لماذا
رِوى؟
رِوى - 22\01\2008
هل هو خوف من اسمنا؟ أم خوف من نفسنا؟ أم من أهلنا أو مجتمعنا... أو ربما والأرجح
هو خوف من ألسنة الناس!!!
قلت لإحداهن: هل تسمعين؟
فتلمست أذنيها وقالت: نعم أنا أسمع.
قلت لها: هل ترين؟
فتحسست عينيها وقالت: نعم.. أنا أرى.
قلت لها: هل تتقنين الكلام؟
ففتحت شفتيها وتفقدت لسانها وحنجرتها وقالت: نعم.. طبعا.
قلت: هذه هي المصيبة الكبرى!!!
إن شعبنا يستعمل حواسه ويتجاهل ما وراءها وهذه لعنة ما بعدها لعنة. لماذا؟؟
لأنه يرى الصور ويسمع الأصوات ويتفوه ببقايا كلمات وينسى ما وراء تلك المشاهد
والدوافع المؤدية لها. فمعظمنا يفتقد للبعد الثالث, يعني أننا نسمع بأذنينا وليس
بفكرنا, ونرى بعيوننا وليس بإحساسنا, ونتفوه بكلام لا حاجة له بدلا من الصمت. فويل
لمن يتجرأ ويعلن نفسه ككاتب مبتدئ في مجلة ما أو في موقع ما، حتى تتهافت الردود
عليه من هنا وهناك، بعضهم يشجعه والبعض الآخر يحطمه. هذا طبيعي فالنقد ضروري لمن
يريد أن يتقدم في أي مجال, ولكن المشكلة هي إذا كان اسمه معروف لدى الجميع فإن
التعليقات السخيفة تبدأ على ارض الواقع. لن تصدقوا إلى أي مدى يصل خيال الإنسان
الخصب، فلكل موضوع يكتب يؤلفون عدة قصص لا تمت للموضوع بصلة. فكل إنسان يفهم على
هواه ويفسر الأمور كما يشتهي، ويزيد عليها (البهارات)حتى تصبح بعيدة كل البعد عن
أرض الواقع.
أنا لا ألوم أحًًداً فلكل إنسان هواية يعجب بها وينميها. فبعض الناس هوايتهم تحطيم
الآخرين حتى إن كان بالكذب والنفاق، فلا يعجبهم أن يبرز غيرهم من خلال كتابات بسيطة
يعبر بها عن أمور اجتماعية معينة، أو عمّا يختلج في نفسه من خواطر وهواجس. لذلك من
يكتب باسم مستعار ليس جبانا ولا يخجل باسمه.. لكنه يخاف من ألسنة من لا يرحمون...
هذه دعوة لإعادة النظر "فينا"، حياتنا، موجوداتنا ومعتقداتنا. فإن الخطأ يكمن في
نفوسنا التي خلناها آمنة مطمئنة.. فهل طريقنا ضيق إلى هذه الدرجة، ودربنا معوج
ومحطاتنا بالية؟ هل ما زالت عقولنا تسكن في بيوت الطين وجسمنا في قصور شامخة؟
هل الرقي موجود في تصرفاتنا أم فقط في مظهرنا الجميل وسياراتنا الأنيقة؟
لقد انعدمت الروح الجماعية، وعجزنا عن العمل كجسم واحد يؤدي وظائف المجموعة. فهذه
أحد أعظم آفات مجتمعنا ولا تسألوني عن السبب لأني لا أستطيع تحديده.. لكني أعتقد أن
فرديتنا ترتكز على أنانية شفافة تنعدم فيها روح الموضوعية لدينا، فصرنا أفراداً كل
يفكر في نفسه فقط ولا يقبل النصيحة من غيره. ودليلا على كلامي هذا، أنه لا ينجح
مشروع معين إن كان مؤسسا من قبل عدة أشخاص. فهذه الشراكة غالبا ما تفض بعد مدة
قصيرة، لأن كل واحد يرى الآخر متعجرفا، ضحل الخيال، عديم الرؤية، ويعتقد أنه طامع
بما ليس من حقه..
أنا لست أدعو أن يذوب الواحد منا في الأخر. فأنا أؤمن بالفرد وعبقريته، ولكني أعني
أن نشجع بعضنا على كل شيء مفيد لنا ولمجتمعنا، وأن نكون أفراداً حاملين لهموم
الجماعة.
عقب على المادة |
لا توجد تعقيبات حاليا |