إضراب عام في الجولان المحتل
موقع جولاني \ نبيه عويدات – 14\02\2007
وعبر المواطنون اليوم من جديد عن عمق انتمائهم العربي وهويتهم السورية في إضراب عام شمل كافة المرافق، ومظاهرات، ومهرجان حاشد أقيم على خط وقف إطلاق النار شرقي مجدل شمس، في المنطقة المسماة «وادي الآلام »، والتي يطلق البعض عليها ايضاً اسم «تلة الصراخ»؛ بينما احتشد قبالتهم على الطرف الآخر من خط وقف إطلاق النار، في منطقة عين التينة، المئات من المواطنين السوريين الذين قدموا من مختلف المحافظات السورية للتأكيد على سورية الجولان وعروبته. وقد أقيم في المكان مهرجان خطابي تناوب عليه الخطباء من جانبي خط وقف إطلاق النار. الخطباء أكدوا على سورية الجولان وعروبته وعلى حتمية زوال الاحتلال.
«الإضراب الكبير»
وجاء «الإضراب الكبير» في العام 1982 رداً من قبل مواطني الجولان على تجاهل سلطات الاحتلال الإسرائيلي لرغبتهم ومشاعرهم القومية والوطنية في انتمائهم السوري، حيث طالب المواطنون حكومة الاحتلال باحترام مشاعر السكان الوطنية والقومية والكف عن الممارسات القمعية التي تطال أبناء الجولان والإفراج عن كافة المعتقلين السورين في سجون الاحتلال، وإلغاء قرار تطبيق القوانين الإسرائيلية على الجولان، والكف عن محاولات فرض الجنسية الإسرائيلية عليهم. إلا ان السلطات الإسرائيلية رفضت مطالبهم وردت عليها بالمزيد من الاعتقالات، وبتشديد القبضة الحديدية على الوطنيين. وبعد ان اتضح للسكان عدم جدوى الحوار والمفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية، عقد اجتماع شعبي عام بتاريخ 13/2/1982 حضره الآلاف من مواطني الجولان، أعلن فيه الإضراب المفتوح ليشمل كافة مرافق الحياة، ويمنع أي تعامل مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، احتجاجا على الممارسات التعسفية الرامية الى تطبيق القانون الإسرائيلي على أبناء الجولان بخلاف رغباتهم وأحلامهم ومطالبهم، وبخلاف المواثيق والقرارات الدولية التي تضمن حقوق الشعوب تحت الاحتلال.
وحدد السكان مجموعة مطالب لفك الإضراب منها:
* إلغاء قانون ضم الجولان، واعتبار الجولان منطقة محتلة من قبل الجيش الإسرائيلي
* إطلاق سراح كافة المعتقلين
* الكف عن مضايقة السكان وعدم المس بالمصالح والممتلكات التي يملكها السكان
* عدم تبديل الهوية العسكرية بأي هوية مدنية أخرى
* إعادة الأراضي والأملاك المصادرة والسماح لسكان الجولان من استخدام مياههم
* معاملة سكان الجولان حسب المواثيق الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية
وقد استمر الإضراب العام والمفتوح ستة اشهر متواصلة، عانى فيها السكان من النقص الشديد في الأدوية والغذاء، وخاصة الأطفال منهم، بعد ان احرق العملاء مخازن علف المواشي. كان الجولان خلال فترة الإضراب منطقة عسكرية محاصرة ومعزولة تماما عن العالم، فمنع السكان من الخروج خارج قراهم ومنعت الصحافة أو أي شخص آخر من الدخول.
وجاء غزو إسرائيل للبنان وانتفاضة نقابات العمال في بولندا لتسرع في إنهاء الإضراب، حيث غطت أحداث الغزو وأحداث بولندا إعلامياً على الإضراب، والتفت اهتمام الرأي العام المحلي والدولي الى ما يحدث على الساحتين اللبنانية والبولندية، بعد ان كان الاهتمام مركزاً على ما يحدث في الجولان. كذلك بدى النقص الهائل الذي عانى منه مواطنو الجولان خلال فترة الإضراب في جميع متطلبات الحياة يلقي بظلاله، حيث ساءت الأوضاع المعيشية الى حد لم تشهده الساحة الجولانية من قبل.
وفي نفس الوقت كانت الحكومة الإسرائيلية راغبة في انهاء الإضراب لتهدئة الأوضاع الداخلية الإسرائيلية التي عانت منها بعد غزوها الى لبنان.
وبناء على هذه التطورات، ورغبة الطرفين في انهاء الإضراب، عقدت سلسلة اجتماعات بين شخصيات قيادية من الجولان وممثلين للحكومة الإسرائيلية، تقرار على إثرها إنهاء الإضراب بعد استجابة إسرائيل لمعظم مطالب السكان.
وكان ممثلو سكان الجولان قد اشترطوا موافقة المواطنين على نتائج المحادثات فعقد اجتماع شعبي عام حضره الآلاف من المواطنين، استعرضت فيه النتائج التي أفرزتها المفاوضات مع السلطات الإسرائيلية واهمها:
• الامتناع عن فرض الجنسية الاسرائيلية على السكان إلا لمن يطلبها دون ضغوطا
• منع التجنيد الإجباري في جيش الاحتلال
• إطلاق سراح كل المعتقلين السورين واعادتهم الى ديارهم دون شروط
• إبراز اسم «هضبة الجولان» في بطاقة الهوية التي يحملها مواطنو الجولان محل اسم إسرائيل.
• الكف عن المضايقات التي تعرض لها السكان في أماكن عملهم قبل الإضراب في المرافق الإسرائيلية.
وكانت موافقة إسرائيل على هذه الشروط بمثابة نصر كبير لمواطني الجولان خاصة وأن الظروف العربية والدولية لم تكن مواتية، فوافق المواطنون على إيقاف الإضراب إذا التزمت إسرائيل بهذه الشروط.
وبناء عليه أعلن فك «الإضراب الكبير» بتاريخ 21\07\1982.