الجولان المحتل: يوم فرح يغلفه الحزن
عن موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر - 28\03\2007
دائما ما تكون الأعراس " الافراح" مناسبات عاطفية مؤثرة, ولكنها تصبح حزينة إذا كانت العروس لا تعلم متى سيكون بإمكانها رؤية عائلتها مرة أخرى. ففي الجولان المحتل, تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر, منذ عقدين, بصفتها وسيطاً محايداً, بمساعدة الأزواج على عقد قرانهم عبر خطوط الجبهة.
تقول العروس أرواد أبو شاهين: "إذا حلّ السلام, سوف أرى والديّ مجدداً وإلا فلن أراهما أبداً." لقد حمل صباح يوم 12 مارس/آذار مشاعر قوية ولكنها متناقضة وتردد الشابة التي تبلغ الخامسة والعشرين من عمرها والمولودة في قرية بقعاتا في الجولان المحتل. "يصعب عليّ أن أترك المكان الذي ترعرعت فيه وأبتعد عن قريتي وعائلتي وأصدقائي."
تشعر أرواد بالسعادة لزواجها من مهنّد حرب الذي التقته قبل ثلاثة أعوام. ولكنها, في الوقت نفسه, ستترك عائلتها وأصدقاءها في الجولان المحتل لتعيش بالقرب من زوجها في مدينة القريا السورية التي تقع إلى حوالي 100 كلم جنوب-شرق دمشق, ولا تعرف متى ستتمكن من رؤيتهم مجدداً.
قبيل الظهر, اجتمعت العائلتان وسط المنطقة العازلة بين نقطتي التفتيش الإسرائيلية والسورية عند نقطة عبور القنيطرة, وهو المكان الوحيد الذي يمكن للعائلتين أن تلتقيا فيه وجهاً لوجه. وبعد انتظار دام ساعتين, قبّلت أرواد والديها وعائلتها للمرة الأخيرة ولوّحت بيدها لأصدقائها عند الجانب الآخر من نقطة التفتيش الإسرائيلية ومشت مع زوجها وعائلته إلى الجانب السوري.
لقد ساعدت اللجنة الدولية على تنظيم هذا الزواج باعتبارها وسيطاً محايداً لديه بعثتان في دمشق وتل أبيب ومكتب في الجولان المحتل. ولم تؤمن اللجنة الدولية المعاملات المطلوبة من الحكومتين فحسب, بل قامت أيضاً بتأمين التراخيص اللازمة لكل المدعوين من أجل دخول المنطقة العازلة لحضور حفل الزفاف, علماً أن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تستغرق شهوراً عدة.
فراق منذ عام 1967
بالنسبة إلى أفراد العائلتين, لا يعني الالتقاء في المنطقة العازلة حضور زفاف أرواد ومهنّد فحسب بل هو أيضاً فرصة نادرة للالتقاء بأفراد العائلة الآخرين والأقارب الذين افترقوا منذ وقف إطلاق النار في عام 1967. فقد تركت سهى أبو شاهين, زوجة أخ أرواد, عائلتها في سوريا منذ أكثر من عامين لتتزوج شقيق أرواد وتقيم معه في الجولان المحتل. وكان هذا العرس الفرصة الأولى المتاحة لها منذ ذلك الحين للقاء أي فرد من أفراد عائلتها.
في البداية, لم يؤذن إلا لحوالي عشرين شخصاً من كل عائلة بدخول المنطقة العازلة. وذرفت الدموع وسادت مشاعر الاستياء, ذلك أن أولئك الذين لم يُسمح لهم بالدخول بدأوا بالتلويح والصراخ عبر الأسلاك الشائكة والسياج المعدني لجذب انتباه العائلة من الجانب الآخر. وأخيراً, وافقت السلطات السورية والإسرائيلية على دخول حتى حوالي 60 شخصاً من كل جانب, وهرع من حالفهم الحظ إلى وسط المنطقة العازلة للاستفادة من كل دقيقة تمر والبقاء مع الذين لم يلتقوا بهم منذ سنين.
وتساعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ عشرين عاماً في تنظيم مثل هذه الأعراس عند نقطة عبور القنيطرة. وقد شهد عام 2006, ثلاثة أعراس ضمت نساء من سوريا عقد قرانهن على رجال من الجولان. وتسهّل اللجنة الدولية أيضاً عبور الطلبة من الجولان المحتل إلى سوريا. وفي صباح يوم زفاف أرواد, عاد أربعون طالباً إلى عائلاتهم في الجولان المحتل بعد أن أنهوا فصلهم الدراسي.
تعليق الزيارات العائلية
في السابق, كانت اللجنة الدولية تدير برنامجاً يسمح لأفراد العائلات بالاجتماع مرة في السنة في سوريا لمدة أسبوعين. وقد علّق هذا البرنامج بشكل مفاجئ عام 1992, ولكن اللجنة الدولية تسعى حالياً إلى استئنافه.
ويقول محمد صفدي, موظف اللجنة الدولية في الجولان المحتل: "يشكل هذا البرنامج أولوية بالنسبة إلينا, فالجماعات المحلية تنظر إليه باعتباره إحدى المسائل الأكثر أهمية بالنسبة إلى المشاكل المرتبطة بالاحتلال. فإذا استؤنف برنامج الزيارات العائلية, ستصبح حفلات الزفاف بالتأكيد مجرد مناسبات سعيدة."
ويقول يحيى أبو شاهين, والد أرواد: "ابنتي ستذهب بعيداً عني, ولماذا لن يكون لي الحق في رؤيتها من جديد؟ وإذا فتحوا معبر القنيطرة, فسيكون بإمكاني أن أراها كل أسبوع."
ويضيف أخوها ثروت قائلاً: "إذا, لا قدّر الله, أصاب مكروه والدها أو والدتها, فهم لن يسمحوا لها بالعودة إلى الجولان المحتل. ولا أعرف لماذا. صدقني, هذا حقاً ظلم!"
زوجة شقيق العروس تلتقي عائلتها لأول مرة منذ سنوات.
العروس
والعريس يسيران إلى الجانب السوري من المنطقة العازلة بينما لا يعلمان متى سيريان
عائلتها في الجولان المحتل.