اذا كنتم لا تفهمون ما المقصود بالأزمة
المالية العالمية
فانتم لستم الوحيدين (الجزء الثالث والاخير)
أسامة العجمي
Excellence & Caliber a.e.s.
Osam.klkla@gmail.com
اتريدون سوقا حره ذات فرص، نهضة وابداع أم ترغبون بسوق
اشتراكية يحكمها الركود والجماد. الاولى فيها خطر واستمرار والثانية فيها امان وشلل
للاحلام. المعركة الاخيرة بين الخير والشر ليست سوى نهاية للمعارك الازلية بين
الجشع والكسل. الجشع يا اعزائي كان دائما محركا لقطار الحضارة والانسانية، فهو
المسؤول عن ثراء الامم وفقرها، عن ازدهار الصناعة والتجارة، لكن لكل شيء ثمنه وهنا
اعتذر لجميع من يقرأون هذا المقال وجرحتهم كلماتي..فلولا الجشع لما اخترع الانسان
الشاشة التي تقرأون عليها هذه الكلمات...
مع بداية عام 2006 بدأت اسعار المنازل بالهبوط بشكل متواصل، الارباح من
السندات المالية ومشتقاتها المبنية على الفوائد التي يدفعها المقترضين بدأت
بالانكماش. في منتصف عام 2007 تنطلق الشرارة الاولى! بعض صناديق الاستثمار العالية
الخطر (קרנות גידור) المملوكة من قبل بنك الاستثمارات الامريكي Bear" sterns" والتي
استثمرت في هذه السندات تكبدت خسائر عالية لدرجة اضطرت البنك أن يضخ اليها من رأس
المال الخاص بالبنك ذاته (הון עצמי). على الرغم من محاولات البنك انقاذ "بناته" من
الصناديق الاستثمارية، يضطر لاحقا الى اغلاقها نتيجة للخسائر الكبيرة.
مع الوقت بدأت البنوك والشركات المالية بالاعلان عن نتائج استثماراتها (قانون
الشركات العامة يلزمها بفعل ذلك مرة كل 3 اشهر) وعندها ظهرت لالاف المساهمين
الحقيقة القاتمة. خسائر بعشرات مليارات الدولارات على استثمارات في سندات ال CDO.
بين الفترة الممتدة من منتصف 07' وحتى سبتمبر 2008 بدأت كرة الثلج المتدحرجة بالكبر
وتغذيها الخسائر الفادحة التي تكبدتها القطاعات المالية حول العالم. صناديق
استثمارية من الصين وكوريا وحتى دبي، اشتروا رزما كبيرة من اسهم البنوك الامريكية
والاوروبية المتعثرة والذين احتاجوا الى السيولة النقدية باسرع شكل ممكن. الخسارة
العظمى كانت لدى شركات الرهن العقاري وشركات التمويل المختلفة.
عندما يخسر المصرف اموالا كثيرة، فإن نسبة كبيرة من رأس ماله تختفي. أملاكه التي
تتكون من أسهم وسندات قرض تفقد من قيمتها بشكل يومي، بينما تنتظره التزامات
مستقبلية معظمها قروض للامد القصير ملزم بارجاعها في وقت استحقاقها(سيل النقد لداخل
المصرف اقل من خروجه)، ما يؤثر سلبا على مصداقية المصرف وامان المساهمين واصحاب
الايداعات في هذا المصرف. في هذه الحالة قد يواجه المصرف صعوبة في الحفاظ على الحد
الادنى من رأس المال (יחס הלימות הון)* أي، النسبة بين النقود التي يملكها المصرف
في خزائنه والخاصة به وبين نسبة القروض التي يعطيها . ادى بيع بير ستيرنز لبعض من
صناديق الاستثمار الخاصة به الى دب الذعر في قلوب المستثمرين واصحاب الحسابات،
فتراكضوا الى بوابات البنك وباشروا بسحب ودائعهم، البنك العريق يصبح على شفير
الافلاس – فتضطر حكومة الولايات المتحدة الى كفل ديون البنك وبيعه لمنافسه "جي.بي
مورغان تشايس".
العاصفة المالية تستمر ويحركها فقدان تام لثقة المستثمرين والصناعة بعمل الاسواق
وقدرتها على معالجة الازمة بنفسها، ما يؤدي الى انهيار عملاقتي الرهن العقاري "فاني
ماي وفريدي ماك" ، الحكومة تتدخل مرة اخرى وتقوم بتأميم الشركتين – سقوط
الامبراطورية اصبح قريبا.
في الوقت ذاته، يد السوق الحرة* لا تصفح عن عملاقة التأمين AIG، حيث قامت سابقا
باصدار وبيع كميات كبيرة من سندات التأمين على سندات القرض المرهونة عقاريا "CDS"
فحصل المحتوم، طوابير من المطالبين بتعويضات على خسائرهم في ادوات الاستثمار
المعروفة ب CDO . كان الامر شبيها بمرور اعصار فوق مدينة ضخمة وبعد بيان الخراب
الذي خلفه يظهر اصحاب البيوت مطالبين شركة التامين بتعويض لا يمكنها تحمله. AIG
تتكبد خسائر متواصلة وبعد ان اوشكت على الافلاس ياتي المخلص مرة اخرى ويشتري" العم
سام " 80% من اسهمها مانعا حصول كارثة اخرى في الاقتصاد المحلي والعالمي – محافظ
البنك المركزي بين برننكي قال : "لم يمكن لامريكا والعالم تحمل سقوط عملاق ك-AIG".
يوم الدينونة يصل في 14 سبتمبر، "ليمان برذرز" المصرف المشهور بعراقته وصموده في
جميع الازمات منذ تاسيس البنك قبل 160 عاما يشهر افلاسه بعد ان فشل في الحصول على
دعم البنك المركزي لانقاذه من نقص حاد في السيولة النقدية بعد قيام المساهمين ببيع
هائل لاسهم البنك حتى تدنت قيمته السوقية الى الصفر تقريبا.
انتشار شائعات حول مصاعب مالية في المصرف وتصاعد وتيرة خسائره في السندات المالية
العالية الخطر ادت الى عدول باقي المصارف عن مد البنك الغارق بالسيولة اللازمة – لا
احد يريد ان يراهن بامواله على بنك يحتضر، لم يكن بوسع احد ان يفعل شيئا – بنك اخر
يختفي من الوجود.
في هذا اليوم، يفقد المستثمرين من جميع أصقاع الارض كل امل في الاسواق، الخوف
والقلق يتفشى بين المصارف والمؤسسات المالية التابعة للقطاع الخاص – متمسكين باثمن
ما يملكون وهو راس مالهم الشخصي، يدفعون بالنظام المالي العالمي الى هاوية واختناق.
اذا كان مصرف عملاق وعريق كليمان برذرز قادرا على الافلاس، كيف يمكن لمصرف ان يثق
بالاخر بعد الان؟
أزمة الائتمان – هي حالة ترتفع بها نسبة الفائدة بشكل دائم وليس هناك دافع لاقراض
المال – هذه هي المشكلة التي تعرض لها المصرفيين في "بير ستيرنز" و "ليمان برذرز" .
القلق امتد الى جميع البنوك فتضاعفت نسبة الفائدة البين مصرفية في العاصمة المالية
العالمية لندن في يوم واحد (ריבית הליבור) وادت الى حصول ركود في تحرك رؤوس المال
والنقد باوروبا، اسيا، امريكا وكل مكان في العالم.
اسعار سندات القرض الغير الحكومية (אגרות חוב קונצירניות) انهارت واسواق الاسهم
تداعت قيمتها حتى وصلت الى نسب تاريخية.
عملات الدول النامية سقطت مقابل الدولار بسبب ذهول المستثمرين وهروبهم بسرعة من
الاسواق النامية المصنفة كاستثمارات خطرة. السند الاكثر امنا في العالم رغم كل
الانهيارات لم يتخلى عن تاجه منذ انتهاء الحرب العالمية الاولى – سندات القرض
الخاصة بخزينة الولايات المتحدة الامريكية.
رغم جهود المصارف المركزية قاطبة، لم تنجح الحكومات في العالم في اعادة الثقة الى
الاسواق، ضخ النقود عن طريقة هذه البنوك في الاسواق الاسيوية، الاوروبية والامريكية
لم يعوض النقص الحاصل في الائتمان (אשראי) الرخيص الذي هيمن مدة طويلة على العالم.
في بعض الدول النامية فقدت اسواق الاسهم 90% من قيمتها. الهلع في الاسواق يستمر
قابضا بفكيه احد اكبر البنوك في العالم، " سيتي بنك" ما يجبر العملاق على فصل اكثر
من خمسين الف من عامليه وتقديم طلب للحكومة لانقاذه.
الركود الاقتصادي* اصبح محتوما، معظم التوقعات تقول بان الاسواق لن تتعافى قبل
نهاية عام 2009 او بداية 2010. من يظن بان ليس له علاقة بالعاصفة العالمية فهو مخطئ
بلا شك فكما قال لي احدهم " حتى ماوكلي فتى الادغال سيتأثر بالركود الاقتصادي بشكل
او باخر" ..
لأولئك الذين يظنون بان عصر الرأسمالية قد ولى فانتم مخطئون، ليس هنالك حل سحري
بديل، المطلوب هو اجراء بعض التعديلات والاستمرارـ الخطر من حصول ازمات مماثلة هو
امر ضروري لا يمكن تفاديه، انها فحسب طريقة الجسم الاقتصادي العالمي في اخراج
السموم التي اثقلت كاهليه.. انها بلا شك فترة عصيبة تمر على المجتمعات وسكانها لكن
كما تقول حكمة قديمة اوجدتها وول ستريت – العبقرية الحقيقية تكمن في استغلال
الازمات لخلق الفرص والربح والازدهار..
יחס הלימות הון – النسبة بين كمية النقد والاملاك السائلة (سندات مالية وودائع)
التي يملكها البنك وبين المبالغ التي اخرجها البنك بشكل قروض ، هذه النسبة تتحدد
بشكل حصري على يد البنك المركزي في كل دولة ولا يمكن للبنوك التجارية ان تخالفها .
مثلا، فلنفرض بان بنك X تصل كمية الايداعات فيه الى 10 مليون شيكل وبان النسبة
المطلوبة بين كمية النقد والقروض هي 10% فان البنك قادر حسب القانون ان يقرض 9
ملايين وليس اكثر من هذا.
النسبة تترواح عادة بين 9 -13 % في معظم الدول، في حالة تعرض البنك الى سيل من
المودعين الذين يرغبون في سحب ودائعهم فانه لن يتمكن من توفير المبلغ كله وعندما
تصل نسبة احتياطي البنك من المال الى اقل ما هي مسموح به فان المصرف يضطر الى اعلان
افلاسه بامر من البنك المركزي- هذا ما ادى الى ازمات المصارف حول العالم في السنة
ونصف الاخيرة.
يد السوق الحرة - The Hidden Hand/مصطلح اوجده المفكر الاجتماعي والاقتصادي "ادم
سميث" في القرن السابع عشر وهو يعتبر اب الفكر الاقتصادي الحديث، فنظريات السوق
الحر المتبعة اليوم تعتمد على ابحاثه والنماذج التي اوجدها انذاك.
المقصود باليد الخفية هو الميكانيكا التي تبني، تحكم، تعالج وتحاكم الاسواق
بعضها البعض من دون تدخل الحكومة والسلطات وكأن هناك يدا تتدخل وتصلح كل مشكلة في
عمل المنظومة وبشكل تلقائي. كون الازمة الحالية ناتجة بمعظمها عن نقص في الرقابة،
والايمان المطلق بقدرة الاسواق واليد الخفية على تشغيل الاسواق، يتعرض نموذج السوق
الحر اليوم الى هجوم ونقد لاذع حول ملائمته لسير المنظومة الاقتصادية العالمية.
ركود اقتصادي / מיתון כלכלי – يتم قياس النمو الاقتصادي في كل بلد حسب معطيات تتعلق
بالناتج القومي من تصدير، استيراد، صناعة وغيرها. في كل 3 اشهر تعلن الدائرة
المركزية للاحصاء نسبة النمو المحلي. من المتفق عليه ان نسبة نمو سلبية او %0 لفترة
ربعين متتاليين من السنة (6 اشهر) كافية للاعلان عن ان الاقتصاد قد دخل في حالة
ركود. في حالة كون نسبة النمو الاقتصادي في دولة ما اكبر من نسبة النمو السكاني
فيها فان الدولة تصنف على انها في وضع ازدهار وتطور، اذا حصل العكس وكانت نسبة
النمو السكاني اعلى فان الدولة تصنف على انها في وضع تراجع وانهيار، ما يؤثر سلبا
على نسب البطالة، الاجور،التضخم ومستوى المعيشة في هذا البلد.
إقرأ أيضاً: