ليلة صاخبة ومعجزة تحول دون وقوع ضحايا
جولاني – 01\01\2007
لم تنم مجدل شمس الليل الفائت وكأن معركة شرسة دارت فيها بلغت ذروتها بين الساعة
الثانية عشرة والواحدة منتصف الليل. أطفال وفتية تسلحوا بالمفرقعات وهاجموا بعضهم
في الساحات والشوارع والأزقة متعمدين إصابة الآخر.. أسلحتهم كانت فتاكة!!! وإذا ما
أصابت <<العدو>> فإنها حتماً ستلحق به ضرراً فادحاً. إنها معجزة حالت دون وقوع
ضحايا، واقتصرت الخسائر على عشرات الإصابات الطفيفة...
الذي كان الليل الفائت مشهد لا يمكن وصفه وإذا وصف فلا يمكن تصديقه. أطفال وفتية
يجوبون الشوارع قسم منهم راجلاً والآخر بالسيارات ومعظمهم كان تحت تأثير الكحول مع
أن أعمارهم لم تتجاوز السادسة عشرة والكثير منهم تتراوح أعمارهم بين العاشرة
والرابعة عشرة. ولكثرتهم فقد غصت الشوارع بهم وتعذر التنقل بين أطراف البلدة سواء
بالسيارة أو مشياً على الأقدام. ومن قرر الذهاب مشياً فإنه يغامر بالإصابة بأحد
<الصواريخ> الطائشة أما من قرر التنقل بالسيارة فإنه بلا شك سيعلق في زحمة السيارات
التي ملأت الشوارع وأغلقتها لفترات متواصلة. وفي كلتا الحالتين فإنك ستصاب على
الأرجح بالطرش جراء أصوات المفرقعات و<زمامير> السيارات و<جعير> السكارى.
ويبدوا أن الجميع استفاد من تجربة الحرب الأخيرة في لبنان... حتى أولائك الفتية...
فتقسموا مجموعات صغيرة وتسلحوا بالصواريخ وهاجموا أعداءهم من بين المنازل فانقضوا
عليهم انقضاض الصاعقة فكانت ضرباتهم موجعة ثم اختفوا بلمح البصر وكأنهم أشباح..
إنها حرب العصابات وقد أداروها بنجاح منقطع النظير..
وعند الساعة الثانية عشرة كان الهجوم الكاسح فاستخدم جميع الأطراف فيه أسلحتهم
الثقيلة وزجوا بالمعركة كامل قواتهم فسقطت القذائف والصواريخ على البلدة بمعدل 10
صواريخ في الثانية فاهتزت البيوت والمباني وأضيئت سماء البلدة.
يقول أحد المواطنين الذي وقف مشدوهاً ومذهولاً لهذا المنظر: لا يمكن لإنسان عاقل أن
يتقبل ما يجري ولا يمكنه حتى استيعابه أو فهمه. وأنا لست ضد الفرح والعيد، بل على
العكس تماماً.. كنت قبل قليل في <<عود النعناع>> هل كنت هناك؟؟ مجموعة من الشباب
والصبايا يحتفلون بالعيد بصورة راقية ومحترمة.. يعزفون الموسيقى الجميلة ويغنون
ويفرحون ويقدمون وصلات فنية رائعة.. هذا اسمه احتفال وهذا اسمه عيد ويشرف الانسان
الدخول إلى مكان كهذا، ولكن ما تراه الآن في الساحات والشوارع ليس فرحاً وليس
عيداً.. هذا فلتان وانحطاط وتخريب... وأنا لا ألوم هؤلاء الفتية بل أسأل أين
أهاليهم؟؟؟ كيف تغمض أعينهم وأطفالهم بهذا العمر لا يزالوا غائبين عن البيت؟؟ ألا
يعرفون أنهم يجوبون الشوارع سكارا؟؟ ألا يعرفون أنه من الممكن أن يتعرضوا لأذى جدي
من هذه المفرقعات؟؟
ويقول مواطن آخر ان ما يحدث استنزاف لاقتصاد البلدة... ويضيف أنه وزملاءه قاموا
بدراسة سريعة، واستجوبوا بعض الفتية عن حجم المبالغ التي صرفوها ثمنا لهذه
المفرقعات فوجدوا أن حجم الخسارة المباشرة في هذه الليلة تجاوز المليون ونصف
المليون شاقل يضاف إلى ذلك مصروف بنزين السيارات التي كانت تطوف البلدة كل الليل،
وأردف مستغرباً: من أين يأتي هؤلاء الفتية بهذه الأموال؟!
...
وعند بزوغ الفجر تكشف النهار عن منظر مقرف ومخجل... فالقذارة والقمامة تغطي كل مكان
وبقايا المفرقعات وقناني المشروبات الكحولية ملأت الزوايا وأضرار عديدة بممتلكات
المواطنين.