قال لي الذئب
شعر: معتز أبو صالح
ما كانَ لي
أن أجلسَ على حافَّةِ القمرِ
وأُرخي رجليَّ للفضاءْ
لكنني صادقتُ ذئبًا
علّمني العواءْ
قال لي الذئب:
- الوحدةُ فراغُ القصب
فاتبعْ حكمةَ القصب
وَكُنْ فراغًا كي يحتشدَ الكونُ فيك.
- والعتمةُ يا ذيب!
- العتمةُ لونٌ آخرُ للنهار
عواؤكَ فرشاةٌ
وشهوتُكَ للصوفِ ممحاة
واعرفْ أنّ الأبيض عيونُ السواد
والأسودُ قلبُ البياض
فلا تنظرْ إلى الشمسِ
بلِ ارضَعْها
أَسْدِلْ جفنيكَ
وتمرَّدْ على الضوء.
- وأنا صغيرٌ يا ذيب
حلمتُ بحذاءٍ لرأسي
ولمـّا كبرتُ
صارتِ السماءُ وَعِرة
أهكذا! كلّما بَزَغَ لي جناحٌ
خَبَت في السماءِ نجمة!
وكلّما اشتعلَ رأسي
أَمطَرتْ غيمة!
- إعْوِ:
يا أحلامي جَنِّحيني
جنِّحيني كي أمحو السماء.
- وإن داهمَتني الغابة!
- اتبعْ دائريّتَها لتصيرَ زوبعَةً
تبحثُ عن نفسها في نفسها
وكُنِ الريحَ في شَعرِ الوقت
في كلّ نقطةٍ أنت النهايةُ والبدايةُ
ولا يبقى من الرحيلِ سوى عصاه
واعرفْ: مَنْ وَصلَ تاه
النهرُ رصيفُ الخُطى
وَمَنْ يمشي ضفَّتاه
- وَمَنْ أتبعُ يا ذيب، مرآتي أم ظلِّي؟
- إجلسْ بين الصوتِ والصدى
لا تكُنْ صوتًا فيُرجِعَكَ الصدى
ولا تكُن صدى فَتَحِنَّ لفراغِ الحنجرة
أنتَ ما تجهلُهُ فيك
وما تعرفُهُ منكَ هو شوائبُ الآخرين
فلا تبحثْ بلْ تَعَرَّ
- وإنْ سقطَ فيَّ الخريف يا ذيب!
- أُسقطْ يباسًا كأوراقِ الشجر
لتصيرَ معزوفةَ الأقدام
ولتهاجِرِ الطيورُ فيك
إلى أن ينبتَ في ريشِكَ القمح
- وإن عَبَرَ دوني الوقت!
- إصمتْ.. جسدُ الوقت ينمو في الصمت
- وإن أنكَرَتني الريح!
- كُن جهةً
يبحثُ فيها المجهولُ عنك
وأنتَ.. لا تبحثْ بل تَعَرَّ...