قم يا أخي...
إبن زاهدي. باريس. ديسمبر 1974
هذه المقاطع كتبتها في باريس، أيام الفقر، عندما كنت ذاهباً إلى الجامعة، حيث كانت
السماء تمطر والماء يتسرب إلى حذائي القديم. يقولون أن الوحي يأتي من السماء، ولكنه
أتاني آنذاك من ثقب الحذاء
حذائي المبخوش في وحل الشتاء
كأبواق الخطابة والدعاء
كجراب عهرٍ في مهبات الهوى
لتعب منه الريح رائحة الفساء
كسّرت رأسي يا بليد
كسّرت رأسي يا بليد فلا تقل
آت من التاريخ
من بغداد،
من حطين،
من مكة،
من كهف الفناء
من هم جدودك؟
سادوا وبادوا تاركينك كالكسيح
تجتر من ديدان قبرهم الغذاء
من هم جدودك بعد أن رحلوا كأوراق الخريف؟
وأراك تنبش قبرهم،
ماذا وجدت؟
لا تستحي، قل لي
تراباً؟
أم رماداً؟
أم صراصيراً وديداناً تعشش في الفناء؟؟
وأرى بفاهك عظمهم
بالله قل لي،
هل بذاك العظم رائحة الحساء؟
***
قم يا أخي
قم يا مغفّل
لا ترتقي قدماً عيون للوراء
***
!إن هذا الحلم كذب ورياء
من هم جدودك حين صنعوا الحضارة والشموخ؟
قد كسّروا الأصنام،
قد أحرقوا تاريخهم،
ودعوه زيفاً باطلاً
كي يصنعوا،
كي يخلقوا فجراً جديداً،
كي يصعدوا التاريخ أحراراً
نراهم حطموا ما قدس الأجداد والآباء
صعدوا،
وأنت؟
أنت ما زلت تعيش
مكبّلاً بسلاسل من ألف عام
صدئت على ساقيك؟
وفي دماغك
عشّش العنكبوت
وغداً،
غداً ستموت
سينمو فوق مضجعك الخصاب
وتنفر من نتانتك الكلاب
وما من كلب سيحمل منك عظمة
***
اللات خرافة المليون عام
يندسّ في راسك كالشرطي
ويطل من جلدك كالجدري
يبقيك جاموساً
وبغلا للحراث،
ووراؤك الدولار
والمسّاس والمحراث،
***
صلي إذا ما شئت
عفّر جبينك بالتراب،
واربط عيونك بالسحاب،
وبعد ألف عام،
أخبرني،
ماذا حصلت،
أين وصلت؟
ما زلت عبداً للإله،
ما زلت بولاً من مؤخرة الجمال،
تمشي هي قدماً
وأنت إلى الوراء
صلي! إذا ما شئت
كسّرت أبواب السماء،
مزّقت آذان الإله،
بدعائك المحموم،
بفؤادك المحروق لهفاً للجواب
ماذا سمعت؟
هل من أجاب؟
لا من جواب.
ستموت قاعٍ
دون أن يُفْتَح باب
وتطير للفدوس إن طار التراب
***
من هم رعاة القوم والبيت الحنيف
والسارقين لبطنك الخاوي الرغيف
هم شلّة تجتر في الصحراء
عهراً وجهلاً ونفاقاً ورياء
من ضفة النهرين حتى دارك البيضاء
***
قم يا أخي
قم يا مغفل
كسر الأصنام،
أحرق الأوهام،
إخلق التاريخ...
إن وعد النذل كذب ورياء
عقب على المادة |
لا توجد تعقيبات حاليا |