أقيمت، يوم الجمعة الماضية، في القاعة الرياضية التابعة لمدرسة النجوم في بقعاثا، أمسية شعريّة لمجموعة “همس الياسمين للثقافة والأدب”، بحضور حشد كبير من محبي ومشجعي الشعر والأدب، ونخبة من شعراء وأدباء الجليل والكرمل.
افتُتحت الأمسية بكلمة من المشرف على الأمسية الأستاذ يوسف السيّد أحمد، قال فيها:
أيُّها الأصدقاء والأحبّة
أُسعدتم مساءً جميعاً
نلتقي الليلة في بقعاثا الأبيّة وأمام جمهور كريم لنكرِّم الكلمة، الكلمة الجميلة الخلاّقة التي تنبض إحساساً وحيويّة ونشاطاً، نقدّم ما تيسّر من جعبة نخبةٍ من المبدعين، من الكلام المقفّى والموزون (بالفصحى والعاميّة) لعلّها تُدخل لنفوسكم المتعة، فهي صورٌ ومشاعر نبتت وأزهرت وأنتشر عبيرُها ، فلندع الأزهارَ تتفتّح.
إخواني أخواتي أبنائي وبناتي أهلاً وسهلاً بكم في دياركم.
في أجواء البرد الثقافيّ القارس يتفجر الشوق حميمياً لمعانقة اللّغة العربيّة والالتحافِ بحروفها الدّافئة، هذه اللغةُ الجميلةُ بمعانيها، والغنيّةُ بمفرداتها، إنّها بحر زاخر من التراكيب والمفردات والمعاني،
” لغة إذا وقعت على أسماعنا كانت لنا برداً على الأكباد ”
هكذا وصفها الشاعر اللبناني حليم دموس.
فاللغةَ هي الركنُ الأول في عمليةِ التفكير، وهي وعاءُ المعرفة، وهي الوسيلةُ الأولى للتواصلِ والتفاهم والتخاطب، وبثِّ المشاعر والأحاسيس،أما الشعرُ والأدبُ فهما فنّان جميلان يغذيان العقلَ والقلبَ، ويدغدغان النفسَ والروح، فتعالوا نسترح قليلاً .. وننفضُ عن أعصابنا غبار الهموم اليومية والسياسية، ونخلدُ إلى شيء من الفرح، ونستمعُ إلى ما في جعبة شعرائنا من أطياف قوس قزح، ولنقطفَ من كل بستان ضمةَ حبقٍ، وأخرى من الورد الجوري، وثالثة من الياسمين، إنها تعبق عطراً وتضوع شذاً ، لها أول وليس لها آخر.
إخواني وأصدقائي
لقد نشأتُ على محبّة اللغة العربيّة ، وعلاقتي معها حميمةٌ، منذ تخلُّقِ الوعي وإمساكي بحرفها الأول.. وسوف أظلُّ محبّاً وعاشقاً لها وأصلّي في محرابها إلى ما شاء الله. أرجو أن تتاح الفرصة لي لإكمال ما لم يكتمل. وكلّي أملٌ في تعزيز المسيرة الثقافيّة والتربويّة وترسيخها في وجدان الأجيال الصاعدة .. راجياً لهذه الأجيال أن تبدعَ واقعاً جميلاً ينتمي إلى المستقبل الأجمل. والآن بعد خروجي للتقاعد قرّرت أن أتبنى ما قاله أحد الظرفاء المربّين: “أنا متقاعد غير أنني لست بقاعد”. وسوف أتابع ما بدأتُ به منذ عدة سنين بإقامة أمسياتٍ شعرية وندوات أدبيّة، الهدفُ منها تشجيع الأقلام الواعدة، والعنايةُ بالشبان والشابات الذين يمتلكون الحسَّ الأدبيَّ ولديهم ما يبدعون به، لتأكيد الشعار القائل: “دعوا جميع الأزهار تتفتّح”. وبهذا نساهم في رفع شأن اللغة العربية .. التي تعاني غربةً بين أهلها وتجرُّ الذيول إلى زوايا منسية. وكان التلاقي منذ عدة شهور، مع هذه المجموعة الرّاقية من الصبايا التي أطلقنا عليها “مجموعة همس الياسمين” وذلك بسببِ التشابهِ بين ما ينتشر من زهور الياسمين من روائحَ طيبة وما نسمعه من عبارات وجملٍ في كتابات هؤلاء الصبايا (شعراً ونثراً )، فهم في بداية الطريق ومن يكونُ هدفه الوصول إلى القمة، فلا بدّ من أن يخطو الخطوة الأولى، فلديهم الأفكارُ الجيدةُ والنصوصُ الأدبية اللافتة التي تشي بمستقبل واعد، وهم يشقون طريقهم بقامات منتصبةٍ ووجوه باسمةٍ نحو الغد المشتهى، يحاولون أن يجدوا لأنفسهم مكاناً تحت شمس الشعر. وكان اللقاءُ الأول في بداية فصل الخريف بلقاء جماهيري بالمجدل حيث لاقى نجاحاً وحضوراً باهراً، وكانت الخطوة الثانية بأن تتبنّى هذه المجموعة إقامة الفعاليات والندوات في المنطقة، لذلك جئناكم اليوم لنقدم في دياركم العامرة بقعاثا الأبية، التي تملك من الطاقات الكثير، هذه الأمسية ونسمعكم ما أبدعه يراعهم، مستضيفين اثنين من شعرائكم المبدعين، فنحن نريد أن نفتح نافذة لكلِّ مريد، ونتيح الفرصة لكل الأزهار كي تتفتح ، وهكذا نكون قد بدأنا بالخطوة الأولى في مسافة الألف ميل.
ولكن لابدَّ مما ليس منه بد، ولنخضع لبروتوكول الأمسيات الثقافية في تحديد النصوص وترتيبها، لكي نقدم لكم باقاتٍ متنوعة، ومن جهة ثانية لنعطي الفرصة الكافية لكل فرد من هذه المجموعة أن يقدم ما عنده، فكلها نصوص جميلة وإن اختلفت وتباينت وتفاوتت وتلونت مذاقاً ولوناً ورائحة ونكهةً.
وبعد الافتتاح قدمت الأمسية السيدة المتألقة سميرة فرحات بأشعار جميلة ورائعة، وعُرضت قراءات جميلة ومتنوّعة بالفصحى والعامّيّة من قِبل المجموعة المشاركة كما هو ظاهر في الدعوة، وكان لكل شاعر وشاعرة منهم باقة من الأشعار المنوّعة حيث لاقت جميعا استحسانا كبيراً من الجمهور، وغرّد الشاعر نائل الصبّاغ بصوته الجميل والقوي بعدد من القصائد الزّجليّة الرائعة.
وكان ختام الأمسية بشكر الجمهور والضيوف:
وفي الختام أيها السيدات والسادة، لابد لنا من أن نشكرحضوركم، فقد تكبدتم مشاق السفر، والخروج في هذا الطقس البارد، نتمنى أن نكون قد أدخلنا المتعة إلى قلوبكم، وأن لا نكون قد أثقلنا عليكم، فلكم منا أجمل التحيات وتصبحون على ألف خير. وإلى اللقاء مع أمسية أخرى.