشعب» الكردية من منبج. وتشكّل «الوحدات» الكردية العنصر المهيمن في «قوات سورية الديموقراطية». كما طالب قورتولموش الولايات المتحدة بضمان أن هجوم الرقة لن يؤدي إلى تغيير ديموغرافي فيها، قائلاً إن الرقة مثل حلب في سورية والموصل في العراق «تنتمي إلى السكان» الذين كانوا يقيمون فيها قبل بدء النزاع، في إشارة إلى العرب السنّة.
وأبدت الحكومة السورية بدورها تحفظات عن الهجوم على الرقة، وكتبت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من دمشق، أن الإعلان عن معركة الرقة الأحد هدف إلى «إشغال الرأي العام الأميركي بالحرب على الإرهاب».