ضريبة العصر
متفائل – 11\03\2008
في عصرنا أصبح كل ما حولنا آلة وكل شيء في حياتنا اصطناعيا بحيث افتقدنا ذلك العطف
وتلك الحميمية التي تحافظ على النسيج الأسري متينا وذلك الحنا ن الذي يجعل حياة
البيت أكثر انسجاما وتقاربا وأكثر إلفة وتناغما.
كانت جدتي تجمعنا حولها لتقص علينا الحكايات نتحلق حولها تلتصق اجسامنا، نقترب منها
وكأننا الفراخ تنضوي تحت جناح أمها، تتعزز الثقة بيننا ونشعر بالطمأنينة.
كانت تلك الجلسة درسا بأهمية الروابط الأسرية لما لها من تأثير في تعزيز الثقة
بالنفس والشعور بالامان.
كانت جدني تهتم باْن تقص الحكايات التي فيها ما يرمي إلى مغزى تربوي، توصله لنا
بنبرات تتناسب والأحداث.
كانت نبراتها تعلو وتنخفض وتلحن إذا ما احتاج الأمر، كل هذا لتجعل الحكاية مشوقة
وتشد انتباهنا. كان خيالنا يطوف مع الكلمات، وكان هذا يبعث فينا شعورا آخر لا
نعرفه.
اليوم احتل التلفزيون، تلك الخشبة الناطقة، مكان الجدة، ومع انه يعطي الصوت والصورة
والموسيقى التصويرية لكنه لم يستطع أن يوفر ذلك الشعور الذي أحسسنا به مع
جدتي.
جدتي كانت المسرح الذي تربينا عليه، الذي علمنا القيم والمبادئ، جعلت الإنسان ينغرس
فينا، هي حلقة الوصل بين الأجيال التي تسلم عصا التتابع بعد أن تسلمتها، ودورنا أن
نسلمها.
سقى الله تلك الأيام. وأنا لا اغبط جيل اليوم، لأنه يفتقر لذلك النبع من العطاء
والحنان.
عقب على المادة |
لا توجد تعقيبات حاليا |