حزنك كبير يا بلدي وفخرنا واعتزازنا بأننا أبناؤك كبير بقدر حجم الفاجعة

بقلم د. مجد أبو صالح (عن صفحته على الفبيسبوك)

الأهل الأعزاء أبناء بلدي الغالية مجدل شمس خاصة والجولان عامة. أستبق مقالي بالاعتذار عن الإطالة فلا أدري لماذا شعرت أنني بحاجة لأن أتشارك معكم ببعض مما أشعر به بعد الكارثة المؤلمة التي ألمت بنا جميعاً، حيث دخل الحزن كل بيت وكل فرد وكل أسرة.

أولاً، وبدون مبالغة، أقول أن حزننا عميق عميق على ما ألم بنا، ومع هذا الحزن والألم يمتزج شعور بالفخر والاعتزاز أننا أبناء هذا البلد الأصيل وأبناء الجولان الغالي، ويحق لنا جميعاً أن نفاخر بذلك فالامتحان الصعب الذي مررنا به أثبت للعالم أجمع أن هذه المنطقة وهذه البلدة الصغيرة بعددها والكبيرة بفعلها أثبتت للعالم أصالتها وقدرتها على اتخاذ أنبل المواقف وأشرفها في أحلك الظروف وعلى كافة المستويات شبابا وشيوخاً، وأخص بالذكر أسر ضحايانا الذين وقفوا بالرغم من الحزن العميق، وقفوا بشجاعة قل نظيرها واضعين نصب أعينهم حزنهم وكرامتهم الشخصية وكرامة مجتمعهم وبلدهم في نفس الكفة، فكانوا قدوة لنا جميعاً في رجولة المواجهة واتزان الموقف، وهل هناك رجولة أكثر من أن يتعرف أحدهم على جثمان ابنته ويقول هذه ابنتي متوفية، ولكني سأتابع معالجة الجرحى… في حين قال آخر بعد أن تعرف على جثمان ابنته بكل اتزان: أتمنى أن أكون قد قمت بواجبي الأبوي نحوك وأديت الأمانة ولم أقصر… رحمك الله يا ابنتي… فبربكم هل هناك أنبل من هذه الأخلاق وهل هناك رجولة تفوق هذه الرجولة… هذه عينة من أبناء مجدل شمس وهذا ينطبق على باقي أسر الضحايا الذين أعلنوا موقفهم الرزين بالرغم من الألم، فقالوا نحن دعاة سلام ومحبة ولسنا دعاة حرب وانتقام فلهم منا جميعا كل المحبة والتقدير والاحتضان والمشاركة الوجدانية والأخلاقية والفعلية فيما يشعرون.

وأود أن أتوجه الى شباب مجدل شمس، هذا الجيل الصاعد الذي يستحق منا كل الاحترام والتقدير، الذي تصرف بمسؤولية عالية في تنظيم موقف التشييع ومارس مشاعره النبيلة بأفضل صورة وعبر عن حزنه العميق بأرقى الأشكال فكانوا وبحق قدوة لكل أبناء هذا الجيل، فقد واجهوا الكارثة التي ألمت بزملائهم وأبناء بلدهم بكثير من العقل والرزانة والهدوء المسؤول، فمن قلوبنا جميعا نتوجه لهم بأسمى آيات التقدير والإحترام ونقول لهم إننا مطمئنون على مستقبلنا بوجودكم فأنتم جيل الغد الذي سيتابع درب الآباء والأجداد بكل مسؤولية ومقدرة.

الأهل الأعزاء، قالت مجدل شمس كلمتها والجولان عامة قال كلمته منذ الساعة الأولى لحدوث الكارثة. قالت مجدل شمس إنني أعيش الحزن والألم على فقدان أولادي ولكني لا أبحث عن الانتقام فالانتقام لن يعيد لنا أبنائنا… قالت أيضا أنني لن أقبل أن تستغل دماء أبنائي كمبرر لمزيد من القتل والتدمير.. وقالت أيضا كلمتها الأخيرة في أنني أتمنى أن تكون دماء أبنائي آخر الدماء التي تسفك في هذه الحرب المجنونة، فدماء أطفال البشر غالية على قلوبنا… بالله عليكم هل هناك أشرف وأنبل من هذا الموقف…
حزننا عميق وبنفس الوقت فخرنا بشبابنا وشيوخنا وبلدنا وأسر ضحايانا كبير كبير.

وحدة مجتمعنا وبكل أطيافه التي تجلت في هذا الموقف مدعاة للفخر، وإنني آمل أن تستمر، فعسى أن تكون دماء أبنائنا الطاهرة الزكية سببا لذلك.

مجدل شمس.. يا بلدي الجريح يحق لكِ أن تحزني مثلما يحق لكِ أن تفخري بأبنائك كل أبنائك شيوخا وشبابا وصبايا…

أما أنتم أسر الضحايا الثكلى يا أعز الناس، فأنتم في قلوبنا، نعيش معكم حزنكم وفقدانكم ونضرع لله العلي القدير أن يرحم أبناءكم / أبناءنا وأن يمدكم بالإيمان والعزم والعزيمة لمواجهة هذا الفقدان الأليم… تأكدوا أنكم في قلوبنا ووجداننا فنحن واحد.

ولا يمكن أن ننسى جرحانا وأسر جرحانا الذين ما زالوا يعانون الآلام جراء ما حدث، ولا يزالون في المشافي والمراكز الطبية. نضرع لله العلي القدير أن يعجل بشفائهم ويعيدهم لأسرهم ولنا جميعا سالمين معافيين.

سنعيش جميعاً هذا الألم وسيبقى يرافقنا إلى أمد بعيد.
حزنك كبير يا بلدي الغالي وفخرنا واعتزازنا بأننا أبناؤك كبير كبير بقدر حجم الفاجعة.
الرحمة لأرواح أطفالنا والعزة والشموخ لجولاننا ومجدل شمسنا.

+ -
.