ملاحظات عامة في تصوير البورتريه
نضال الشوفي - 16\12\2007
ليس بالضرورة أن تكون مصوراً محترفاً كي ترعى انتباهك الملاحظات الواردة في هذه
المادة، فالآت التصوير اليوم في متناول الجميع، ترافقهم في رحلاتهم وأعيادهم
ومناسباتهم المختلفة، وتسجل مفاصل شخصية هامة من حياتهم. فهي بذلك مذكرات مصورة
يعودون إليها كل حين، ويفاخرون بها أمام أقرانهم، أو يستعيدون من خلالها لحظات
حميمة كلما تقدمت بهم الأيام. لكن مصوراً مختصاً ممتهناً هذا المجال سينتبه أن لم
يبدِ الكثير من الملاحظات حين تعرض عليه صور التقطها العامة من الناس، خاصة
البورتريه منها، لأن الجميع مولع بحفظ صور لغيره أو لنفسه في مناسبات مختلفة، لذلك
لا ضير إذا تعٌرف هؤلاء على بعض المبادئ البسيطة ( غير المقدسة ) في تصوير الأشخاص
عموماً، والبورتريه على وجه التحديد.
يلاحظ كل منا كم هو مرتبك لا يسيطر على انفعالات الخجل البادية عليه، أذا أحس أن
آلة تصوير ما تتعقبه بغية التقاط صورة له. أو ربما يلجأ إلى افتعال حركة ما إذا كان
ممن يتغلبون على خجلهم، لذلك ففي مثل هذه الحالات يجب على المصور أن يأخذ وقتاً
كافياً بينما يحادث الشخص ( موضوع الصورة ) ويحاول إعادته لطبيعته وعفويته، ومن ثم
يقتنص له الصورة المناسبة. أما إذا اختار المصور التقاط صوراً عفوية للموضوع، فخير
ما يفعله هو أن يؤمن بعداً كافياً عن الموضوع بحيث لا يحس هذا الأخير بوجود كاميرا
موجهة نحوه. إن العدسات واسعة الزاوية ( ذات بعد بؤري قصير ) لا تساعد في هذه
الحالة، لأن المسافة بين الكاميرا والشخص ستكون قصيرة. كما أن هذا النوع من العدسات
سيخلق تشوهاً في الأبعاد بحيث تظهر أجواء كاريكاتورية في الصورة. كذلك الأمر
بالنسبة لعدسات الزاوية الضيقة ( ذات بعد بؤري طويل ) التي تضغط تفاصيل الصورة فلا
يبدو الأمر طبيعياً، كما أنها تحتاج لابتعاد المصور مسافة كبيرة كي يحيط بالموضوع
ضمن الكادر.
إن خير العدسات وأفضلها لالتقاط صور البورتريه هي العدسات الواقعة بين المقياس 80 _
135 ملم لأنها تتخلص من التشوهات المذكورة، وفي الآن ذاته تؤمن مسافة تسمح بالتقاط
صور عفوية للإنسان دون أن يشعر بذلك.
لكن هذا لا يكفي للحصول على صورة ناجحة، فعلى المصور أن يراعي القطع في الصورة،
والأفضل أن يقرر مسبقاً إن كان سيلتقط صوره من أسفل الرقبة وما فوق، أو صورة نصفية
من منطقة الخصر وما فوق، أو صورة كاملة دون أن يقطع الأقدام مثلاً أو الجزء الأعلى
من الرأس. ببساطة فكر قليلاً بالصورة وحاول أن تقرر ماذا تريد قبل الضغط على الزر.
نلاحظ في الكثير من صور الرحلات التركيز على الخلفية لأننا جميعاً نرغب بالتقاط صور
لنا أمام مبنى أو هرم أو منظر طبيعي، إذاً والحال كذلك اجعل الصورة مكتملة
بالابتعاد قدراً كافياً عن موضوع الصورة، أو باستعمال عدسة زاوية واسعة، والأفضل أن
يتحايد الشخص المراد تصويره الوقوف في مركز المنظر، بأخذ موقع له في الثلث الأيمن
أو الثلث الأيسر من الصورة. وفي حال التركيز على الشخص وحده، وهي الحالة العامة في
تصوير البورتريه، فيتم تشويش الخلفية، ويفضل عندها استعمال فتحة عدسة واسعة maximum
aperture .
في جميع حالات التصوير ثمة أمر أساسي يجب مراعاته، هو مصدر الضوء، وستلاحظ نتائجه
الرديئة على الفور، إذا تم التصوير الخارجي في أوقات الظهيرة أثناء سقوط أشعة الشمس
بشكل عامودي. حينها ستظهر الظلال القوية تحت الأعين والأنف والدقن ، لذا يجب تجنب
التصوير في مثل هذه الأوقات. كذلك تجنب التصوير داخل الأستوديو ، أو الأماكن
المغلقة ، تحت أضواء ساقطة عمودياً من الأعلى، لأنها تفضي لنفس النتيجة. بالمقابل
فإن الضوء المباشر القوي باستعمال ( الفلاش ) المحمول على الكاميرا أو المدمج
بداخلها، يلغي الظلال المرغوب فيها، ويسطح الوجه حتى يخلو من جماليات تناوب الظل
والضوء المرغوب فيها. لذا يلجأ المصورون داخل الأستوديو لاستعمال مصدري ضوء جانبيين
على الأقل، وتكون قوة إضاءة واحد منهما ضعف قدرة الآخر. وفي حالات معينة يلجأ
المصور لاستعمال مصدر ضوء ثالث مهمته فصل الموضوع عن الخلفية، أو مصدر ضوء مركز (
سبوت ) من أجل إضاءة موضعية. على كل حال هذا الموضوع ينحى منحاً اختصاصياً ليس
بالضرورة التعمق فيه هنا.
لا تتجاهلوا أيضاً مستوى موقع آلة التصوير بالنسبة للموضوع، وينصح هنا أن يكون
ارتفاع الكاميرا على مستوى العيون، لأننا إذا أخذنا اللقطة من أعلى فسيبدو الجبين
عريضاً بالمقارنة مع الوجه، وإذا كانت اللقطة من الأسفل فإن التشوه ذاته سيظهر في
الصورة بالنسبة للدقن. لذا راعوا أن يكون التركيز في التقاط صورة البورتريه على
العيون لأنها أكثر جزء معبر في الوجه، وأن تكون الكاميرا مستوية مع العيون.
لن نسهب في الحديث عن الأفلام الخاصة بمجال تصوير البورتريه، لأن ذلك يدخل ضمن مجال
الاحتراف، والمصورين المختصين في هذا النوع من التصوير. ولأن الأفلام العادية تفي
بالغرض وتعطي نتائج جيدة في الكثير من الأحيان، وهي الأكثر وفرة في كل مكان، ويمكن
الاستعاضة عن فلم يظهر ملمساً ناعماً للوجه باختيار كرت الطباعة المرغوب فيه أثناء
التحميض والطباعة في محل التصوير، فذلك يعوضنا بعض الشيء عن المؤثرات التي تتيحها
الأفلام المختصة. وفي الحقيقة فإن معظم الناس اليوم تقتني كاميرات رقمية يمكنها
التغلب على هذه الإشكالية.
كما
ورد في المقدمة إن هذه الملاحظات ليست مقدسة ولا قسرية، فالمصورون المحترفون يعمدون
لكسرها في حالات كثيرة من أجل خلق تأثيرات معينة يتوخونها من الصورة، كتشويش
الموضوع بشكل مقصود، أو التقاط صور ظلية (سيلويت ) له، أو التلاعب بالقطع، أو غير
ذلك من أفكار لا يعبر عنها بالكلمات ولا بالحديث أفضل مما يقرأها النظر. ولا يحٌدث
أحد نفسه بالقول أن هذه الملاحظات من أولويات المصور المحترف، ولا شأن له هو فيها,
فليجرب التقيد بها حتى لو كان يلتقط صوره عن طريق الهاتف المحمول وسيشعر باستمتاع
عند رؤية النتائج الجديدة.
عقب على المادة |
لا توجد تعقيبات حاليا |