ريم وشجرة الدفلى
قصة للأطفال من سن 5 سنوات وما فوق
إياد مداح - 09\12\2008
في تموز، تسهر الشمس كثيرا، تنام لبعض الوقت، وتصحو باكرا، ريم كانت كالشمس، ليس
شمس تموز فقط، بل الشمس دائما، حين تشرق وحين تغيب، صباحا ومساء.
شرفة غرفة ريم تطل على حديقة جيرانهم، في الحديقة كانت هناك شجرة دفلى، وحيدة معظم
الوقت، لا أحد يقترب منها،غير جارهم، مالك الحديقة، فقد كان يرويها كل صباح ويبتعد
عنها ليتأملها من بعيد. لم تكن ترقص ككل الأشجار في تموز، كانت حزينة، لماذا؟ كانت
ريم تتساءل؟ لماذا يبتعد عنها الجميع؟ إنها جميلة...
لكن، حتى ريم، كانت تتأملها من بعيد فقط، ليل نهار، فشجرة الدفلى لا تنام.
وفي يوم، نزلت ريم ووالداها من البيت، مروا بجانب الحديقة. ألقت ريم على الدفلى
تحية الصباح، لكنها لم تجب. حزنت ريم، وراحت تبتعد عنها وهي تحدق للخلف، والدفلى
تتأملها. بعد ساعات، عادت ريم، وحين اقتربت من الحديقة، وكان الليل حينها قد تمدد
فوق شرفة غرفتها، راحت تتلكأ بالسير إلى أن سبقها والداها إلى البيت. التفتت ريم
للوراء فرأت الدفلى تحدق بها. عادت إليها.
-مساء الخير، قالت ريم للدفلى. كيف حالك؟
بقيت شجرة الدفلى صامتة، وشعرت ريم أن شجرة الدفلى لا تريدها إلى جانبها. تأملتها
قليلا ثم استدارت تنوي العودة للبيت وإذ بصوت خافت مخنوق...
-ماذا تريدين مني؟ ابتعدي عني كالجميع. أنت مثلهم لا تحبينني إلا من بعيد.
-من قال إني لا أحبك؟
-أنت كالجميع، تحبين النظر إلي من بعيد. لكن، لا تقتربي مني أبدا، لماذا؟
-لا أعرف، قالت ريم، رأيت الجميع يبتعدون عنك، لم أسأل، لكنني أسهر معك كل يوم،
وأتأملك، ولا أعرف لماذا يبتعد الجميع عنك؟
-أنا مثلك لا أعرف، سمعت طفلا يقول لأصدقائه يوما، ارشقوها بالحجارة فهي شريرة
قاتلة ترتدي ثوبا جميلا. هل أنا كذلك؟ صحيح، طعمي مر وأوراقي سامة، ولا أعطي الثمر،
لكن، أوراقي السامة تلك دواء لأمراض كثيرة، فلماذا يأخذون عني صفاتي السيئة فقط؟
خلقت هكذا، وأنا أحب الجميع، لا أحب أن يلمس أوراقي الأطفال، لئلا يتأذوا، ولن
أتركهم يفعلون ذلك، لكن، فليلعبوا قربي، وليبتسموا لي حين يمرون قربي، دون خوف
مني...
-ومن زرعك؟... قالت ريم
-مالك الحديقة...
-وهو لا يحبك؟
-انه كالجميع، ينظر إلي من بعيد. وهو يفكر بأن يقتلعني من هنا، لأنه يخاف على
أطفاله مني، لكنني أحبهم ، ولا يمكن أن أؤذيهم، أريدهم أن يلعبوا حولي فقط.، وأن
يقبلوني كما أنا...
-حسنا، ما رأيك أن نكون صديقتين؟ قالت ريم...
-صديقتان؟ وتقبلين بي كما أنا؟ لا بد انك تشفقين علي فقط...
-لا،لا، لي أصدقاء من الورود والأشجار والحيوانات والبشر، وأنت ستكونين صديقتي.
يمكنني أن ألعب معك، وحولك.
لم تقل الدفلى شيئا، إلا أنها ابتسمت لأول مرة، وفجأة!!! ارتفع صوت بالسماء...
-ريم، أين أنت، ادخلي البيت!
تلك كانت والدة ريم، لم تسمع ريم نداءها، إلا أن الدفلى نبهتها إلى ذلك....
-اذهبي يا صديقتي إلى البيت، فأمك تناديك...
-حسنا، لكن، نحن صديقتان الآن، قالت ريم...
-أجل، نحن صديقتان...
أسرعت ريم إلى البيت فرحة، صعدت إلى غرفتها، فتحت باب الشرفة، المطلة على الدفلى،
لوحت لها بيدها، هبت نسمة خفيفة، راحت الدفلى تتراقص على أنغامها، وتلك كانت أول
مرة ترقص فيها شجرة دفلى.