أضاءه على ديوان "سؤال على حافة
القيامة" للشاعر ياسر خنجر
سيطان الولي - 25\11\2008
إن قراءة كتاب "سؤال على حافة القيامة" للشاعر (الماصوفي) ياسر خنجر, يحتاج إلى بعض
التأمل, وكثيرا من التعمق في أبجديات الثقافات ألقديمه, المحفوظة في الرقم الطينية,
من عهد سومر وبابل وأور وأوغاريت، وكثيرا من التوغل في عوالم المتصوّفه, وأئمة
الباطنيه, الذين تمردوا على المألوف من السنن والتشريعات والثوابت التي اقفل وراءها
باب الاجتهاد، وكثيرا من العلم عن الفلسفات المادية، التي فضّت الأقفال الموصدة على
العقول, وعلى التفكير.
يثير الشاعر في قصائده زوبعة فوق الغبار المتراكم على رفوف المعرفة, مشككا بكل
الأجوبة التي آل إليها تفكير الإنسان، منذ السؤال الأول وحتى الجواب الأخير.
لم تكن مهمته إعادة صياغة الأجوبة, لأنها ليست من اختصاصه, ولأنه حتما لا يملك
الإجابات عليها, لكونه أصلا ينطلق من قاعدة الّلا يقينية, والّلا مطلق. فأفق
المعرفة عنده مفتوح على المتغيرات والتطورات النسبية الحادثة في الواقع , والمنعكسة
في التفكير, وهو يحث على البحث عن الأجوبة, فوق كونه يثير الشك حولها:
"أوقد في الريح جمر السؤال
فقد يهتدي عابر ويتوب عن الأجوبة"
***
"وحدها الأسئلة تطفئ ضياء الله في أفق المريد
وتضيء درب المعرفة"
المعرفة في التفكير والتجريب والتأمل, غايتها الوصول إلى اليقينية والكلية. مسالكها
متفرعة ومتعددة. نتائجها متناقضة. فيجوز هنا السؤال بقوه: لماذا الأجوبة المتناقضة,
لواقع واحد؟!
هي المنطلقات والرؤى, والإبداع الفكري, وحرية التفكير, التي تسبغ على المعرفة
ألوانها الموشاة بكل أطياف النظر العقلي, والتأمل الحسّي, والتجريب العملي,
والاستنتاج الموضوعي والمنطقي.
فالبحث عن الحقيقة المطلقة,بحث عبثي، لأنه لا حقيقة مطلقه في المعرفة, ولا في قوة
الاجتهاد والبحث عنها, ولا في الواقع نفسه. والكف عنه, تسليم بما هو قائم من خلاصات
نسبيه, واستنتاجات وفقيّه, وأجوبة لا دليل قطعيّ على صوابيتها وإطلاقيتها إلا ما
توصلت إليه العلوم من حقائق يقينية, وأخرى نسبيه. إذا, فالبحث الدائم هو الأمر
القطعي, لمزيد من المعرفة ولمراكمتها وليس لغاية الوصول إلى الحقيقة المطلقة.
"قل هل يروي ظمأك
هذا البحر المنسول من شفتيك,
فترتاح قليلا من تعب الذكر
وتكف عن الدوران
بحثا عن سر أوسع مما أحطت به,
أنقى من دمع تذرفه؟
بحثا عن سر أعمق؟"
والمعرفة مفهوم مرفل بثوب الحرية, تتربع على عرش لا قيود تقيدها, و لا حدود تحدها.
فالحرية شرط المعرفة, وسببا مقدما لها. فلا تتكامل مقدمات المعرفة, إلا باكتمال
عوامل الحرية.
"هي الأرض امتداد خطاك,
مضرجة أبدا بالخصوبة
***
فأبقى أسير يديها بكامل حريتي
وأنا,
أنا من له إن يختار ما شاء من الق السماء,
***
هي الأرض امتداد خطاي
-- مضرجة أبدا بالخصوبة--
تشلح عن نرجس الروح عتم الجواب,
لتلبس – مثلي ومثلك - حرية الأسئلة".