المزارعون يستبشرون خيراً بأسعار الكرز هذا
الموسم
جولاني – 01\05\2008
يبدأ الأسبوع القادم موسم الكرز في الجولان والذي يستمر أكثر من شهر بقليل. وبالرغم
من أن المحصول المتوقع هو نصف الكمية إلا أن المزارعين يستبشرون خيراً هذا العام
لأن الأسعار المتوقعة جيدة. لكن الخوف يبقى سيد الموقف في غياب أي حاضنة تنظم عملية
التسويق، ما يترك المزارعين عرضة لابتزاز التجار ومزاج السوق.
العام الماضي تعرضت زراعة الكرز لنكسة قوية، حيث تدنت أسعاره في نهاية الموسم إلى
مستويات جعلت العديد من المزارعين يعزفون عن قطفه، خاصة وأن عملية القطاف بحد ذاتها
مكلفة جداً.
السيد فارس عويدات |
السيد أبو حسان فارس عويدات، مزارع كرز مرموق، يعتبر أن الظروف المناخية التي يتمتع
بها الجولان سمحت بنمو شجرة الكرز لدينا، وهو أمر يحسدنا عليه الكثيرون، "كيف لا
والكرز مأكول الملوك"- على حد قوله، لذلك يجب المحافظة عليها وتنمية هذه الزراعة
التي أصبحت رمزاً آخر من رموز الجولان بعد شجرة التفاح.
السيد فارس متفائل بشأن أسعار التفاح وتصريف الموسم هذا العام، فيقول:
"الموسم السنة أقل من المعتاد، لذلك، وبسبب قلة المعروض، فإن الأسعار يجب أن تكون
جيدة. ولكن من المهم أن يتصرف المزارعون بحكمة وأن لا يتسرعوا ببيع منتوجهم، وأن
ينتظروا أن يدفع لهم السعر الذي يتناسب مع ما يبذله المزارع من مجهود حتى يحصل على
هذه الثمرة المباركة".
ويضيف السيد أبو حسان بأن موسم الكرز يعتبر مهرجان وعيد، يجعل من الجولان مقصداً
للسياح والراغبين بمجرد رؤية الكرز وهو على الشجر، مع أنهم يستطيعون شراؤه في
السوق. كذلك جميع أصدقاؤنا من عرب 48 ينتظرون قدوم موسم الكرز ليأتوا لزيارتنا
والاستمتاع بالأجواء الخاصة التي يضفيها الموسم. ومن هنا يجب أن نعي أن بين أيدينا
نعمة خصنا بها الله فيجب المحافظة عليها وتنميتها وعدم التفريط بها.
ويشارك أبو حسان الرأي الكثير من المزارعين، بأن أسعار الكرز هذا العام ستكون جيدة،
ولكن بعظهم يعتقد بأن السبب الرئيس في تحسن السعر سيكون عزوف المستوطنين اليهود عن
قطف كرزهم هذا العام، بسبب ما يسمى لديهم بسنة الـ "شميطا"، والتي يمتنع اليهود
فيها عن قطف مواسمهم، وهذا يتكرر مرة كل ستة أعوام، حيث تفرض عليهم عقيدتهم الدينية
إراحة الأرض في السنة السابعة. لذلك سيقل المعروض من الكرز ما سيؤدي بالضرورة لرفع
أسعاره، الأمر الذي سيعوض على المزارعين خسائر الأعوام الماضية.
وكان البعض قد ألقى باللائمة على أولائك المزارعين الذين يملكون كميات قليلة جداً
من الكرز، وعددهم كبير جداً، فتشكل الكمية التي يبيعونها مجتمعة قرابة الـ 30% من
سوق الكرز في الجولان. هؤلاء المزارعون الذين زرعوا في أراضيهم بضع شجرات من الكرز،
فهي بالنسبة لهم ليست موسماً، ولا تستأهل الكمية بذل الجهد لبيعها بسعر جيد، فيقوم
هؤلاء ببيع كرزهم للتجار بأي ثمن كي يتخلصوا منه، وهذا ما يؤدي إلى تخفيض الأسعار
بهذا الشكل الجنوني.
وفي منطقة القاطع، بين مجدل شمس ومسعدة، التقينا عددا من المزارعين الذين جلسوا في
ظلال أحد بساتين الكرز الوارفة، وقد اجتمعوا يشربون الشاي بعد أن قضوا ساعات
الصباح
يعملون في الأرض. ومن الطبيعي أن الحديث كان عن الموسم وعن المشاكل التي يتوقعونها.
وكان لافتاً الشعور بالعجز الذي أبدوه أثناء حديثهم عن المشكلات وعن إمكانية إيجاد
حلول لها، فكان حديثهم عمن يتوقع منهم إيجاد الحلول بلسان الغائب.
فبالرغم من تمكن المزارعين من إنشاء جمعيات زراعية ناجحة نوعاً ما، مثل جمعيات
الري، وجمعيات البرادات، إلا أنهم فشلوا حتى الآن في تشكيل جسم يعنى بتسويق الإنتاج
الزراعي والتخطيط الاستراتيجي لتطويره، وهو ما يدل على خلل واضح في بنية العملية
الإنتاجية الزراعية. فما نفع تطوير الزراعة وزيادة الإنتاج إذا لم تكن قادراً على
تصريفه بالشكل الصحيح والحصول على المردود الصحيح. ولعل السبب في ذلك يعود إلى أن
معظم العمل الزراعي في الجولان يعود لأسباب إيديولوجية، ولا تحكمه بالضرورة قوانين
السوق. فالمواطنون هنا يقومون بزراعة الأرض ليس كمشروع إقتصادي ربحي بل من أجل
المحافظة عليها من سيف المصادرة الإسرائيلية المسلط عليها.
وفي الحقيقة فإن المشكلة التي تواجه زراعة الكرز هي نفسها التي تواجه زراعة التفاح،
وهي نفسها التي تواجه المواطنين في كافة نواحي الحياة، وهي غياب التنظيم والمرجعيات
الحقيقية، التي من المفروض بها إيجاد الحلول للمشاكل التي يهدد معظمها سلامة هذا
المجتمع، ويضع إشارة استفهام كبيرة جداً على مستقبله.
عقب على المادة |
لا توجد تعقيبات حاليا |