حمزة
رائد أبو عواد - 24\11\2008

حمزة طفل جميل, وجهه مشرق, تراه يمد لك يده كي يسلم عليك, ولا تستطيع تجاهل ابتسامته الخجولة وبريق عينيه, هذا البريق الذي يمثل تمسكه بالحياة وحبه لها...
لكن حمزة ليس طفلا عاديا لأنه يعاني من خلل في وظائف جسمه، سببتها له حمى خبيثة أصابته في أيامه الأولى في هذه الحياة، فأصابت جهازه العصبي، وأصبح عاجزا عن السير وعن النطق.
قصة حمزة طويلة وفصولها كثيرة، الضحك فيها ممزوج بالبكاء، والتحدي فيها جزء من الحياة , ترى فيها دموع والدته الخفية عندما لا يستطيع اللعب مع باقي الأطفال، أو عندما يعجز ابنها عن تحقيق ابسط الأمور اليومية, ونرى كفاح أبيه كي يعطي ابنه الإحساس بأنه طفل عادي، وأن الطفولة الغائبة من حقه أيضا. والملفت للانتباه تمسك حمزة بالحياة برغم كل الصعوبات.
حمزة شخصية حقيقية تعيش بيننا، وكتبت هذه الكلمات بعد حضور عيد ميلاده السابع، وغادرت وأنا احمل غصة أهله وأخوه وهم يغنون له أغنية عيد الميلاد، واكتشفت أننا جميعا نحمل في طياتنا غصة مشابهه.
حمزة موجود في كل بيت من بيوتنا، وفي كل حارة من حارتنا، ولكن بشكل مختلف وظروف مختلفة, ولا ينتظر منا سوى الالتفاتة اللطيفة والكلمة الطيبة. لا يريد أن نشفق عليه، لأنه تأقلم مع واقعه برغم كل الصعوبات، وآخر شيء يحتاجه هو الشفقة .
أمثال حمزة أقوياء ولكن يجب أن نعلم أن قوتهم مستمدة من ضعفهم ومن عجزهم، ولكن مهما كانوا أقوياء فهم بحاجة لنا ليشعروا أنهم جزء من الحياة وأنهم أعضاء مرغوب بهم في المجتمع. فالرجل المسن الذي نمر بجانبه وقد عجز عن الحركة لأن الحياة قد غدرت به يحمل تجربة حياة, وذاك الشاب العاجز لا ينقصه شيء يمنعه من أن يكون مفيدا لمجتمعه والأمثلة كثيرة.
لنكن كما أرادتنا الإنسانية أن نكون ولنعط هؤلاء الأفراد فرصتهم ولنتقرب منهم، فهم بحاجة للكلمة الطيبة ولديهم الكثير ليقدموه لنا.
والآن أقول لحمزة:
كل عام وأنت بخير واعلم انك مصدر فخر وسعادة لوالدك ولوالدتك, لا تغضب لأن أصدقائك تخلفوا عن الاحتفال، فهم مختبؤون في ثنايا طفولتك الغائبة، ولا تغضب لأنك لم تحصل على دراجة تقودها مثل باقي الأطفال، لان الله قادر على كل شيء. وتلك الأمنية التي أطلقتها ولم يسمعها احد ستتحقق بإذن الله عز وجل...