حكــاية صمت
إياد عماشة – 30\12\2008
إنها حكايتنا..
سنحكيها يوما لكم من البداية.. سنحكيها بطريقتنا.. عن وجع يصيح بآذان العشاق
المتيمين العاشقين لموسيقى العسكر، عن حلم تاه ليلا ولم يصل إلى وسائد الأطفال
الجياع.. عن شعب مرّ في ذاكرةٍ مسحتها الجداول الموسميه.. عنا نحن.. نحن الخونة
دعاة التقدمية.. نحن الذين وعدناكم وما زلنا نعد.. نعدكم أننا لن ننساكم أبدا..
سنجعل لكم يوما سنويا نحتفل فيه بذكرى قيامتكم, وربما نعدّل في تاريخ هذا اليوم
قليلا، فقد يتضارب مع عطلنا الطائفية.
..سنكتب عنكم في كتب أطفالنا. سنحكي لهم حكاية ثورتكم، لكن مع تعديل بسيط..
فتاريخكم يخيف أطفالنا...!!! لذلك سنكتبه بطريقتنا.
وَعَلَمُكم ؟؟
أتعتقدون أنه يناسب المرحلة؟؟ ربما نحذف منه بعض الألوان السمجة، ونضيف له ألواناً
جديدةً تكون أكثر فرحا..
وشعاركم ...؟؟؟
ألا توافقوننا انه لا يناسب رقـتـنا؟؟.. سنحوله إلى رسم فراشة نعلقه في مكاتبنا
وحاناتنا وبيوتنا.. فهو يناسب ألوان الحائط الهادئة.. والتحف الرومانية.. ولا يخيف
زوجاتنا الحبالى.
شعب الخيام..
نعدكم أن نبقى لنفتح الإذاعات والمحطات الفضائية يومياً.. نشاهدكم, نسمعكم ونشفق
عليكم، مع فنجان قهوتنا السادة.. قهوة اليساريين المتملقين لموسيقى إمام.
نعدكم أننا سنضيء شموعا ملونة على أرواح شهدائكم في الساحات..أرأيتم كم أرواحنا
رومانسية؟؟.. ولكن سننتظر حتى نهاية هذا الشتاء فمنا من لا تحتمل مفاصلة البرد..
ويل لهذا البرد المتخاذل مع الإمبريالية..!!
شعب الخيام..
اعذرونا اليوم فهو يوم عطلتنا الرسمية
.. وغدا هو عيد استقلالنا
.. لا وقت لدينا لنقاتل في خندق واحد
.. لكننا على العهد باقون.
أما شعاراتنا فلن نكون إلا جندا أوفياء لها. كيف لا وهي إرث نفاخر به..!!
..إن النظام هو الذي يحدّدُ زمانَ المعركة ومكانها..انه موسيقى تجريدية. كلكم
تذكرون هذا الشعار كان وما زال طوال أربعين عاماً شعار المرحلة، شعارا يصلح لكل
الساعات والشدائد...
شعب الخيام..
إنها حكايتنا وليست حكايتكم..
أنتم لم تفعلوا شيئا سوى أنكم أيقظتمونا من بلادتنا الشعرية..
كنا ننتظر موتكم لنستمتع بكتابة المرثيات الطروبة لأرواحكم المحروقة..
شكرا لأنكم منحتمونا فرصة موتكم، فهي لحظة مناسبة لنخرج في يوم جميل، لنتنزه في
الساحات ولنهلل لصمودكم ..
شعب الخيام..
إنها حكايتنا وليست حكايتكم
سنحكيها بطريقتنا لكن لا تصدقوننا نحن!!!
نحن أبناء العالم الجديد أفّـاقون مذ ولدنا
.. كذابون!! نحن لم نكن يوما يساريين ولم نكن تقدميين
.. كنا فقط ممثلين بارعين، نضع قناع يساريتنا عند الصباح وقبل الظهور على الشاشات،
وننزعه في الليل، ونخفيه حتى عن زوجاتنا.. ونعود لإمبرياليتنا التي لا نتقن سواها.
..كذبنا عليكم.. خناكم ثلاثين مرة قبل صياح الديك.. ولم نكن نمزح
.. مساكين أنتم.. لطيبتكم صدقتم أننا منحازون لكم.. لقد كنا منحازين لبشاعتنا..
شعب الخيام..
متم بصمت، وسنرثيكم بصمت، دون شعارات, دون نصب..
لا ورود مبتذله تلقى على نعوشكم.. لا خطب زعماء قال عنها فارس خشان يوماً أن
"خطبَةً واحدةً كافية بحدّ ذاتها لتحدثَ «كوّة» في جدار العدوّ الإسرائيلي".
وإذا ما زلتم تنتظرون تحديد زمان ومكان المعركة، التي تحتفظ الأنظمة لها وحدها دون
غيرها بهذا الحق... فأقترح أن نخرج سويا لنرثي أملنا بصمت.. وندفنه بصمت.. ونخفي
جثمانه بصمت...