علمت «الحياة» من مصادر رسمية عراقية أن الحكومة فوجئت بما تضمنته «مبادرة السلام» التي أطلقها محافظ الأنبار أحمد الدليمي، وأيدها قبل طرحها رئيس الحكومة نوري المالكي.
وقالت المصادر إن تضمين المبادرة فقرة توجب انسحاب الجيش من المدن لم تكن من القضايا التي بحث فيها الدليمي مع المسؤولين في بغداد. وأضافت أن المالكي يرفض أي حديث عن انسحاب الجيش، خصوصاً بعدما أعلن الانتصار في الرمادي، وبعد مقتل 15 عسكرياً في الموصل أمس، لكنه يوافق على معظم البنود الأخرى، وبينها تسوية قضية النائب أحمد العلواني، وتخصيص بليون دينار تعويضات لمساعدة الأهالي.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار صالح العيساوي لـ «الحياة» أمس: «إن المجلس توصل إلى اتفاق أولي مع الحكومة الاتحادية لنقل ملف محاكمة العلواني إلى الأنبار، وتطويع حوالى 5000 من أهالي المحافظة في الجيش والشرطة، ومثلهم في وظائف مدنية، إضافة إلى تعويض أصحاب المنازل المدمرة بالكامل». وأبدى تشاؤماً في احتمال تمرير المبادرة في الفلوجة التي تقع خارج سيطرة الدولة وقال: «إن هناك حوارات تجرى بين المسلحين وسكان الفلوجة لتجنيب المدينة عملية عسكرية، ولكننا متشائمون، فالجيش يواصل حشد قواته في محيط المدينة، ووصلت أخيراً 32 مروحية من المقرر أن تشارك في الحملة»، على رغم تأكيده أن «العمليات العسكرية في الرمادي انتهت بنجاح بعد سيطرة قوات الجيش وأبناء العشائر على كل مناطق المدينة». وأعلن المالكي أن «الانتصارات ما كانت لتتحقق لولا التكاتف والتلاحم بين القوات المسلحة والعشائر»، متعهداً العمل على إصلاحات إدارية واقتصادية في المحافظة.
إلى ذلك، قتل 15 عسكرياً أمسن خلال هجوم شنه مسلحون على مقرهم، بعيد منتصف ليل الإثنين – الثلثاء قرب الموصل، فيما يواصل الجيش عملياته ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في الأنبار. وأسفر القتال في المحافظة عن مقتل 19 مسلحاً في منطقة البو علي.
وأحكمت قوات عشائرية مساندة للحكومة قبضتها على منطقة البو عبيد الواقعة على الطريق السريع بين الفلوجة والرمادي. وانتشر حوالى 400 مقاتل يحملون أسلحة ثقيلة وقناصات في محيط هذه المنطقة الاستراتيجية بقيادة الشيخ محمد علي سليمان الذي اشتكى من قلة الدعم الحكومي. وقال: «نطالب رئيس الوزراء بإرسال دعم لتحرير منطقة البو بالي المجاورة». وأضاف: «نحن نجاهد ضد الغرباء من عناصر «داعش» الذين جاؤوا للاستيلاء على أراضينا ومواشينا». وأردف: «لا نريد أن يفرضوا دينهم الجديد علينا، هذا من المستحيل. سنقاومهم حتى لو لم نتسلم دعماً حكومياً».
ولجأ شيخ منطقة البو بالي عبدالوهاب عبد الفاضل البيلاوي مع أولاده وأفراد عشيرته إلى منطقة البو عبيد بعد أن تم حرق منزله. وقال: «إن هؤلاء هنغاريامين احتلوا ديارنا وقتلوا أولادنا، واليوم بيننا وبينهم نهر من الدماء».
وتابع: «كل من يرفع السلاح في وجه الدولة كائنا من كان فهو «داعش» (…) ليس هناك ثوار عشائر، الثوار فقط من يقفون ضد «داعش»، سنحاسب العشائر التي وقف بعض شيوخها مع داعش».
إلى ذلك، عرضت قناة العراقية الحكومية لقطات لقوات مكافحة الإرهاب، في منقطة البو فراج، أبرز معاقل «داعش» في الرمادي. وأظهرت اللقطات استيلاء هذه القوة على عدد كبير من المخابئ والسيارات التي كان يستقلها عناصر التنظيم، وبدت المنطقة خالية من سكانها تماماً.